تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدرس الديني في ضوء الآية الرابعة من سورة إبراهيم]

ـ[أ. د.عبد الفتاح خضر]ــــــــ[13 - 06 - 09, 09:17 م]ـ

يقول الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم4]

من المعلوم أن نجاح الخطبة العصرية أو الدرس الديني بصفة عامة مرتهن بأمور متعددة عند توافرها يتوافر المرجو والمراد والعكس بالعكس.

ومن الثوابت المجزوم بها أن الخطيب يكون موفقا عندما يصل به الأمر إلى إشباع وإرواء وإقناع جمهوره.

وهذا لن يكون إلا بتدبر أمور فنية يجب توافرها في الخطبة والخطيب، ومن أعمدة البيان والخطابة المثمرة ما قاله العلماء تفسيرا لآية سورة إبراهيم المذكورة آنفا.

ولنا أن نعلم أن غاية الغايات المرجوة من الدرس الديني والخطابي على اختلاف أنواعه وأشكاله هو البيان المذكور في الآية الكريمة نصاً:" إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ"

وقد دارت أقوال العلماء حول معني البيان بالآتي:

البيان: الإفهام والسهولة، والسرعة، والكمال في رؤية المقصود، والابتعاد عن الغلط والخطأ، وإيراد العبارة المتمكنة الشافية الكافية، كل هذا لتنقطع المعاذير فلا نقول لم نفهم عن الرسول المبيِّن ..... وهذه باقة من أقوال سادتنا العلماء التي انضوت تحت ظلال الآية الكريمة:

قال شيخ المفسرين: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم يا محمد من قبلك ومن قبلِ قومك رسولا إلا بلسان الأمة التي أرسلناه إليها ولغتهم (ليبين لهم) يقول: ليفهمهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونَهيه، ليُثْبت حجة الله عليهم، ثم التوفيقُ والخذلانُ بيد الله، فيخذُل عن قبول ما أتاه به رسُوله من عنده من شاء منهم، ويوفّق لقبوله من شاء.

وقال الحافظ ابن كثير: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} بلغتهم ليفهموا عنه.

وقال المحقق الآلوسي: قيد البيان بالسهولة والسرعة لغاية هي الامتثال من غير حاجة إلى الترجمة حيث قال: {لِيُبَيّنَ لَهُمْ} ما كلفوا به فيتلقوه منه بسهولة وسرعة فيمتثلوا ذلك من غير حاجة إلى الترجمة ...

وقال أبو حيان:.بين تعالى العلة في كون من أرسل من الرسل بلغة قومه وهي التبيين لهم، .... فليس على الرسول غير التبليغ والتبيين.

وقال الفخر: ليبن لهم فيكون فهمهم لأسرار تلك الشريعة ووقوفهم على حقائقها أسهل، وعن الغلط والخطأ أبعد. فهذا هو وجه النظم.

فيكون إدراكهم لذلك البيان أسهل ووقوفهم على المقصود والغرض أكمل

وقال برهان الدين البقاعي:

{ليبين} أي بياناً شافياً ... فإن لسانك أسهل الألسنة وأعذبها

فيكون فهمهم لأسرار شريعته ووقوفهم على حقائقها أسهل، ويكونون عن الغلط والخطأ أبعد.

وقال القاضي البيضاوي: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ} ما أمروا به فيفقهوه عنه بيسر وسرعة

وقال الزمخشري: {إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} أي ليفقهوا عنه ما يدعوهم إليه، فلا يكون لهم حجة على الله ولا يقولوا: لم نفهم ما خوطبنا به، كما قال: {وَلَوْ جعلناه قُرْءاناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ ءاياته} [فصلت: 44]

وقال المولي أبو السعود: {لِيُبَيّنَ لَهُمُ} ما أمروا به فيتلقَّوه منه بيُسر وسُرعة ويعملوا بموجبه من غير حاجة إلى الترجمة ممن لم يُؤمر به

وقال محمد الطاهر: المقصود من سياق الآية: الرد على طعن المشركين في القرآن بأنه نزل بلغة لم ينزل بها كتاب قبله اقتُصر في رد خطئهم على أنه إنما كان كذلك " ليبيّن لهم " لأن ذلك هو الذي يهمهم.

قال عبد الحق بن عطية: {لنبين لهم} في أن نبعثهم بألسنة أممهم ليقع البيان والعبارة المتمكنة، .. وجعل الله العلة في إرسال الرسل بألسنة قومهم طلب البيان.

وعندما تعرض الحافظ لقوله تعالى {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} قال في تفسير القرآن العظيم:"أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن ها هنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير