بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ ....... ضَرَبْت وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ
ثُمَّ قَامَ فَانْصَرَفَ
وَحَضَرَ جَرِيرٌ وَخُبِّرَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يُنْشَدْ لَهُ الشِّعْرُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ,,,, ضَرَبْت وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ
ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنَّ بِابْنِ الْقَيْنِ وَقَدْ أَجَابَنِي فَقَالَ:
وَلَا نَقْتُلُ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ ..... إذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ
فَاسْتَحْسَنَ سُلَيْمَانُ حَدْسَ الْفَرَزْدَقِ عَلَى جَرِيرٍ ثُمَّ أَخْبَرَ الْفَرَزْدَقَ بِشِعْرِ جَرِيرٍ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِحَدْسِهِ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
كَذَاك سُيُوفُ الْهِنْدِ تَنْبُو ظُبَاتُهَا .... وَتَقْطَعُ أَحْيَانًا مَنَاطَ التَّمَائِمِ
وَلَنْ نَقْتُلَ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ .... إذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ
وَهَلْ ضَرْبَةُ الرُّومِيِّ جَاعِلَةٌ لَكُمْ .... أَبًا عَنْ كُلَيْبٍ أَوْ أَخًا مِثْلَ دَارِمِ
فَشَاعَ حَدِيثُ الْفَرَزْدَقِ بِهَذَا حَتَّى حُكِيَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَتَى بِأَسْرَى مِنْ الرُّومِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَكَانَ عِنْدَهُ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ فَقَالَ لَهُ: اضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْعِلْجِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْت مَا اُبْتُلِيَ بِهِ الْفَرَزْدَقُ فَعُيِّرَ بِهِ قَوْمٌ إلَى الْيَوْمِ.
فَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت تَشْرِيفَك وَقَدْ أَعْفَيْتُك.
وَكَانَ أَبُو الْهَوْلِ الشَّاعِرُ حَاضِرًا فَقَالَ:
جَزِعْت مِنْ الرُّومِيِّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ ... فَكَيْفَ وَلَوْ لَاقَيْتَهُ وَهُوَ مُطْلَقُ
دَعَاك أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِقَتْلِهِ ..... فَكَادَ شَبِيبٌ عِنْدَ ذَلِكَ يَفْرَقُ
تَنَحَّ شَبِيبًا عَنْ قِرَاعِ كَتِيبَةٍ ...... وَادْنُ شَبِيبًا مِنْ كَلَامٍ يُلَفَّقُ
وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ كَلَامِ الْفَرَزْدَقِ إنْ صَحَّ مِنْ جَوْدَةِ الْقَرِيحَتَيْنِ وَلَكِنْ مِنْ اتِّفَاقِ الْخَاطِرَيْنِ.
ـ[محمد الاسلام]ــــــــ[15 - 04 - 09, 08:41 ص]ـ
من دقيق الاشارات ان المتنبي مدح بعض أعداء ملكه فغضب عليه وهم أن يفتك به فهرب فأمر الملك بعد مدة كاتبه أن يلطف له القول ليأتي فيخدعه وكان الكاتب يحب المتنبي ولم تسعه المخالفة فكتب في آخر الكتاب قد عفونا إن شاء الله وشدد النون فلما وقف عليه رحل وأرسل إلى الكاتب الكتاب وقد زاد ألفاً بعد النون المشددة وهذه من ألطف الاشارات فإن الكاتب أراد بإن قوله تعالى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين وأراد المتنبي بزيادة الألف قوله تعالى " إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا
ـ[محمد الاسلام]ــــــــ[16 - 04 - 09, 09:15 م]ـ
قال أحمد بن أبي داود: ما رأيت رجلاً نزل به الموت فما شغله ذلك ولا أذهله عما كان يجب أن يفعله إلا تميم ابن جميل، فإنه كان تغلب على شاطىء الفرات فظفر به، ووافى به الرسول باب المعتصم في يوم الموكب في حين جلوسه للعامة فأدخل عليه، فلما مثل بين يديه دعا بالنطع والسيف فأحضرا، وجعل تميم بن جميل يصعد النظر إلى ذلك ولا يقول شيئاً، وجعل المعتصم يصعد النظر فيه ويصوبه، وكان جسيماً وسيماً، فرأى أن يستنطقه لينظر أين جنانه ولسانه من منظره، فقال: يا تميم، إن كان لك عذر فأت به أو حجةٌ فأدل بها،
فقال:
أما إذ قد أذنت لي يا أمير المؤمنين بالكلام فإني أقول: الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، " ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين "، يا أمير المؤمنين جبر الله بك صدع الدين ولأم بك شعث الأمة وأخمد بك شهاب الباطل وأوضح بك سراج الحق يا أمير المؤمنين، إن الذنوب تخرس الألسنة، وتصدع الأفئدة، ولقد عظمت الجريرة وكبر الذنب وساء الظن، ولم يبق إلا عفوك أو انتقامك، وأرجو أن يكون أقربهما منك وأسرعهما إليك أولاهما بإمامتك وأشبههما بخلافتك، ثم أنشد:
أرى الموت بين السيف والنطع كامناً. . . يلاحظني من حيثما أتلفت
وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي. . . وأي امرئٍ مما قضى الله يفلت
ومن ذا الذي يدلي بعذرٍ وحجةٍ. . . وسيف المنايا بين عينيه مصلت
يعز على أبناء تغلب موقفٌ. . . يسلّ على السيف فيه وأسكت
وما جزعي من أن أموت وإنني. . . لأعلم أن الموت شيء مؤقت
ولكن خلفي صبيةً قد تركتهم. . . وأكبادهم من حسرةٍ تتفت
كأني أراهم حين أنعي إليهم. . . وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا
فإن عشت عاشوا خافضين بغبطةٍ. . . أذود الردى عنهم وإن مت موتوا
وكم قائلٍ: لا يبعد الله داره. . . وآخر جذلانٍ يسر ويشمت
قال: فتبسم المعتصم وقال: كاد والله يا تميم أن يسبق السيف العذل اذهب فقد غفرت لك الهفوة وتركتك للصبية.
¥