تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إبراهيم عيشو]ــــــــ[24 - 04 - 09, 02:43 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام، قرأتُ ما دار حول استعمال باء الاسبدال، فوجدت آراء متنوعة قد تُحدِث بعض البلبلة وعدم الضبط في فهم الكلام والنصوص. واختصاراً للمسألة وتجاوزاً للاختلافات، إلى الإخوة الفضلاء هذا البيان:

1 ـ باء الاستبدال لاتدخل إلا على الاسم المتروك، ولاتدخل على الاسم المأتي به وإلا اضطرب المعنى واختل الفهم، والأمثلة على استعمال هذه الباء كثيرة في كتاب الله العزيز، منها: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ)، البقرة/108. كما أن السياق لايفيد دائماً في تحديد المتروك والمأتي به، ومثاله قول الشاعر أحمد شوقي:

أنا من بدَّل بالكُتْبِ الصِّحابا لم أجدْ وفيّاً لي إلا الكتابا

فالشاعر ترك الكتب وصَحِبَ الرفاق والأصدقاء، لكنه يبدو أنه أدرك عدم نفعهم فعاد إلى كتبه لأنها تتميز بالإفادة والوفاء، والذي حدد هذا المعنى هو القاعدة الذهبية البسيطة الخاصة بباء الاستبدال وإلا تاه القارئ في عملية الفهم.

2 ـ عندما يكون فعل التبديل متعديّاً لمفعولين، فإن المفعول به الأول يكون هو المتروك، كقوله تعالى: (إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحأً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ، وكان الله غفوراً رحيماً)،الفرقان/70.

ـ[أبو يحيي المصري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 03:32 ص]ـ

ومثاله قول الشاعر أحمد شوقي:

أنا من بدَّل بالكُتْبِ الصِّحابا لم أجدْ وفيّاً لي إلا الكتابا

فالشاعر ترك الكتب وصَحِبَ الرفاق والأصدقاء، لكنه يبدو أنه أدرك عدم نفعهم فعاد إلى كتبه لأنها تتميز بالإفادة والوفاء، والذي حدد هذا المعنى هو القاعدة الذهبية البسيطة الخاصة بباء الاستبدال وإلا تاه القارئ في عملية الفهم.

جزاك الله خيرا أخي الكريم

لكن ما فهمتَه من شعر شوقي غير متبادر إلي الذهن ومخالف لما درج عليه الشارحون لكلامه فالمتبادر هو أنه ترك الأصحاب و اتجه إلي الكتب ولهذا فقد انتقد عليه كثيرون هذا البيت اعتمادا علي القاعدة المزعومة وهي:" أن الباء لا تدخل إلا علي المتروك "

ولو فهموا منه ما فهمتَه لما انتقدوه أصلا

والحق أنه غير منتقد وأن الباء تدخل علي المتروك وعلي المأتي به

ولا أعلم ما الفرق بين (يبدل الله سيئاتهم حسنات) و يبدل الله سيئاتهم بحسنات في المعني

لا فرق كما قال المبرد بل هما سيان ولا يتبادر إلي القارئ إلا أن السيئات هي المتروكة والحسنات هي المأتي بها بغض النظر عن موقع الباء

والعجيب أن ابن لب نقل عن:سيبويه والفراء والمبرد وكثير من الشعراء القدامي

أجهل كل هؤلاء هذه القاعدة؟!

والسبكي نقل عن:الطفيل بن عمرو الدوسي الصحابي المتوفي 31هـ والفراء بل و طرد قياسا واضحا علي صحة كلامه في قوله تعالي:" علي أن نبدل خيرا منهم " فقال هي تساوي علي أن نبدلهم بخير منهم وقياسه جلي

وقبل السبكي و ابن لب عندنا الواحدي وابن الشجري وهما من هما لغة ونحوا

أفبعد كل هذا يبقي شك في جواز الأمرين؟!

ـ[إبراهيم عيشو]ــــــــ[25 - 04 - 09, 04:54 ص]ـ

بسم الله الرحم الرحيم

أخي الفاضل،

الاستبدال في اللغة يتخذ مظهرين:

الأول: وجود الباء كتابة ونطقاً، وهذا مدار هذا الكلام.

الثاني: عدم وجود هذه الباء مثل قوله تعالى: (على أن نبدل خيرا منهم)، وهذا لا يعنينا الآن.

إن ورود باء الاستبدال في القرآن الكريم في كافة المواقع داخلة على الاسم المتروك وحده، ولا يوجد دخول هذه الباء على المأتي به، وبما أن الأمر كذلك، فإن آلية الاستقراء تُنتِج القانون التالي: (باء الاستبدال تدخل على المتروك)، وطبيعي أنه قانون مطرد، وكل من خرج عنه فقد أخطأ الاستعمال. وهكذا نضبط اللغة ونجنبها الخطأ في التعبير الذي يستتبع، بالضرورة، الخطأ في المعنى. ولا زال الكثير من الكُتّاب والشعراء، على اختلاف مواقعهم الثقافية، يخطئون في استعمال هذه الباء لأنهم يجهلون، ببساطة، قانونها. وهنا نتساءل عن الوسيلة التي تساعدنا على فهم المعنى في الأساليب المتضمنة لهذه الباء، وإذا افترضنا أن السياق يسعف في تبيان المتروك مِن المأتي به، فكيف نفهم العديد من التراكيب، مثل: استبدلتُ قلماً بكتاب؟ فما المتروك هنا؛ القلم أم الكتاب؟ وماذا يقول القائلون بجواز الأمرين؟

إن لغتنا كلما كانت خاضعة لقوانين ضابطة واضحة ومطردة لاستعمالاتها كلما سهل علينا وعلى متعلمي هذه اللغة فهم المعنى، وإن الاحتكام إلى القرآن الكريم في استنباط قواعد الكلام هو الأمر الأول والأخير، وعندما يتعذر علينا أن نجد في كلام الله ما يفيد في قاعدة لغوية معينة، حينذاك نبحث في ما قالته العرب، ونعمل على إيجاد قانون يتحكم في الاستعمال دون تجاوزات أو اختلالات، وبذلك نساهم في تقعيد لغتنا وضبط أساليبها، بعيداً عن الشواهد التي يخطئ فيها أصحابها حتى لو كانوا من المشهود لهم بفصيح الكلام، فالخطأ وارد من كل إنسان، ولا يجب أن نقف مقدسين لكل ما جاء به القدامى في المسائل النحوية والصرفية وكأنه أمر محسوم فيه وغير قابل للنقاش خاصة إذا كان مخالفاً لما جاء به التنزيل، وبذلك نعمل على تيسير لغتنا وتطويرها نحو الضبط المحكم والدقة في الاستعمال ووضوح الدلالة والتداول.

أما الفرق بين قوله تعالى (يبدل الله سيئاتهم حسنات) و بين الجملة التالية (يبدل الله سيئاتهم بحسنات) في المعنى فواضح: في الآية الكريمة كلمة «سيئاتهم» هي المتروك، أما في الجملة الثانية فالمتروك هو كلمة «حسنات»، أما القول بجواز الأمرين فيؤدي، بدون شك، إلى نتيجة واحدة هي الغموض والتشويش واضطراب المعنى بل وفساده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير