تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ابن حزم وتقريره عن هم يوسف عليه السلام]

ـ[عادل القطاوي]ــــــــ[22 - 05 - 09, 03:23 م]ـ

[ابن حزم وتقريره عن هم يوسف عليه السلام]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم .. وبعد:

فإن موضوع هم نبي الله يوسف عليه السلام، شغل حيزاً ليس بالهين بين العلماء والدعاة وطلاب العلم، وبالتالي انتقل الخلاف إلى العامة من الناس ..

فأحببت في هذه المشاركة أن أنقل كلاما مهما للإمام ابن حزم رحمه الله تعالى ..

ثم أعقب عليه – من عندي - بما يتناسب إن شاء الله تعالى ..

قال في كتابه الماتع الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 10):

وأما قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) فليس كما ظن من لم يمعن النظر حتى قال من المتأخرين من قال: إنه قعد منها مقعد الرجل من المرأة!!

ومعاذ الله من هذا أن يظن برجل من صالحي المسلمين أو مستوريهم، فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، فإن قيل: إن هذا قد روي عن ابن عباس رضي الله عنه من طريق جيدة الإسناد، قلنا نعم ولا حجة في قول أحد إلا فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، والوهم في تلك الرواية إنما هي بلا شك عمن دون ابن عباس، أو لعل ابن عباس لم يقطع بذلك إذ إنما أخذه عمن لا يدري من هو ولا شك في أنه شيء سمعه فذكره لأنه رضي الله عنه لم يحضر ذلك ولا ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحال أن يقطع ابن عباس بما لا علم له به ..

لكن معنى الآية لا يعدو أحد وجهين:

[الأول]: إما أنه هم بالإيقاع بها وضربها كما قال تعالى (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) [غافر-5] وكما يقول القائل لقد هممت بك، لكنه عليه السلام امتنع من ذلك ببرهان أراه الله إياه استغنى به عن ضربها، وعلم أن الفرار أجدى عليه وأظهر لبراءته، على ما ظهر بعد ذلك من حكم الشاهد بأمر القد من القميص.

[والوجه الثاني]: أن الكلام تم عند قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) ثم ابتدأ تعالى خبرا آخر فقال (وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) وهذا ظاهر الآية بلا تكلف تأويل وبهذا نقول ..

[ثم ذكر حديث أنس مرفوعاً]: في قوله تعالى: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالها يوسف عليه السلام قال له جبريل يا يوسف اذكر همك، فقال يوسف: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ).

[حديث أنس قال الألباني في السلسلة الضعيفة (4/ 455 رقم 1991) حديث منكر وقوله (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي) هو من تمام كلام امرأة العزيز وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتبعه ابن كثير في تفسيره] اهـ

فليس في هذا الحديث على معنى من المعاني تحقيق الهم بالفاحشة ولكنه فيه أنه بأمرها وهذا حق كما قلنا، فسقط هذا الاعتراض وصح الوجه الأول والثاني معا ..

إلا أن الهم بالفاحشة باطل مقطوع على كل حال وصح أن ذلك الهم ضرب سيدته وهي خيانة لسيده إذ هم بضرب امرأته وبرهان ربه ها هنا هو النبوة وعصمة الله عز وجل إياه ولولا البرهان لكان يهم بالفاحشة وهذا لا شك فيه ولعل من ينسب هذا إلى النبي المقدس يوسف ينزه نفسه الرذيلة عن مثل المقام فيهلك وقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم الهلاك على من ظن به ذلك الظن إذ قال للأنصاريين حين لقيهما: هذه صفية [حديث صحيح] ..

[مهم] قال أبو محمد:

ومن الباطل الممتنع أن يظن ظان أن يوسف عليه السلام هم بالزنا وهو يسمع قول الله تعالى (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء) فنسأل من خالفنا عن الهم بالزنا بسوء هو أم غير سوء؟ فلا بد أنه سوء، ولو قال أنه ليس بسوء لعاند الإجماع، فإذاً هو سوء وقد صرف عنه السوء فقد صرف عنه الهم بيقين.

وأيضا فإنها قالت (قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً) وأنكر هو ذلك فشهد الصادق المصدق (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ) فصح أنها كذبت بنص القرآن وإذا كذبت بنص القرآن فما أراد بها سوء فما هم بالزنا قط، ولو أراد بها الزنا لكانت من الصادقين وهذا بين جداً ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير