تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويريد بالفيج سيف بن ذي يزن الحميرى، لأنه خرج بنفسه حتى قدم على قيصر فشكا إليه حال أهل اليمن، فلم يشكه، فأتى النعمان فذهب معه فأدخله على كسرى فشكا إليه، فأصحبه جيشا، كما ذكر صاحب السيَّر. فبدَّل الواحد بالجماعة.

وإنْ أراد بالفيج معنى الرسول، كما قال بعض اللغويين، فإن سيفاً كان رسول أهل اليمن.

ثم قد يأتي محل الباء مجرداً منصوباً وهو كثير، كقوله تعالى: {يَوْمَ تُبدَّلُ الأرْضُ غَير الأرْض} وكقوله: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ الله كُفْرا} وقوله: {فأولئك يُبدِّلُ الله سَيّئاتِهم حَسنَات}.

قال الغزنوي في الآية الأولى: "غير" مفعول ثانٍ، أو يقدر بغير الأرض.

وقد كثر هذا في استعمال النحاة، في كلام سيبويه وغيره. قال سيبويه: مصليق ومصاليق، أبدلوا السن صادا. وقال في لغة من يقول في الفصد الفزد: إِن تحركت الصّاد لم تبدل فهذا مثل الآية: {ويَومَ تُبدَّلُ الأرْض} لكنه حذف الثاني اختصارا. وهو قد يحذف كما قيل في قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} قال مكي: "أن يبدّل دينكم بما أتاكم به". وفي قوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} قال الغزنوي: أي أمثالهم ممن يكفر النعم بمن يشكرها. وهو أحد وجهي الآية.

الوجه الثاني: [/ U]

أن يقصد بالتبديل أو الإبدال جعل شيء مكان شيء وبدلا منه. فأصل الاستعمال في هذا الوجه تجريد الحاصل ودخول الباء على المتروك، لأنك تريد جعلت هذا بديل هذا وعوضاً منه. فمن هذا قول امرىء القيس:

سَنُبْدِلُ إنْ أبْدلْتِ بالودّ آخَرَا

وقول معن بن أوس:

وكنتُ إذا ما صاحبٌ رامُ ظنّةً وبدل سُوءاً بالذي كان يفْعلُ

قلبتُ لَهُ ظهْر المِجَنِّ ولَمْ أدُمْ على ذاك إلا ريثما أتحوّلُ

والغالب على هذا الوجه في الاستعمال جرّ المتروك بمن، فتقول: أبدلت كذا من كذا. وعليه جرت عادة النحويين في باب البدل. أو يأتي بـ "مكان" أو "بعد" كقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} وقوله: {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ}. وقد يحذف اختصاراً كقوله تعالى: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} على أحد الوجهين فيها، أي أهلكناهم وجئنا بأمثالهم في الخلق غير عاصين، فالتقدير بدّلنا منهم أمثالهم.

[ U] الوجه الثالث:

أن ترد البنية مؤدّية معنى أعطى مُعطَى شيئا عوض شيء، وذلك المعطى هو محل تعاقب العوضين، فيطلب الفعل ثلاثة يتعدى إليها، إلى الآذن المأخوذ منه بنفسه، والى المعطى المأخوذ كذلك، وإلى المتروك بالباء. كقوله تعالى: {وبَدَّلْناهُمْ بِجنَّتيْهم جنَّتين}، وكقول القائل:

أبْدلكِ الله بلوْنٍ لَوْنينْ سوادَ وَجْهٍ وبَياضَ عَيْنين

وقام مقام الباء في هَذا ما يؤدي معناها كقوله تعالى: {وليُبدِّلنَّهم مِنْ بَعْد خَوْفِهم أمْنا}. ومنه قول القائل: وبُدّلتُ قرْحا دامياً بعد صحّةٍ

وقد تحذف الباء مع محلها اختصاراً لفهم المعنى، كقوله تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا}. أي أن يبدلنا بها خيراً منها.

وقد يضمّن الفعل في هذا الوجه معنى النقل والتحويل، فيتعدى تعدّيه، ومنه قول حبيب بعد قوله:

بسيب أبي العباس ............... البيت المتقدم.

غَنِيتُ بهِ عَمَّنْ سِواهُ وبُدِّلتْ عِجافاً ركابي عن سُعَيْدٍ إلى سَعْدِ

أي نقلَت عن هذا إلى هذا. ولا يمتنع في هذا الوجه أن تقول: بدّلتك من كذا بكذا.

فتدخل الباء على العوض الحاصل، أي جعلتك تتعّوض كما سيأتي في مثل: تَعَوَّضَ بالحِجارة مِنْ حُجورِ.

وقد تقدم الكلام في بيت المعري:

حتى تبَّدل مِنْ بُؤسٍ بِنَعْماءِ

الوجه الرابع:

أن يقصد معنى التعوض أو الاستعاضة، فيكون المعنى أخذت كذا عن كذا أو استخذته، فيتعدى الفعل في هذا الوجه إلى شيئين ينصب أحدهما وهو الحاصل المأخوذ، ويجرّ المتروك بالباء وهو المأخوذ عنه. كقوله تعالى: {ومَنْ يتَبدَّل الكُفْرَ بالإِيمان} أي يتعوض، وكقوله: {ولا أنْ تبدَّلَ بهنَّ مِنْ أزواج} و"من" زائدة دخلت على المنصوب. وكقوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} أي تستعيضون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير