تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن حجر في " فتح الباري " 2/ 376 عقب ذكره حديث أبي هريرة: ((ولكن إسناده ضعيف))، وقال في " بلوغ المرام " عقب (310): ((وهو أقوى من حديث وائل: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدَ وضعَ ركبتيهِ قبلَ يديه. أخرجه الأربعة، فإنَّ للأول شاهداً من حديث ابن عمر رضي الله عنه صححه ابن خزيمة، وذكره البخاريُّ معلّقاً موقوفاً))، وقد تعقّبه الصنعاني في " سبل السلام " عقب (293) فقال: ((وقول المصنف: إنَّ لحديث أبي هريرة شاهداً يقوَى به معارض فإنَّ لحديث وائل أيضاً شاهداً قد قدمناه)).

قلت: والذين قالوا بوضع الركبتين قبل اليدين أكثر وأتقن من مخالفيهم، فقد قال ابن المنذر في " الأوسط " 3/ 166 عقب (1431): ((وبه قال – يعني: بوضع الركبتين – النَّخعيُّ، ومسلم بن يسار، وسفيان الثوري، والشافعيُّ، وأحمد بن حَنْبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقالت طائفة: يضع يديه إلى الأرض إذا سجد قبل ركبته، كذلك قال مالك، وقال الأوزاعيُّ: أدركتُ الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم))، وقال الخَطّابي في " معالم السنن " 1/ 179 - 180: ((واختلف الناس في هذا فذهب أكثر العلماء إلى وضع الركبتين قبل اليدين وهذا أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل وفي رأي العين))، وقال الطحاوي في " شرح المعاني " عقب (1489): ((فنظرنا كيف حكم ما اتفق عليه منها ليعلم به كيف حكم ما اختلفوا فيه منها – يعني الآثار- فرأينا الرجل إذا سجد يبدأ بوضع أحد هذين إما ركبتاه، وإما يداه، ثم رأسه بعدهما، ورأيناه إذا رفع بدأ برأسه فكان الرأس مقدماً في الرفع مؤخراً في الوضع، ثم يثني بعد رفع رأسه برفع يديه ثم ركبتيه وهذا اتفاق منهم جميعاً، فكان النظر على ما وصفنا في حكم الرأس إذا كان مؤخراً في الوضع لما كان مقدماً في الرفع أنْ يكون اليدان كذلك لما كانتا مقدمتين على الركبتين في الرفع أنْ تكونا مؤخرتين عنهما في الوضع، فثبت بذلك ما روى وائل، فهذا هو النظر، وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله تعالى ... )).

قلت: حديث أبي هريرة يدور بين الدراوردي وعبد الله بن نافع وبينهما من الاختلاف ما هو ظاهر للعيان، وقد تُكُلِّم في سماع محمد بن عبد الله بن الحسن من أبي الزناد، قال البخاريُّ في " التاريخ الكبير " 1/ 141 (418): ((ولا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟)) فتعقّبه أحد فضلاء العصر وأقصد به أبا إسحاق الحويني فقال في " نهي الصحبة ": ((ليس في ذلك شيء بتة، وشرط البخاريِّ معروف والجمهور على خلافه من الاكتفاء بالمعاصره إذا أمن من التدليس، وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (المطبوع بحاشية " السنن الكبرى " للبيهقي 2/ 100) عنه: وثّقه النَّسائيُّ، وقول البخاريِّ: لا يتابع على حديثه ليس بصريح في الجرح فلا يعارض توثيق النَّسائيِّ انتهى. ومحمد هذا كان يلقب بالنفس الزكية، وهو براء من التدليس، فتحمل عنعنته على الاتصال، قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " 2/ 135: وأما قول البخاريِّ: لا يتابع عليه، فليس بمضر فإنَّه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر وسبقه الشوكاني إلى مثل ذلك في " نيل الأوطار " 2/ 284 وانتصر لذلك الشيخ المحدّث أبو الأشبال أحمد محمد شاكر في تعليقه على " المحلى " 4/ 124 - 130 فقال بعد أنَّ ساق حديث أبي هريرة: وهذا إسناد صحيح ومحمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية وهو ثقة وقد أعل البخاريُّ الحديث بأنَّه لا يدري سمع من محمد بن أبي الزناد أو لا؟ وهذه ليست علة، وشرط البخاري معروف لم يتابعه عليه أحد، وأبو الزناد مات سنة130هـ بالمدينة ومحمد مدني أيضاً غلب على المدينة، ثم قتل سنة 145هـ وعمره 53 سنة، فقد أدرك أبا الزناد طويلاً)) انتهى كلامه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير