تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووصفه الذهبي أيضا بأن لحيته سوداء فيها شعرات بيض وعليه هيئة وسكينة.

وأما بزته: فقال الذهبي: في تاريخ الإسلام: وكان في ملبسه مثل أحاد الفقهاء من الحوارنة، لا يؤمه له، عليه شبختانية صغيرة.

وقال في التذكرة: وكان يلبس الثياب الرثة ولا يدخل الحمام وكانت أمه ترسل له القميص ونحوه ليلبسه.

نشأته رحمه الله وطلبه للعلم

ما كاد النووي ـ رحمه الله ـ يبلغ سن التمييز إلا وعناية الله ترعاه، لتؤهله لخدمة هذا الشرع المظهر المنيف، فبينما هو في عام السابع من العمر إذ هو نائم ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان بجوار والده ـ كما حكاه ابن العطار عن والده ـ إذ يكشف له سر من أسرار الله ـ تعالى ـ في شهر رمضان المبارك، أخفى إدراته على كثير من خلقه.

ألا وهي ليلة لاقدر فانتبه من سباته نحو نصف الليل وإذا بدارهم ممتلئة نورا فتعجب منه لما يعهده من الظلام الحالك في هذه الليلة، ولم يكن يدرك لصغر سنة أن هذه الليلة مباركة وهي أرجى ليالي القدر كما ذهب إليه الجمهور، فأيقظ أباه ليستفسر عن هذا الأمر العجيب الذي رآه على خلاف المعتاد قائلا: يا أبت ما هذه الضوء الذي ملأ الدار فاستيقظ أهله أجمعون فلم يروا شيئا من ذلك، غير أن والده عرف أنها ليلة القدر، ولعل الله ـ تعالى ـ كشف هذه الليلة له ليكون سببا لإحياء أبويه وأسرته لها بالعبادة والتضرع فلعل دعوة صالحة متقبلة نصيبه فتكون سببا لسعادته في الدنيا والآخرة، وقد كان ذلك بتوفيق الله ـ تعلى ـ فشعر أبوه بأن لولده هذا شأنا في المستقبل، فطفق يغرس في فؤاده منبع كل خير وفضيلة، ألا وهو القرآن الكريم فذهب به إلى معلم الصبيان وجعله عنده ليعلمه القرآن، فأخذ يلقنه القرآن شيئا فشيئا، فكان يتلقاه خير تلق بأذن صاغية وقلب واع، وما لبث أن شغف بالقرآن حتى لا يحب أن يصرف عن الاشتغال به لحظة واحدة ولم يلهه جماح الصبا ولا مرح الطفولة عن تلاوته، بل لقد كان يكره كل ما يشغله عن القرآن، فحدث ذات يوم أن الصبيان أكرهوه على اللعب معهم، فحاول الفرار من أيديهم وهو يبكي لإكراههم على اللعب معهم ولم يثنه ذلك الحال عن قراءة القرآن، وإذا بشيخ ظاهر الصلاح يشاهد ذلك الحال منه فيمتلئ قلبه محبة له، لتفرده عن أقرانه بهذا السلوك الفذ، وهو إذ ذاك لم يتجاوز العاشرة من العمر ـ أي السن الذي يكون الطفل فيه لا يطمح لشيء أكثر من طموحه للعب والترح ـ وحدث أن جعله أبوه وهو في هذه السن في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن فتفرس هذا الشيخ من سلوكه هذا بأنه سيكون له شأن صالح إن كان له فسحة في الأجل، فذهب إلى معلمه ووصاه به قائلا له: أنه يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم وينتفع الناس به، فساله المعلم، أمنجم أنت؟ فأجاب الشيخ: لا ولكن الله أنطقني بذلك.

وقال صاحب الطبقات الوسطى: فلما كان ابن تسع عشرة سنة قدم به والده إلى دمشق، فسكن بالمدرسة الرواحية، وحفظ " التنبيه " في نحو أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع " المهذب " ولازم الشيخ كمال الدين إسحاق بن أحمد المغربي، ثم حج مع والده ثم عاد، وكان يقرأ كل يوم اثنى عشر درسا على المشايخ، شرحا وتصحيحا فقها وحديثا وأصولا ونحوا ولغة إلى أن برع وبارك الله له في العمر اليسير ووهبه العلم الكثير.

ثناء العلماء عليه

قال تلميذه ابن العطار: شيخي وقدوتي الإمام ذو التصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، وحيد دهره وفريد عصره، الصوام القوام، الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة صاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن السنية، العالم الرباني المتفق على علمه وإمامته وجلالته وزهده وورعه وعبادته وصيانته في أقواله وأفعاله وحالاته، له الكرامات الطامخة والمكرمات الواضحة، والمؤثر بنفسه وماله للمسلمين، القائم بحقوقهم وحقوق ولاة أمورهم بالنصح والدعاء في العالمين مع ما هو عليه من المجاهدة لنفسه، والتمل بدقائق الفقه والاجتهاد عن الخروج من خلاف العلماء ولو كان بعيدا والمراقبة لأعمال وتصفيتها من الشوائب، يحاسب نفسه على الخطرة بعد الخطرة، وكان محققا في علمه وكل شؤونه، حافظا لحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، عارفا بأنواعه كلها من صحيحه، وسقيمه وغريب ألفاظه وصحيح معانيه واستنباط فقهه، حافظا لمذهب الشافعي وقواعده وأصوله وفروعه ومذاهب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير