تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن أجمع المفسرون (بالمعنى الأول) على تأويل الاستواء مثلا، فليس هذا الإجماع بحجة؛ لأن المفسرين (بالمعنى الثاني) من الصحابة والتابعين قد خالفوهم فلم يتحقق إجماع حقيقي.

وهنا مسألة أخرى، وهي أنه لا يلزم من عدم مخالفة المفسرين عدم التدبر، بل قد يكون التدبر في استخراج الأوجه المؤيدة لأقوال المفسرين؛ لأنهم كثيرا ما يطلقون الأقوال باختصار وإجمال يحتاج إلى بيان، وإذا نظرت في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكذلك كلام ابن القيم في التفسير، وجدت فيه كثيرا من المباحث الدقيقة التي لم يتعرض لها السلف، ولكنها مع ذلك لا تخالف شيئا من كلام السلف، بل هي في الحقيقة مشتقة من كلام السلف، مبنية على التدبر ودقيق النظر في معاني الآيات، فالمقصود أنه لا يلزم من اتباع المفسرين عدم التدبر لآيات الله عز وجل.

والمسألة الأخيرة التي تعرضتم لها افتراضية محضة، ولا أظنها واقعة، ويشبه هذه المسألة ما يقوله كثير من الباحثين في الإعجاز العلمي عن افتراض مخالفة إجماع المفسرين للكشوف العلمية، وقد سمعت الشيخ مساعدا الطيار حفظه الله يقول: إنه بالتتبع والاستقراء ظهر أنه لم يوجد إجماع قط من المفسرين على خلاف كشف علمي حديث، بل الأكثر أن يكون قول المفسرين من السلف موافقا لمثل هذه الكشوف.

ويمكن أن يقال من جهة أخرى:

إن المسألة التي أجمع عليها المفسرون إما أن يكون لها ثمرة شرعية وإما أن لا يكون لها ثمرة شرعية، فإن لم يكن لها ثمرة شرعية، فليس عندنا دليل حينئذ على أن هذا الإجماع واجب الاتباع؛ لأن الله عز وجل أخبرنا أن شرعه ودينه محفوظ، فما لم يكن من أمور الدين فهو خارج عن هذا الباب.

أما إن كان للمسألة ثمرة شرعية (سواء كانت المسألة لغوية أو علمية أو حتى تاريخية) فإن اتفاق المفسرين حينئذ واجب الاتباع؛ لأن حفظ الدين المكفول من قبل الله عز وجل يستلزم حفظ القول الصحيح في هذه المسألة.

والله أعلم.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 - 01 - 08, 05:02 ص]ـ

شيخنا أبا مالك ...

عندي تحفظات علي بعض كلامكم:

1 - أستغرب منكم ذلك التقسيم الثنائي للمفسرين ..

المفسرون لهم تعريف واحد ... وهم المشتغلون بتفسير كتاب الله على نحو منهجي .. أما المعنى الثاني فلا حاصل منه ... ولا يخطر ببال أحد يتكلم جديا عن المفسرين ... وافتراضكم أنني قد أقصد ذلك المعنى العام مستغرب جدا عندي.

2 - كلامكم كله مداره على احترام أو خرق إجماع المفسرين .. وهو غير مقصود في كلامي .. فأنا أتكلم عن جواز إحداث قول جديد مخالف لأقوال المفسرين بدون تقييد بإجماعهم .. إجماعهم هو فقط حالة من الحالات الممكنة.

3 - التدبر في استخراج الأوجه المؤيدة لأقوال المفسرين ... هل يسمى تدبرا؟

هنا حالتان:

-أن يتدبر الآيات فيصل إلى نتيجة يكون فيها تأييد لقول مفسر .. فهذا تدبر حقيقي .. لأن الموافقة بعدية أي طارئة.

-أن ينطلق من موافقة قبلية ويبحث لها عن وجوه ... فهذا منهج قبيح هو صورة من صور: اعتقد واستدل!!

4 - المسألة الافتراضية التي ذكرتها هي تمثيل للتوضيح لا غير .. وليس قصدي أن تكون واقعية أو وهمية ...

5 - لم أتبين معنى الثمرة الشرعية ... فالثمرة عادة هي ما يتحصل من آلات ووسائل .... فالصوفي مثلا يفسر القرآن على نهجه .. والثمرة الشرعية عنده هي السياحة والخروج للخلوات ... والجبري يفسر القرآن على نهجه ... والثمرة الشرعية عنده هي الدعاء الشكلي والاحتجاج بالقدر .. والخارجي يفسر آيات الوعيد على نهجه .. والثمرة الشرعية عنده هي قتل المسلمين وعدم تزويج بناته لذكورهم وهكذا ..

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[04 - 01 - 08, 06:25 ص]ـ

وفقك الله يا شيخنا الكريم

الثمرة الشرعية أعني بها: (حرام - حلال)، (جنة - نار)، فإن هذه الثمرة تمنع أن يكون القول المحدث له حقيقة.

ـ[رشيد]ــــــــ[04 - 01 - 08, 07:55 ص]ـ

إذا جاز للسابق ما الذي يمنع الللاحق

ثم كيف نفهم "لاتنقضي عجائبه"

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 - 01 - 08, 09:03 ص]ـ

إذا جاز للسابق ما الذي يمنع الللاحق

لا يخفى أن المراد بالجواز هو المصداقية والقبول ... وليس الوقوع والتحقق ...

التفاسير المبتدعة وقعت وتحققت وسيقع ويتحقق أمثالها دائما ... لكن مدار الأمر على الحكم لا على وقوعها ..

وهذا سؤالي بصيغة أخرى:

هل يقبل ويعتد بقول مفسر متأخر خالف به كل من سبقه ...

رأيي الشخصي أنه لا يرفض ولا يقبل قول المتأخر مبدئيا .. بل لا بد من اعتبار المسألة بخصوصها .. فإن كانت مما يحتمل الخلاف مثلا نظرنا في دليل المتأخر .. فإن كان أقوى رجح بدون حرج ... وإن كانت لا تحتمل الخلاف لم يجز ..

وعدم احتمال الخلاف له صور أخرى غير الإجماع ..

مثلا قد نجد عند المفسرين خمسة أقوال لتفسير معنى كلمة .. فلا إجماع وقع ... ولكن لا أرى للمتأخر أن يقول قولا سادسا .. لأن توليد الدلالات غير مقبول ..

هذا مثل حسي:

هل يجوز أن نفسر ذرة في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}

بالمعنى الفزياوي الحديث ... أي نيوترنات وألكترونات .... ؟؟

أقول لا يجوز ... وإن كان المفسرون مختلفين في معنى ذرة ولم يجمعوا على معنى واحد ... لأن اختلافهم يدور على احتمالات دلالية مقبولة في العربية .. أما المعنى النووي فلا ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير