ـ[صالح الجزائري]ــــــــ[11 - 06 - 07, 01:11 ص]ـ
تُقَدَّرُ الْحَركَات كلُّهَا في نَحْوِ: «غُلاَمِي» وَنَحْوِ: «الْفَتَى» وَيُسَمَّى مَقْصُوراً، والضمة والكسرةُ في نحو: «القَاضِي» ويُسَمَّى مَنْقُوصاً، والضمَّةُ وَالفَتْحَةُ في نحو: «يَخْشَى» والضمَّةُ في نحو: «يَدْعو» و «يَرْمِي».
أقسام الإعراب التقديري
وأقول: الذي تقدر فيه الحركات ثلاثة أنواع: ما تقدر فيه الحركات الثلاث، وما تقدر فيه حركتان، وما تقدر فيه واحدة.
القسم الأوّل: ما تقدّر فيه الحركات الثّلاث
فأما الذي تقدر فيه الثلاث فنوعان؛ أحدهما: ما أضيف إلى ياء المتكلم وليس مثنى، ولا جمع مذكر سالماً، ولا منقوصاً، ولا مقصوراً، وذلك نحو: «غُلاَمِي» و «غِلْمَانِي» و «مُسْلِمَاتِي» فهذه الأمثلة ونحوها تُعْرَبُ بحركات مقدرة على ما قبل الياء، والذي مَنَعَ من ظهورها أنهم التزموا أن يأتوا قبل الياء بحركة تجانِسُهَا، وهي الكسرة، فاستحال حينئذٍ المجيءُ بحركات الإعراب قبل الياء؛ إذ المحلُّ الواحِدُ لا يقبل حركتين في الآننِ الواحد، فتقول: «جَاءَ غُلاَمِي» فتكون علامةُ رفعهِ ضمةً مقدرة على ما قبل الياء، و «رَأيْتُ غُلاَمِي» فتكون علامةُ نصبه فتحةً مقدرة على ما قبل الياء، و «مَرَرْتُ بِغُلاَمِي» فتكون علامة جره كسرةً مقدرة على ما قبل الياء، لا هذه الكسرة الموجودة كما زعم ابن مالك؛ فإنها كسرة المناسبة، وهي مُسْتَحَقَّة قبل التركيب، وإنما دخل عامل الجر بعد استقرارها.
واحترزْتُ بقولي: «وليس مثنى ولا جمع مذكر سالماً» من نحو: «غُلاَمَايَ» (وَغُلاَمَيَّ) و «مُسْلِميَّ» فإن الياء تثبت فيهما جراً ونصباً مُدْغَمَة في ياء المتكلم؛ والألف تَثْبُتُ في المثنى رفعاً، وليس شيء من (الحرف) المدغم ولا من الألف قابلاً للتحريك. ومن محاسن بعض الفضلاء، أنَّه كتب من مدينة قوص إلى الشيخ العلامة بهاء الدِّين محمد بن النحاس الحلبي ـــ رحمه الله ـــ يتشوَّقُ إليه، ويشكو له نُحُولَهُ؛ فقال: (الكامل)
19 سَلَّمْ عَلَى المَوْلَى الْبَهَاءِ، وَصِفْ لَهُ *****شَوْقِي إِلَيْهِ، وَأَنَّني مَمْلُوكُهُ
أَبَداً يُحَرِّكُنِي إِلَيْهِ تَشَوُّقِي *****جِسْمِي بِهِ مَشْطُورُهُ مَنْهُوكُهُ
لكِنْ نَحِلْتُ لبُعْدِهِ؛ فكأنَّنِي ******ألِفٌ، وَلَيْسَ بِمُمْكِننٍ تَحْرِيكهُ
القسم الثاني: ما تقدّر فيه الحركتان
وأما الذي تُقَدَّر فيه الحركتان فنوعان:
أحدهما: ما تُقدَّرُ فيه الضمَّة والكسرة فقط، وتظهر فيه الفتحة، وهو المنقوص، وهو: الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة، نحو: «الْقَاضِي» و «الدَّاعِي» تقول: «جَاءَ الْقَاضِي» و «مَرَرْتُ بالْقَاضِي» بالسكون، و «رأيْتُ الْقَاضِيَ» بالتحريك، وإنَّما قدرت الضمَّة والكسرة للاستثقال، وإنما ظهرت الفتحة للخفة، قال الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} (العَلق: الآية 17) {أَجِيبُواْ دَاعِىَ اللَّهِ (الأحقاف: الآية 31)} {وَإِنّي خِفْتُ الْمَوَالِىَ (مريَم: الآية 5)} كلاَّ إِذَا بَلَغَتتِ التَّرْاقِيَ. والتراقي: جمع تَرْقُوَةٍ ـــ بفتح التاء ـــ وهي العَظْمُ الذي بين ثُغْرَةِ النحر والعاتق.
والنّوع الثَّاني: ما تقدر فيه الضمة والفتحة، وهو الفعل المعتل بالألف، تقول: «هُوَ يَخْشَى» و «لَنْ يَخْشَى» فإذا جَاءَ الجزمُ ظهر بحذف الآخر؛ فقلت: «لم يَخْشَ» قال الله تعالى: {وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا (القَصَص: الآية 77)}.
القسم الثَّالث: ما تقدّر فيه حركة واحدة
وأما الذي تُقَدَّر فيه حركة واحدة فهو شيئان: الفعل المعتلُّ بالواو كـ «يَدْعُو» والفعل المعتل بالياء كـ «يَرْمِي» فهذَاننِ تُقَدَّرُ فيهما الضمَّةُ فقط للاستثقال؛ تقول: «هو يَدْعُو»، و «هُوَ يَرْمِي» فتكون علامةُ رفعهما ضمةً مقدرةً، ويظهر فيهما شيئان، أحدهما: النصب بالفتحة، وذلك لخفتها نحو: «لَنْ يَدْعُوَ» و «لَنْ يرمِيَ» قال الله تعالى: {لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلهاً (الكهف: الآية 14)} {لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا (هُود: الآية 31)} {لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهِ (الفُرقان: الآية 49)} {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَدِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى} (القِيَامَة: الآية 40) {لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْولُهُمْ (آل عِمرَان: الآية 10)}. الثاني: الجزمُ بحذف الآخر، نحو: «لم يَدْعُ» و «لم يَرْمِ» قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (الإسرَاء: الآية 36)} {وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الاْرْضِ (القَصَص: الآية 77)} {وَلاَ تَمْشِ فِى الاْرْضِ مَرَحًا (الإسرَاء: الآية 37)} وانتصابُ (مَرَحاً) على الحال، أي: ذا مَرَححٍ وقرىء (مَرِحاً) بكسر الراء.
من كتاب شرح شذور الذهب
ـ[الحادرة]ــــــــ[11 - 06 - 07, 05:20 م]ـ
شكرا أخي صالح على مجهودك بارك الله فيك. وزادك الله من علمه.