تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في أواخر 1930 دخل كليّة الحقوق، وكانت تسمّى معهد الحقوق، وكان قد سجَّل فيها قبل ذلك بسنتين بعد أخذه الثَّانوية الأولى على أن يُتمَّ الثَّانوية الثانية بعد ذلك، لكن سفره إلى مصر وعودته متأخراً وقد انتهى القبول أخَّره عن دخول الكليَّة سنتين، وكان من أساتذته فيها الأستاذ فارس الخوري والشيخ أبو اليسر عابدين والأستاذ سعيد محاسن. كانت حياته مزدحمة بالتدريس والصَّحافة والعمل العام مع "لجنة الطلبة" و"الكتلة الوطنيَّة" بين الخطابة وقيادة المظاهرات وتنظيم الإضرابات، والمشاركة في نشاطات الجمعيَّات الإسلاميَّة، بالإضافة إلى دروس العلم وحلقات المشايخ، وكان هذا دأبه طوال العام حتى إذا اقترب الامتحان وبقي أمامه شهرٌ واحد، عندها يعتزل الناس ويختفي في مكان لا يعرفه أحد، وكان غالباً دار خال أبيه الشَّيخ عبد الوهاب قرب المسجد الأموي، وينكبُّ على كتبه ومذكَّراته الدِّراسية لا ينشغل بغيرها، ثمَّ يدخل الامتحان وينجح فيه ويكون من أوائل الطُّلاب.

أول منشوراته:

في سنة 1929م، نشر علي الطنطاوي "رسائل في سبيل الإصلاح" التي كانت أوَّل ما نُشر له، وكان في العشرين من عمره، وهي تمثِّل رسالة حملها عمره كلَّه، واستمر يعمل لها بكلِّ السُّبل المتاحة، في سبيل الإصلاح. نبَّهت هذه الرَّسائل الصغيرة إلى أمور هامَّة كان النَّاس في غفلة عنها، وتنامى أثرها تدريجياً فكانت عاملاً من عوامل أثمرت تغييرات فكريَّة هامَّة، في وقت غلب على الناس فيه الجمود الفكريّ والبدع والخرافات، ووُجدت فجوة واسعة بين المشايخ والمتعلِّمين. كانت الرسائل التي بدأ بها صيحة عنيفة، أثارت عليه أنصار الجمود من جهة والمتعلمين الذين نأوا عن الدين من جهة أخرى، فنشر بعدها "رسائل سيف الإسلام" لتكون نداءً أكثر ليناً للعودة إلى الإسلام، وكانت تُطبع على نفقة أهل الخير وتُوزَّع مجاناً. المفارقة الغريبة أن اسم الأولى التي كانت صيحة عنيفة يوحي بنداء ليّن للإصلاح واسم الثانية التي كانت دعوة أكثر رفقا يوحي بصيحة عنيفة كالسيف.

وأصدر كتابه الأول "الهيثميَّات" سنة 1930م، أثناء صدور "رسائل سيف الإسلام"، وهو في الحادية والعشرين، ذلك أنَّه كان يتكنَّى بأبي الهيثم ويمضي كتاباته بهذه الكنية، وهو أوَّل من تسمَّى بهذا الاسم في دمشق ولم يكن مألوفاً فيها قبل ذلك. جمع هذا الكتاب كتاباته المبكِّرة مما كان قد نشره في الصُّحف في تلك الأيام. وفي نفس السنة نشر كتاب "بشَّار بن بُرد" ممَّا جمعه من محاضراته على طلاب "الكليَّة العلميَّة الوطنيَّة".

وفي سنة 1931م أصدر مجلَّة "البعث" قبل أن يكون هناك حزب بهذا الاسم، أصدرها وحده أولاً ثمَّ بالتعاون مع "جمعيَّة التَّهذيب والتعليم". وكان الاتِّفاق أن يكون التَّحرير بالكامل لعلي الطنطاوي، ثمَّ صار كلُّ من له شيء في الجمعيَّة أو جهد في إخراج المجلة يريد أن يكون كاتباً فيها، فآثَر أنْ يوقِفها.

وفي تلك السَّنة كانت الدعوة إلى العِقال، وكانوا في تلك الأيَّام يلبسون على رؤوسهم الطَّربوش، وهو متعب ولا يقي حرًّا ولا برداً، لكن الغيورين تمسَّكوا به ليقاوموا الدعوة إلى القُبَّعة وما تحمله من تشبَّه بالإفرنج. وعلى أثر زيارة الزَّعيم الهنديُّ المسلم شوكة علي إلى الشَّام كتب علي الطنطاوي رسالة "نداء إلى الشبَّان المسلمين" دعا فيها إلى لبس العِقال، ولَبِس الكوفيَّة والعِقال والعباءة وتبعه في ذلك كثيرون، وانتشرت هذه الدعوة في كلِّ مكانٍ وتحدَّثت بها وكالات الأنباء والصُّحُف الأجنبيَّة. لكنَّها بعد فترة بدأت بالفتور وبدأ النَّاس يتركونها، وكان هو آخر النَّاس تركاً لها بعد سبعة أشهر، وانتهت دعوة العقال لكنَّها حقَّقت هدفها من وقف دعوة القُبَّعات.

وفاة أمه رحمها الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير