مع انه معلوم ان المصحف الذي جمعه ابو بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - والمصاحف التي نسخها عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ليس فيها شيء من اسماء السور قبلها ولا كانت منقوطة ولا مشكولة ولا مرقمة. فكيف يزعم انها توقيفية؟ ,
, وقد وقع الاختلاف في التسمية بين السلف, بل صح عن النبي تسمية بعض السور بأكثر من اسم , وقد كان أغلب العلماء يشتقوا اسما للسورة من قول للنبي , وقد ثبت أن ها سميت أمام النبي بغير ما هو مثبت في أوائل السور فلم ينكر كما في سورة الاخلاص. مثال ذلك:قال ابن كثير:
سُورَة الْفَاتِحَة
. يُقَال لَهَا
الْفَاتِحَة أَيْ
فَاتِحَة الْكِتَاب خَطًّا وَبِهَا تُفْتَح الْقِرَاءَة فِي الصَّلَوَات وَيُقَال لَهَا أَيْضًا
أُمّ الْكِتَاب عِنْد الْجُمْهُور ذَكَرَه أَنَس , وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ كَرِهَا تَسْمِيَتهَا بِذَلِكَ قَالَ الْحَسَن وَابْن سِيرِينَ إِنَّمَا ذَلِكَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَقَالَ الْحَسَن الْآيَات الْمُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَلِذَا كَرِهَا أَيْضًا أَنْ يُقَال لَهَا
أُمّ الْقُرْآن وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عِنْد التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ - قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ أُمّ الْقُرْآن وَأُمّ الْكِتَاب وَ
السَّبْع الْمَثَانِي وَ
الْقُرْآن الْعَظِيم " وَيُقَال لَهَا
" الْحَمْد " وَيُقَال لَهَا
" الصَّلَاة " لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبّه " قَسَمْت الصَّلَاة بَيْنِي وَبَيْن عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْد الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّه حَمِدَنِي عَبْدِي " الْحَدِيث. فَسُمِّيَتْ الْفَاتِحَة صَلَاة لِأَنَّهَا شَرْط فِيهَا وَيُقَال لَهَا
" الشِّفَاء " لِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا " فَاتِحَة الْكِتَاب شِفَاء مِنْ كُلّ سُمّ" وَيُقَال لَهَا
" الرُّقْيَة " لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد فِي الصَّحِيح حِين رَقَى بِهَا الرَّجُل السَّلِيم فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَة "؟ وَرَوَى الشَّعْبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ سَمَّاهَا
" أَسَاس الْقُرْآن" قَالَ وَأَسَاسهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم وَسَمَّاهَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ
" بِالْوَاقِيَةِ " وَسَمَّاهَا يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير
" الْكَافِيَة " لِأَنَّهَا تَكْفِي عَمَّا عَدَاهَا وَلَا يَكْفِي مَا سِوَاهَا عَنْهَا كَمَا جَاءَ فِي بَعْض الْأَحَادِيث الْمُرْسَلَة" أُمّ الْقُرْآن عِوَض مِنْ غَيْرهَا وَلَيْسَ مَنْ غَيْرهَا عِوَض مِنْهَا " وَيُقَال لَهَا سُورَة
" الصَّلَاة
وَ الْكَنْز " ذَكَرَهمَا الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافه.
اذا يوجد اختلاف, ولو كانت توقيفية لالتزم أصحاب النبي رضوان الله عليهم باسم واحد وكذلك السلف من بعدهم.وان كان قد صح تسمية السور من النبي بأسماء مختلفة كما في سورة الفاتحة. الا انه لم يثبت ذلك لاسماء بعض السور عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
فالقول بأنها توقيفي يوجب عدم تسميتها الا بما ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأن يكون كل اسم غير ثابت عن النبي هو مخالفة لأصل الحكم.فيلزم من يقول بأنها توقيفية أن يورد دليله على منع تسمية السورة بغير ما صح تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والتسميات معلومة بالسبع الطوال والمثاني ونحوها ... والاحاديث في هذا المجال معروفة
اكر اخواني أن قولا معتبرا في تفسير الحروف المقطعة انها اسماء للسور. قال ابن كثير:
وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عنه، أنه قال: الم، اسم من أسماء القرآن.
وهكذا قال قتادة، وزيد بن أسلم، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد: أنه اسم من أسماء السور، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن، فإنه يبعد أن يكون "المص" اسما للقرآن كله؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول: قرأت "المص"، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف، لا لمجموع القرآن. والله أعلم. تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 157)
¥