تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نحواً من عشرين يوماً، وتمَّ الأمرُ للإمام فيصل رحمه الله، وهكذا ساهمت حريملاء في إعادة الحكم السعودي إلى نجد بعد أن قضى عليه الأتراك [8].

ـ وفي نفس العام قدِم الإمام فيصل بن تركي حريملاء، فأقام بها أياما وقدم عليه فيها أمراء سدير و رؤساء العربان واجتمع به أخوه وابن عمه وأتباعهم وكاتب ابن ثنيان في الرياض يدعوه للطاعة فأبى، فرحل فيصل من بلد حريملاء ورحل معه أميرها حمد بن مبارك وقصد ابن ثنيان وحاصره، وخرج ابن ثنيان بالليل من القصر فوافاه رجال فيصل فأمسكوه وأتوا به فيصلا فحبسه، ونزل فيصل القصر وبايعه المسلمون واستقامت له الأمور وزالت الشرورُ. [9]

ـ واستأنفت حريملاء دورها الطليعي في ترسيخ الأمن والاستقرار في نجد والأخذ على يد الخارجين عن الطاعة وقطاع الطرق، ومن ذلك أن حريملاء كانت ملتقى الجيوش التأديبية التي تعقبت جيوش فلاح بن حثلين في سنة 1261هـ[10].

ـ وفي صيفِ عامِ 1278هـ زار وليم جيفورد بلغريف [11] حريملاء [12] وقابلَ حمدَ المبارك، و أُعجِب بِه أيَّما إعجاب، مع أن بلغريف قد عُرف عنه نبرة التعالي الزائدة، لا سِيَّما عند الكتابة عن المجتمعات العربية و الشرقية عموماً، فقال عن حمد المبارك:

(ويحكم حريملاء "بطاح" [13] (حمد المبارك)، ينتمي إلى عائلة عريقة من أهل المدينة غيورٌ على دعوة الإمام ابن عبدالوهاب، ولم يكن قاصراً من حيث التعليم السائد في منطقته ومجتمعه، وقد كرَّس حياته لمؤازرة البيت السعودي، وقد استقبلنا بالترحيب الشديد، وبادر بدعوتنا إلى منزله بداخل القلعة.

وبعد أن أُجريت لنا حفلة استقبال في القهوة فضَّل الجميع بعد دقائق البقاء في الهواء الطلق، لأنَّ طقس الليلة كانَ حارَّا، وقد صعدنا إلى سطح فسيح بالدور الثاني حيث فُرش لنا السجاد وصُفت المساند، بدرجٍ حجرية مضاءة بنورٍ خافت، وأرى أنها بنيت على هذا الطراز لتكون مصيدةً لكسر رقاب من يتسلق هذه الدرج ليلاً للغدر بسكانه، ويوجد بهذا الدور درج يوصل إلى الدور الثالث، ومن على الجدار الذي أسندنا عليه ظهورنا المتعبة يمكن الإشراف على السوق المركزي (سوق المسحب)، وقد كان مضيفنا وكيلاً للأمير عبدالله الفيصل (ولي عهد الإمام فيصل بن تركي في ذلك الوقت) وصديقا خاصا له، وقد رافق الإمام عبدالله الفيصل في أكثر من ثلاثين غزوة، وتكشف معظم القصص التي سردها شجاعته الفائقة) [14].

ـ ثم قال بلجريف بعد صفحات من كتابه: (استمرَّ اجتماعنا المسائي إلى فترة متأخرة من الليل تحت سماء ساطعة النجوم، انسحب بعدها النائب ومعه أتباعه و خدمه طلباً للراحة، في حين بقينا نحن مع أبي عيسى (الدليل القادم مع بلجريف) نصغي إلى حكايات "بطاح"، ونقتاده من حكاية إلى أخرى، و أضاف "بطاح" ـ شأنه شأن معظم النجديين ـ إلى صفاء اللغة النحوي صفاءً فطرياً آخر يتمثل في اختيار الكلمات،و يضطر بركات (مرافق بلجريف) هنا ــ مثلما كان يفعل في أغلب الأحيان طوال رحلتنا ـــ إلى أن يعترف بأنَّ اللهجة التي يتكلمها الناس في زلفة واللهجة التي يتكلمها الناس في دمشق ــ بِما في ذلك اللغة السائدة بين أفضل المتعلمين و أصحاب اللغة الطنانة ـــ لا تستحق أن نطلق عليها اسم اللغة العربية إذا ما قارناهما باللغة التي يتكلمها الناس في نجد، و في صبيحة اليوم التالي استأنفنا مسيرنا و معنا رجال "بطاح" الذين كلَّفهم بمرافقتنا إلى آخر حدود منطقته [15]).

عقِبُه:

رُزق حمد المبارك عدة أبناء، منهم: عبدالله و ناصر و فيصل و علي و سعد الذين تولوا أمارة حريملاء بعد والدهم حسب الترتيب المذكور رحم الله الجميع.

آثاره:

من آثار حمد المبارك رحمَهُ اللهُ ـ في حريملاء ـ:

1. مسجد حمد المبارك الذي عرِف فيما بعد باسم "مسجد ابن غُدَيِّر".

2. ومقبرةُ (مُشْرِفة) التي تبرَّعَ بها من أملاكه.

3. وسورُ حمد المبارك المعروف (بسور الجماعة).

4. و حي غصيبة و الذي كان قبل يسمَّى "فيد عبدالرحمن" نسبةً إلى جدِّه عبدالرحمن بن حسن الراشد رحمهما الله، فمنحَهُ حمد المبارك لمن آلت دورهم خارج "سورالجماعة " الذي أقامه رحمه الله لحماية البلد.

وفاتُه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير