تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والخطرات والهم لا شك انه من إغواء الشيطان .. وقد قال الله تعالى عنه مقسماً:

(َلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر-40 / ص-83]

وقد وصف الله يوسف بأنه من المخلصين .. فبمعادلة يسيرة تظهر النتيجة ..

وهذا وحده جوابا كافيا للرد على من قال أنه هم بالفاحشة بالطبع والفطرة ..

ولو أضفنا أن الهم بالفاحشة هو السوء بعينه، وقد برأه الله من السوء بالنص الصريح الواضح والذي لا يحتاج إلى تأويل أو تكلف.

- وفي مقام النبوة وجلالة أمرها:

يقول الإمام ابن العربي في أحكام القرآن (5/ 39): أنَّ فَائِدَةَ قَوْلِهِ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُ الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ إبَّانَ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِتَكُونَ لَهُ سَبَبًا لِلْعِصْمَةِ. اهـ

أي أنه أوتي العلم والحكمة من قبل الله قبل هذه الحادثة ..

ولن نخوض في موضوع عصمة الأنبياء ..

وإنما نتساءل: هل يصح أن نجوز عليه أنه هم بخاطره بفعل الفاحشة؟

لو قلنا أنه يجوز في حق الأنبياء .. فهل يساعدنا سياق القصة على فهم هذا؟

يقول شيخ الإسلام قال في مجموع الفتاوى (10/ 296):

وَأَمَّا يُوسُفُ الصِّدِّيقُ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ عَنْهُ ذَنْبًا فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ عَنْهُ مَا يُنَاسِبُ الذَّنْبَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ .. فَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَرَفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ سُوءٌ وَلَا فَحْشَاءُ.

وقال في قاعدة في المحبة (1/ 77): فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء والفحشاء ومن السوء عشقها ومحبتها ومن الفحشاء الزنا وقد يزني بفرجه من لا يكون عاشقا وقد يعشق من لا يزني بفرجه والزنا بالفرج أعظم من الإلمام بصغيرة كنظرة وقبلة. اهـ

وهذا كلام صحيح، ولكن لو استبدلنا قوله أعلاه:

ومن السوء عشقها ومحبتها .. إلى قول: ومن السوء الهم بفعل الفاحشة.

ترى ماذا يقول أي عاقل عن هذا الافتراض؟ وهو ما اختاره ابن حزم أعلاه.

- وأمر آخر ..

أن امرأة العزيز قالت أمام النسوة: (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ)

وقالت أمام الملك: (أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)

وقال يوسف عن نفسه وهو الصديق: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي)

انظر كيف ذكرت النفس ثلاث مرات في موقف التبرئة الصريحة ..

فإذا كان الهم معناه حديث النفس .. فكيف نوجه هاته الآيات الثلاث في تبرئته؟

فهذا أيضا رد على من زعم أن نفسه همت بفعل الفاحشة.

ولكي نصل إلى حقيقة الهم

نضع أمام أعيننا أن موقف المراودة سبق موقف الهم .. كما هو ظاهر في السياق القرآني للقصة .. والمراودة فيها التصريح بالفعل قولا وفعلا منها، وجاء منه الرد الواضح الصريح في عدم مشاركتها فيما أقدمت عليه ..

- فإذا جاء موقف الهم، لا نقول هو هم بالفعل لأنه بشر والهم ليس بذنب ما لم يقع!!

ولكن نقول أن الهم من الطرفين ها هنا، واضح أنه في أمر آخر بعد وقوع التصريح بالفاحشة من المرأة ..

- فالهم أصبح في هذه المرحلة المتأخرة، هم مدافعة ومجاذبة أو ضرب، هي تفعل به ذلك لإبائه ورفضه دعوتها للفاحشة، وهو يفعل بها ذلك محاولا الهرب والنجاة ثم بعد ذلك (واستبقا الباب) ..

- ثم ننظر بدقة إلى كلمة المراودة والتي تعني: الْإِرَادَة والطلب بِرِفْق ولين ..

وننظر إلى موقف المسابقة الآتي، وهو الحركة من الطرفين في اتجاه واحد بنيتين مختلفتين ..

يتبين لك أن الهم منهما، هو هم مدافعة ومجاذبة وشد أو ضرب .. كل حسب مطلبه.

وهذا التفسير يؤكده السياق ولأن الهم يسبق الفعل بداهة .. ولا يقال فعلت ثم همت.

وأجمل ما فيه أنه قرر العصمة حتى من الهم بالفاحشة ..

موقف المسابقة:

وعلى ضوء ما سبق ننظر بعين الإنصاف في موقف المسابقة ..

قال تعالى: (وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير