[((الم)) و الحروف المقطعة]
ـ[مهدي أبو عبد الرحمن]ــــــــ[21 - 05 - 09, 09:03 م]ـ
((الم)) والحروف المقطّعة
[/ URL][URL="http://www.manareldjazair.com/index2.php?option=com_*******&task=emailform&id=211&itemid=13"] (http://www.manareldjazair.com/index2.php?option=com_*******&task=view&id=211&pop=1&page=0&Itemid=13) بقلم: أبي جابر عبد الحليم توميات
وينحصر الكلام حولها في مبحثين اثنين:
المبحث الأوّل: فائدة افتتاح بعض السّور بالحروف المقطّعة.
يسمّيها العلماء بالحروف المقطّعة، وهي حروف الهجاء، والمعنى واحد، قال عبد العزيز البخاري الحنفيّ في " كشف الأسرار ": " الحروف المقطّعة أي: الحروف الّتي يجب أن يقطع في التكلّم كلّ حرف منها عن الباقي، بأن يُؤتَى باسم كلّ منها على هيئته، كقوله: ألف لام ميم، بخلاف قوله " أَلَمْ "، فإنّه يجب أن يوصل بعضها ببعض ليفيد المعنى ".
وقال التفتازاني رحمه الله في " التّلويح ": " سميت بذلك لأنّها أسماء لحروف يجب أن يقطع في التكلّم كلّ منها عن الآخر على هيئته ".
وقبل معرفة الغرض من ذكر هذه الحروف في أوّل بعض السّور، فإنّه لا بدّ من تنبيهين:
- الأوّل: لقد جرى كثير من المفسّرين على اعتبار هذه الأحرف من أسرار القرآن الّتي لا يمكن أحدا الاطّلاع عليها، حتّى إنّهم ليُمثّلون بها للقرآن المتشابه الّذي استأثر الله بعلمه.
وقد أيّدوا قولهم هذا بأقوال بعض التّابعين لا يُدرَى صحّتها، منها ما نُقِل عن عامر الشّعبي وسفيان الثّوري وجماعة من المحدّثين أنّهم قالوا: هي سرّ الله في القرآن، ولله في كل كتاب من كتبه سر. ووضعوا أسانيد بيّنة الضّعف عن أبي بكر الصدّيق وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما. وقال أبو حاتم: " لم نجد الحروف المقطّعة في القرآن إلاّ في أوائل السّور، ولا ندري ما أراد الله جلّ وعزّ بها".
وهذا القول رفضه وردّه كثير من العلماء المحقّقين، ذلك لأنّ الله تعالى دعانا في كتابه في أكثر من موضع إلى تدبّر آياته وفهم مدلولاته، فقال: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)) [النساء:82]، وقال: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) [محمد:24]، وقال: ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)) [ص:29]، وقال: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)) [القمر:17]، فكيف يأمرنا الله تعالى بفهم وتدبّر ما استأثر هو بعلمه؟ إنّما استأثر الله بعلم حقائق الأشياء المتعلّقة بأمور الغيب ونحو ذلك.
- الثّاني: إذا علمنا أنّها ليست من المتشابه، وأنّ لها غرضا يدركه العرب، علمنا أيضا أنّها لم تُذكر عبثا، وأنّها ليست مخلّة بفصاحة الكلام، إذ لو كان الأمر كذلك لسارع المكذّبون من العرب-وهم أحرص النّاس يومئذ-إلى تسفيه النبيّ صلى الله عليه وسلّم والطّعن في كلام الله تعالى على أنّه يأتي بحروف لا معنى لها، أمّا وأنّهم خرِست ألسنتهم وحارت أفئدتهم في كلام الله، واعترفوا بأنّه بلغ ناعوس البحر، وأنّه لا يستطيع أن يأتي بمثله بشر، دلّ كلّ ذلك على أنّ لها مدلولا، وأنّ لها غرضا [أفاده ابن العربي المالكيّ رحمه الله] ..
فما غرض هذه الأحرف؟
بلغت أقوال العلماء في بيان معنى الحروف المقطّعة الّتي افتُتِحت بها بعض السّور واحدا وعشرين قولا، أكثرها قائم على آثار واهية وموضوعة، وبعضها قائم على محض الرّأي، وأولى هذه الأقوال هو ما ذهب إليه: المبرّد وقطرب والفرّاء-وهؤلاء من أساطين اللّغة-، ونصره الزّمخشريّ وابن تيمية وابن القيّم والمزّي وابن كثير وغيرهم رحمهم الله جميعا، وهو أنّها " إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحدّاهم بالقرآن أنّه مؤلّف من حروف هي الّتي منها بناء كلامهم، ليكون عجزُهُم عنه أبلغ في الحجّة عليهم، إذ لم يخرج عن كلامهم ".
ويؤيّد مذهبهم هذا نظرة خاطفة على أكثر السّور المبدوءة بهذه الأحرف، تراها ذكرت القرآن بعدها إعلاما للعرب بأنّ هذا القرآن الّذي عزمتم على تكذيبه إنّما هو من هذه الأحرف الّتي تنطقون بها، فقال تعالى:
¥