[إتحاف الأنام بما في الغنة من أحكام]
ـ[عمر فولي]ــــــــ[08 - 04 - 09, 01:46 ص]ـ
[إتحاف الأنام بما في الغنة من أحكام]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبدذه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. أما بعد ...
فقد قمت بجمع هذا البحث وذكرت فيه جميع المسائل الخلافية التي ترتبط بحكم الغنة والأحكام التي فيها الغنة هي ((النون والميم المشدتان،والإظهار والإدغام والإقلاب، والإخفاء للنون الساكنة والتنوين، والإدغام والإخفاء والإظهار للميم الساكنة))
وليس معني ذلك أنني قمت بشرح أحكام النون الساكنة والتنوين أو أحكام الميم الساكنة، ولكني ذكرت الخلافات التي أثبتها علماء هذا الفن ولو كان الخلاف لفظيا أو حقيقيا أوشاذا، وحاولت الترجيح بحسب ما بدا لي، وأيضا أذكر نوع الخلاف هل هو لفظي أو حقيقي أو ... ...
ومن هذا البحث يعلم القارئ أن طريقة الأداء تختلف بين الأقطار، ومن ثم هناك بعض الخلاف الجائز والغير جائز، أقصد أن الأمر في كثير من الأحكام فيه سعة، ونصوص الأئمة ثابتة كما سنري ـ إن شاء الله ـ.
وبعد هذه المقدمة إليك مضمون الموضوع، ونبدأ بتعريف الغنة
: تعريف الغنة لغة: قال صاحب لسان العرب:"
الغُنَّة صوت في الخَيْشُوم وقيل صوت فيه ترخيمٌ نحوَ الخياشيم تكون من نفس الأَنف وقيل الغُنَّة أَن يجري الكلامُ في اللَّهاةِ وهي أَقل من الخُنَّة المبرد الغُنَّة أَن يُشْرَبَ الحرفُ صوتَ الخيشوم والخُنَّة أَشد منها والترخيم حذف الكلام غَنَّ يَغَنُّ وهو أغنُّ وقيل الأَغَنُّ الذي يخرج كلامه من خياشيمه وظبي أَغَنُّ يخرج صوته من خَيْشومه ... "13/ 315
واصطلاحا: صوت أغن مركب في جسم النون ولو تنويناً والميم مطلقاً - أي إن صوت الغنة صفة لازمة للنون والميم سواء كانتا متحركتين أو ساكنتين مظهرتين أو مدغمتين أو مخفاتين" هداية القاري
أحرف الغنة: النون الساكنةـ ولو تنوينا ـ أو المتحركة ـ كما سنبينهـ إن شاء ـ والميم كذلك.
قال الخليل: النون أشد الحروف غُنَّةً." العين 1/ 342
مخرج الغنة: قال في التمهيد: واعلم أن الغنة تخرج من الخيشوم، كما تقدم، والخيشوم خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم"
قال المرصفي: المسألة الثالثة: في مخرج الغنة
أما مخرجها فمن الخيشوم كما تقدم في المخارج وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم. وقيل هو أقصى الأنف - أي إن صوت الغنة بجميع أحواله يخرج من الخيشوم ودليل ذلك أنه أمسك الأنف لا نحبس خروجه مطلقاً حتى في حال ضعفه عند تحريك النون والميم مخففتين أو سكونهما مظهرتين كما يشهد بذلك النطق."ا. هـ
قالوا عن النون:
قال البقاعي في نظم الدرر عند حديثه عن النون في تفسيره لقوله تعالي في أول سورة القلم "ن والقلم وما يسطرون ":"
ولما كان هذا الحرف آية الكشف للأشياء كان مخرجه أمكن المخارج وأيسرها وأخفها وأوسعها وهو رأس المقول، فإنه يخرج مما بين طرف اللسان وفويق الثنايا من اللثة، وهو أخرج من مخرج اللام ومن مخرج الراء أيضاً، وتسمى هذه الحروف الثلاثة الزلقية مع بقية حروف «فر من لب» لأن طرف كل شيء زلقة، والنون أمكنها في هذا المخرج وأشدها انطباقاً فيما بين اللسان واللثة، وهو مما كرر مسماه في اسمه فانتهى إلى حيث ابتدأ، واختص بكون عماده وقوامه الحرف الأقوى الأظهر ذا الرفعة والعلو وهو الواو والزلقية التي هو أحدها ضد المصمتة وهي أخف الحروف على اللسان وأكثرها امتزاجاً بغيرها، وأما المصمتة فمنعت أن تنفرد بنفسها في لغة العرب في كلمة هي أكثر من ثلاثة أحرف، بل لا بد أن يكون معها بعض الزلقية، والألف خارجة عن الصنفين لأنها مجرد إهواء لا مستقر لها، فقد ناسبت بمخرجها لسعته وخفته ووصفها بالزلاقة التي تقع لما اتصف بها من الحروف الكمال غنية عن سواها ولا يقع لما لم يخالطها كمال فيما ذكر ما ذكر من أن معناها البيان والإظهار ومن صفاتها الجهر وبين الشدة والرخاوة والانفتاح والاستفال، والغنة الخارجة من الخيشوم إذا سكن، وكل هذا واضح في العلم الذي له الاتساع والانتشار
¥