ووقفت على مثال آخر بخصوص تضعيف حديث سندا ومتنا في الصحيحين او احدهما فيكون هذا المثال نوع آخر من الأحاديث الضعيفة القليلة التي في الصحيحين التي لا تجاوز عدد اصابع اليد او اليدين كما قال الألباني إذ ضعف الألباني حديثا في صحيح مسلم في السلسلة الضعيفة ح 5825 حيث قال الألباني:
5825 - (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القبامة: الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها).
ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4/ 391 - هندية): حدثنا مروان بن معاوية عن عمر بن حمزة العمري قال: عبد الرحمن بن سعد - مولى لأبي سفيان - قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم (4/ 157)، وأبو نعيم في " الحلية " (10/ 236 - 327).
وخالفه في اللفظ الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني: ثنا مروان بن معاوية الفزاري به؛ إلا أنه قال:
" إن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة رجل يفضي. . . " الحديث.
أخرجه البيهقي في " السنن " (7/ 193 - 194).
وتابع الزعفراني: يحيى بن معين فقال: ثنا مروان بن معاوية به؛ إلا أنه زاد
في أوله (من)؛ فقالت:
" إن من أعظم. . . " الحديث.
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (197/ 608). وقال أحمد (3/ 69): ثنا إسماعيل بن محمد - يعني: أبا إبراهيم المعقب -: ثنا مروان - يعني: ابن معاوية الفزاري - به.
وأبو إبراهيم هذا؛ وثقه أحمد، وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (6/ 265 - 266)، و " التعجيل ".
وتابع مروان بن معاوية على هذا اللفظ: أبو أسامة عن عمر بن حمزة به.
أخرجه مسلم وأبو داود (2/ 297 - التازية)، وأبو نعيم أيضا (10/ 236).
قلت: يبدو جليا من هذا التخريج أن اللفظ الأخير أرجح مما قبله؛ لمتابعة أبي أسامة لمروان عليه، لكن مدارها كلها على عمر بن حمزة العمري؛ وهو ممن ضعف من رجال مسلم؛ فقال الذهبي في كتابه " الكاشف ":
" ضعفه ابن معين والنسائي. وقال أحمد: أحاديثه مناكير ". وكذا قال في
" الميزان "، وزاد:
" قلت: له عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي سعيد مرفوعا: " من شرار الناس منزلة يوم القيامة رجل يفضي إلى المرأة. . . " الحديث. فهذا مما استنكر لعمر ".
قلت: ولذلك؛ جزم الحافظ بضعفه في " التقريب "؛ فقال:
" ضعيف ".
وهو بذلك يعطي القارئ خلاصة الأقوال التي قيلت في الرجل من تعديل
وتجريح.
قلت: وروايته لهذا الحديث على اللفظين المتقدمين:
ا - " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة. . . ". 2 - " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة. . . ".
أقول: " فاضطرابه في روايته لهذا الحديث الواحد على هذين اللفظين اوشتان ما بينهما من حيث المبنى والمعنى؛ لدليل واضح على سوء حفظه، وقلة ضبطه، وتقدم له حديث آخر في النهي عن الشرب قائما، زاد فيه:
" فمن نسي؛ فليستقئ " (رقم 927).
فلا جرم أنه ضعفه من تقدم ذكرهم من الأئمة والحفاظ المتقدمين والمتأخرين، وعليهم كنت اعتمدت في تضعيف الحديث في " آداب الزفاف في السنة المطهرة ".
ثم اقتضى ما أوجب إعادة الكلام عليه بزيادة في التحقيق والتخريج، ذلك أن أحد الإخوان الأفاضل - جزاه الله خيرا - أرسل إلي بالبريد المسجل كتابا، بعنوان: " تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم "، تأليف محمود سعيد ممدوح، فعرفت من اسم الكتاب ومؤلفه أنه حاقد حاسد من أولئك المبتدعة الذين يتتبعون العثرات، ويبغونها عوجا، ولما تصفحته رأيت فيه العجب العجاب من التحامل وسوء الظن والتجهيل والتطاول علي، وغير ذلك مما لا يمكن وصفه وحصره في هذه الكلمة العجالة، وأصل ذلك أنه وضع قاعدة من عنده نسبني من أجلها إلى مخالفة الإجماع، وما هو إلا الذي حل في مخه؛ فقال (ص 7):
" أما مخالفته للإجماع فإن الأمة اتفقت على صحة ما في مسلم من الأحاديث وأنها تفيد العلم النظري، سوى أحرف يسيرة معروفة وهي صحيحة، لكنها لا تفيد العلم "!
كذا قال المسكين من عندياته: " وهي صحيحة "!
¥