اسْتِدْرَاكَاتُ أَهْلِ الْفَنِّ الْمُؤَصَّلَة عَلَى مَتْنَي تُحْفَةِ الْأَطْفَالِ وَالْمُقَدَّم
ـ[محمد بن صابر عمران]ــــــــ[12 - 05 - 09, 02:10 ص]ـ
أَوَّلا: مَنْظُومَةُ الْمُقَدِّمَةِ:
بِدَايَةً أَقُولُ: كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ النِّسْيَانِ، وَأَنَّ الْقَلَمَ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ مِنَ الطُّغْيَانِ، وَيَأَبَى اللهُ الْعِصْمَةَ إِلَّا لِلْقُرْآنِ، فَهَذِهِ الْمَنْظُومَةُ كَأَيِّ عَمَلٍ بَشَرِيٍّ لَا يَخْلُو مِنَ الْمُؤَاخَذَاتِ، فَإنْ كَانَ ثَمَّتْ مُؤَاخَذَاتٍ فَإِنَّهَا لَا تُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْمَنْظُومَةِ، وَلَا تَحُطُّ مِنْ قَدْرِ عَمَلِ مُؤَلِّفِهَا؛ وَذَلِكَ لِضَخَامَتِهِ وَلِضَآلَتِهَا بِجَانِبِ بَحْرِ حَسَنَاتِهِ الغَزِيرَةِ، وَحَسْبُهُ أَنَّ الْمُؤَاخَذَاتِ إِنْ قِيسَتْ مَعَ عَمَلِهِ هَذَا الَّذِي خَدَمَ بِهِ التَّجْوِيدَ كَانَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ - فَرَحِمَهُ اللهُ، وَجَزَاهُ عَنَّا خَيْرًا
وَأُجْمِلُ الْمَآخِذَ فِي النِّقَاطِ التَّالِيَةِ:
أَوَّلًا: تَرْكُهُ التَّفْصِيلَ لِبَعْضِ أَحْكَامِ وَمَبَاحِثِ التَّجْوِيدِ
كَمَرَاتبِ التَّفْخِيمِ، وَأَقْسَامِ اللَّامَاتِ وَأَحْكَامِهَا، وَأَقْسَامِ الْمَدِّ اللَّازِمِ، وَأَحْكَامِ الاِبْتِدَاءِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ تَعَوُّذٍ وَبَسْمَلَةٍ، وَأَنْوَاعِ الْوَقْفِ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ، وَأَحْكَامِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ، وَالْكَلِمَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِي تَرْقِيقِ وَتَفْخِيمِ رَاءِهَا نَحْوَ: (قِطْرٍ، وَمِصْرَ، وَيَسْرِ، وَنُذُرِ، فَأَسْرِ)
وَلَعَلَّهُ رَحِمَه اللهُ رَامَ الِاخْتِصَارَ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَعْضِ الْكَلِمَاتِ فِي بَابِ الْمَقْطُوعِ وَالْمَوْصُولِ كَكَلِمَةِ: (أَلَّا) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: 87).
اتظر «الْمُقْنِعُ» (95)، وَ «عَقِيلَةُ أَتْرَابِ الْقَصَائِدِ»:بيت (239)، وَ «السَّلْسَبِيلُ الشَّافِي»: بيت (217)، وَتَحْقِيقُ الْمُقَدِّمَةِ لِلشَّيْخِ أَيْمَنِ سُوَيْدٍ.
وَكَلِمَةِ: (أَلَّنْ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} (المزمل: 20).
هَذَا: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا الْمَوْضِعِ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ هُنَا، وَلَا فِي النَّشْرِ، وَتَعَرَّضَ لَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْمُقْنِعِ، وَالْإِمَامُ الْخَرَّازُ فِي مَوَرِدِ الظَّمْآنِ، وَشَهَّرَ فِيهِ الْقَطْعَ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى الْخِلَافِ فِي كَلِمَةِ (فِي مَا) فِي الْمَوَاضِعِ الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ صَرَّح بِالْقَطْعِ فِيهِمْ فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْخِلَافَ صَرَيحًا وَلَا إِشَارَةً.
وَلَكِنْ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَوَاَضِعِ الْعَشَرَةِ فِي «النَّشْرِ» (2 - 149)، وَشَهَّرَ فِيهَا الْقَطْعَ كَمَا تَعَرَّضَ لَهَا غَيْرُهُ.
ثَانِيًا: اقْتِضَابُهُ لِبَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدٍ مِنَ الْاسْتِطْرَادِ
كَعَدَمِ اسْتِطْرَادِهِ فِي أَحْكَامِ الرَّاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ:
ورقق الراء إذ ما كسرت ***** كَذَاكَ بَعْد الكسر حيث سكنت
فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَيِّدَ الْحُكْمَ بِالتَّرْقِيقِ عَلَى الرَّاءِ السَّاكِنَةِ الْمَسْبُوقَةِ بِكَسْرٍ أَصْلِيٍّ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِيُخْرِجَ الرَّاءَ السَّاكِنَةَ الْمَسْبُوقَةَ بِكَسْرٍ أَصْلِيٍّ مَفْصُولٍ عَنْهَا نَحْوَ:
{الَّذِي ارْتَضَى} (النور: 55). فَالرَّاءُ هُنَا مُفَخَمَةٌ اتِّفَاقًا.
وَكَذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: (إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبْلِ حَرْفِ اسْتِعْلَا ... ) فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَيِّدَ الْحُكْمَ بِالتَّفْخِيمِ عَلَى الرَّاءِ السَّاكِنَةِ الْمَسْبُوقَةِ بِكَسْرٍ أَصْلِيٍّ وَجَاءَ بَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ مُتَّصِلٌ؛ لِيُخْرِجَ الرَّاءَ السَّاكِنَةَ الْمَسْبُوقَةَ بِكَسْرٍ أَصْلِيٍّ وَبَعْدَهَا حَرْفُ اسْتِعْلَاءٍ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا نَحْوَ: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} (لقمان: 18).
¥