8 - تقدر الحركات الثلاث على آخر الاسم المضاف لياء المتكلم، مثل: هذا كتابى، قرأت كتابى، وانتفعت بكتابى. فكلمة: "كتاب" الأولى خبر مرفوع بضمة مقدرة؛ منع من ظهورها الكسرة التى جاءت لمناسبة ياء المتكلم. "كتاب" مضاف، و "ياء المتكلم" مضاف إليه، مبنى على السكون فى محل جر. وكلمة: "كتاب" الثانية. مفعول منصوب بفتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها الكسرة التى جاءت لمناسبة ياء المتكلم، و "ياء المتكلم" مضاف إليه مبنى على السكون فى محل جر. وكلمة: كتاب" الثالثة مجرورة بالياء، وعلامة جرها كسرة مقدرة منع من ظهورها الكسرة الظاهرة، التى جاءت لمناسبة ياء المتكلم، وياء المتكلم مضاف إليه ...
وبعض النحاة لا يوافق على أن الكسرة فى حالة الجر مقدرة، وإنما هى الكسرة الظاهرة وهو إعراب أحسن، إذ لا داعى للتعقيد والإعنات والتطويل، ويجدر الأخذ بهذا وحده.
ولما كانت ياء المتكلم قد تنقلب ألفا أحيانًا، فنقول، فى يا "صاحبى"؛ و "صديقى": يا "صاحبَا" و يا "صديقَا ... كانت كلمة: "صاحب" و "صديق" منادى منصوب بفتحة مقدرة، منع من ظهورها الفتحة التى جاءت لمناسبة الألف، التى أصلها ياء المتكلم. وصاحب، وصديق: مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفا: مضاف إليه، مبنى على السكون فى محل جر. ومن الممكن فى هذه الحالة مراعاة التيسير بأن نعرب كلمة "صاحب" و "صديق" منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفًا: مضاف إليه ... وهو إعراب محمود؛ لخلوه من الإطالة التى فى سابقه.
9 - يُقَدر السكون على الحرف الأخير من الفعل، إذا تحرك للتخلص من التقاء الساكنين؛ مثل؛ لم يكن المحسن ليتأخرَ عن المعونة. فقد تحركت النون بالكسر، مع أن الفعل مجزوم بلَم، لأن هذه النون الساكنة قد جاء بعدها كلمة أولها حرف ساكن، وهو اللام، فالتقى ساكنان لا يجوز التقاؤهما، فتخلصنا من التقائهما بتحريك النون بالكسر، كالشائع فى مثل هذه الحالة؛ فكلمة: "يكن" مضارع مجزوم بـ"لم"، وعلامة جزمه سكون مقدر، بسبب الكسرة التى جاءت للتخلص من الساكنين ... ومن الممكن مراعاة التيسير هنا بأن نقول، مجزوم وحرك بالكسر للتخلص من الساكنين.
10 - يقدر السكون على الحرف الأخير من الفعل، إذا كان مجزومًا مدغمًا فى حرف مماثل له، نحو: لم يمدَّ العزيز يده، ولم يفرَّ الشجاع. فكل من كلمة: "يمد"، و "يفر" مجزوم الآخر، وعلامة جزمه السكون المقدر، منع من ظهورها الفتحة التى جاءت للتخلص من الساكنين. ويمكن التيسير بالاختصار هنا.
11 - كذلك يقدر السكون على الحرف الأخير من الفعل الذى حرك لمراعاة القافية، مثل قول الشاعر:
*وَمهْمَا تكُنْ عند امْرِئٍ من خَليقةٍ * وإنْ خالها تَخفىَ على الناس تُعْلَمِ*
فكلمة "تُعَلمِ" مضارع مجزوم فى جواب الشرط، وعلامة جزمه السكون المقدر، الذى منع من ظهوره الكسرة التى جاءت لمراعاة القافية؛ ذلك أن كل الأبيات التى قبل هذا البيت مختومة بميم مكسورة، فلم يكن بد من كسر آخر الفعل لمراعاة القافية. ولا مانع من التيسير بالاختصار، بل إنه حسن كحسنه فى كل المواضع التى سبقت.
إلى هنا انتهى أظهر المواضع التى تقدر فيها الحركات الإعرابية.
* * *
ثانيا - أشهر المواضع التى تقدر فيها الحروف النائبة عن الحركات الأصلية هى:
1 - تقدر الحروف التى تعرب بها الأسماء الستة، إذا جاء بعد تلك الحروف ساكن، مثل: جاء أبو الفضل؛ وذلك لحذفها فى النطق فقط - كما تقدم فى "حـ" من ص 106؛ - أما فى الخط فلا بد من كتابتها. فإن رُوعى المكتوب فلا تقدير. والأفضل فى النطق أن نقف - عند الإعراب - على آخر كلمة: "أبو" فتظهر الواو؛ فلا يكون هناك تقدير فى الحالتين، ونستريح من التشعيب فى القاعدة الواحدة.
2 - تقدر ألف المثنى المضاف إذا جاء بعدها ساكن، مثل: ظهر نجمَا الشرق، وذلك لحذفها فى النطق دون الكتابة - كما سبق أما عند إعراب المكتوب فلا تقدير. وهنا يقال ما قيل فى الحالة السابقة.
3 - تقدر واو جمع المذكر السَّالم وياؤه إذا كان مضافًا، وجاء بعدهما ساكن؛ مراعاة لحذفهما فى النطق: مثل: تيقظ عاملو الحقل مبكرِين، ورأيت عاملى الحقل فى نشاط. ولا تقدير عند إعراب المكتوب. وهنا يقال ما قيل فى الحالة الأولى. وشرط التقدير أن يكون جمع المذكر غير مقصور؛ فإن كان مقصورًا لم تحذف الواو ولا الياء، لأن ما قبلهما مفتوح دائمًا، فلا توجد علامة مناسبة قبلهما، تدل على الحرف المحذوف، ولهذا يتحركان فقط؛ مثل: سافر مصطفَوُ الفصل فى رحلة؛ (جمع؛ مصطفىً)، استقبلت مصطفَىِ الفصل.
4 - تقدر واو جمع المذكر المضاف إلى ياء المتكلم فى حالة الرفع؛ مراعاة لحذفها فى النطق، مثل جاء صاحبِىَّ؛ (وقد سبق).
5 - تقدر النون فى الأفعال الخمسة عند تأكيدها، مثل: لا تكتُبُنَّ فالمضارع مسند إلى واو الجماعة المحذوفة ... وقد سبق التفصيل فى ص 88 وما بعدها.
(حـ) قال تعالى: {إنه منْ يَتَّقِ ويصْبِرْ فإن الله لا يُضيعُ أجرَ المحسنين". فكلمة "مَنْ" هنا شرطية، والفعل "يَتَّقِ"؛ مضارع مجزوم؛ لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف الياء؛ "ويصبر": مضارع مجزوم، لأنه معطوف عليه، وقرأ بعض القراء: {إنه من يَتَّقِى ويصبرْ} بإثبات الياء فى آخر: "يتقى"، وإسكان الراء فى آخر "يصبرْ"، مع عدم الوقف عليها. فإثبات الياء إنما هو على اعتبار "من" شرطية و "يتقى" مضارع فعل الشرط مجزوم بحذف السكون المقدر على الياء تبعاً لتلك اللغة، التى لا تحذف حرف العلَّة للجازم، وإنما تبقيه وتحذف الحركة المقدرة عليه فقط: و"يصبر" مضارع مجزوم معطوف عليه. ويصح أن يكون "منْ" اسم موصول والفعل "يتقى" مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، و "يصبرْ" مضارع معطوف عليه مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها السكون العارض لأجل التخفيف، أو لأجل نية الوقف فى حالة الوصل (أى: وصل: "يصبر" عند القراءة، بالكلام الذى بعدها، وعدم الوقف عليها). وهناك آراء أخرى نرى الخير فى إهمالها.
من كتاب النحو الوافي
¥