تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ههنا في هذا الحديث، يقول لنا هذا القرآن مثله كمثل غيث والتعبير بالغيث غير التعبير بالمطر، إذ الغيث وظيفته الرحمة "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا و ينشر رحمته وهو الولي الحميد" وأغلب ما ورد – كما نص العلماء – لفظ المطر في القرآن في العذاب "وأمطرن عليهم مطرا فساء مطر المنذرين" والغيث هو اللفظ المفضل في الاستعمال القرآني."كمثل غيت أصاب أرض" الناس في علاقتهم بهذا الغيث أصناف ثلاثة صنف هو المختار، وهو المفضل وهو النموذج، هو الصنف الذي يشير صلى الله عليه وسلم في الأخير في قوله "فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم فعلم وعلم" علم "اصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء" ما رفضت سمحت له بأن يتخلل كيانها، "وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج" إذا لم تقبل الماء لن تهتز ولمن تربو، استقبلته، ووعته، وعملت به، ثم أرسلته وبلغته وعلمته بجميع معاني التعلم، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. فهذه أرض طيبة. والنوع الثاني: أرض ما قبلت الماء، لكن أمسكته، هي الأرض الطينية، النوع الطيني الذي لا يسمح للماء بأن يتخلله. هي ما يوجد في البحيرات، البحيرات هي أماكن تمسك الماء، وليس كالأراضي الزراعية التي تقبله فتنبت الكلأ، لا تستفيد منه لذلك فهي لا تنبت لكن الناس يستفيدون منها، ورغم أنها هي لا تستفيد فالناس يشربون، "فشرب الناس منها وسقوا وزرعوا" فلها فائدة وإن لم تستفد هي، وهذا النوع يحمل القرآن وإن كان هو كالحمار يحمل أسفارا، لكن ما في الأسفار ينتفع به الناس، وإن كان الحمار لا ينتفع. والنوع الثالث: أرض إنما هي قيعان، نوع قيعان، إذا نزل عليها الماء لا تسمكه أصلا كالأرض في الطائفة الثانية ولا تنبت كالطائفة الأولى، فهي لا تنفع ولا تنتفع.جلى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المثل بالتلخيص فذلك مثل من فقه في دين الله، ونحن نعلم أن هذا الفقه في الدين هو سر التفعيل، وسر العطاء، الناس معادن، كمعادن الذهب الفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، "فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".هذا الذي فقه "مثل ما بعثني الله به فعلم وعلم" إذ الرسالة مستمرة، والأمة شاهدة، ووظيفتها الشهادة على الناس، وهذه الشهادة لا تتيسر إلا بالأمرين معا، التعلم والتعليم، و "إنما العلم بالتعلم" كما في الحديث الصحيح ولا بد من تعليم ما يُعلم لتتواصل الأمانة، وتتواصل الشهادة حتى قيام الساعة. فذلك مثل من فقه في دين الله فعَلٍمَ وعلٌم، أما من لم يقبل هدى الله، فمن أين له فقه الدين، حتى ينتظر الناس منه الخير الكثير أو القليل؟ وعليه، فإن المخصِّب لهذا المعدن البشري، ولهذا الصلصال، إنما هو هذا القرآن، هو الذي يخصّبه، فيحدث الفعل الحضاري الصالح، من جنس ما أحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدثه الصحابة رضوان الله عليهم من بعده، وأحدثه الجيل الراشد الذي حمل النور في الكرة الأرضية شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، في ظرف قياسي لم تعرفه أمة من الأمم قط. خاتمةوأخيرا ما الذي يجب على هذه الأمة الآن لكي تتوب من هجر القرآن، إننا نحتاج إلى توبة نصوح، ولاسيما في جبهة التعليم، ذلك بأن التعليم هو: الذي ينزل الغيث أو ينزل القحط، ويسجله في قلوب الأطفال، وقلوب الشباب، وقبل التعليم توجد الأسرة، ومع التعليم يوجد الإعلام. فالمعلمون الكبار للخير أو للشر مؤسسات ثلاث:1 - مؤسسة الأسرة: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ... "والفطرة هي الإسلام، لقول الله تعالى ?فَأَقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم?. ولقول الله عزوجل في الحديث القدسي:"خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ... " لماذا الأبوان؟ لأن الاحتكاك الأول بهما، فإذا قام الأبوان بوظيفتهما في غرس روح القرآن، وفي غرس هداية القرآن، فإن شوطا كبيرا سيقطع في اتجاه إعادة الأمة إلى التاريخ، وإلى الرشد والعطاء الحضاري.2 - مؤسسة التعليم:لأن التعليم يتلقى الطفل في سن مبكرة، ويحدث التأثير فيه بطرق متعددة، بطرق القدوة الذي هو الأستاذ أو الأستاذة، وبطرق الوسائل والوسائط السمعية والبصرية، وبطرائق المعلومات التي يقدمها له، وبطرائق وطرائق ... كل ذلك يدفع في اتجاه واحد هو: جعل هذا المتعلم قد خزن فيه وأعد لما ينفع الناس ويمكث في الأرض، أو خزن فيه وأعد لما يضر الناس ويفسد الأرض، وهذه حقيقة تثير تساؤلا ضخما، عن رسالة التعليم ووظيفة التعليم في الأمة اليوم، ماهي تلك الرسالة؟ وما هي تلك الوظيفة؟ مانوعية الخريج الذي ينبغي أن يصنعه التعليم في الأمة اليوم، التعليم معمل، فأي إنتاج ينتج؟ وأي خريج يٌخَرِّج؟ لابد أن نتساءل عن هذه النقطة ولابد أن نتعاون على جعل التعليم مؤسسة لتربية وتكوين الخريج الذي أصله ثابت ورأسه في السماء يوتي أكله كل حين بإذن ربه.3 - مؤسسة الإعلام: الإعلام اليوم أصبحت له وسائل لا تستأذن أحدا، ولا تقبل محاصرة أو تحديدا، أصبحت تدخل إلى عمق البيت، وتدخل إلى عمق المدرسة، وتكتسح الشوارع، وتكتسح المؤسسات ... هذا الإعلام ما رسالته الحقيقية أيضا؟ إن رسالته: أن يعلم الناس الخير، إن رسالته أن يعلّم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، إن رسالته التمكين لروح القرآن ونور القرآن وهدى القرآن لانقاد هذا الإنسان. ولو يعلم الإعلاميون كم أعد الله لهم من الأجر حين يحسنون تعميم الخير لطاروا من الفرح، فالله الله في الأمة أيها الإعلاميون. وإن الله لا يضع اجر من أحسن عملا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير