ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[20 May 2010, 01:22 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم
يمكن إن نعدّ في المسألة احتمالين:
الأوّل: أنّ كتاب الإعلان من طرق النشر، ونسي ابن الجزري أن يدرجة ضمن مرويّاته، وهذا من الصعب إثباته على سبيل اليقين والقطع، ولا يتأتّى ذلك إلاّ بتتبع أوجه الخلاف للأزرق المذكورة في النشر فيُنظر هل ذُكر كتاب الإعلان فيها، وقد تتبّعت بعضها فلم أجد له ذكر.
ثانيها: أنّ الكتاب ليس من طرق النشر وإنّما ذكره في عزو أوجه البدل لورش حكاية، ولعلّ السبب فيما بدا لي أنّه ينفرد مع الشاطبيّ في رواية الأوجه الثلاثة في البدل دون غيرهما.
ولا يمكن أنّ نعتبر كتاب الإعلان من طرق الأزرق إلاّ إذا تيقنّا من ذلك لما قد يترتّب عن ذلك من تحريرات مع أني لا أخشى من ذلك لكون كتاب الإعلان مفقوداً. ومشكلة المحررين أنّهم يبنون المسائل على الاحتمال والظنّ وقد يلزمون غيرهم بذلك فتصير عن المتأخرين من المسلّمات. مثاله امتناع ترقيق راء {ذكرا} وأخواتها على توسط البدل لعدم ثبوت وجه الترقيق في التيسير للداني وكأنّ كتاب التيسير هو المصدر الوحيد لتوسط البدل لورش، وقد نبّه على ذلك المتولّي رحمه الله تعالى في الروض. وأكثر القراء اليوم يلزمون التفخيم على توسّط البدل كما ألزمني كلّ من قرأت عليه لورش بذلك. لذا فلا ينبغي في نظري منع وجه الترقيق على التوسط إلاّ إذا ثبت أنّ كتاب التيسير هو المصدر الوحيد للشاطبيّة في توسط البدل. والرواية لا تكون إلاّ عن قطع ويقين وكذلك التحريرات التي قد يترتّب عنها منع أو إثبات بعض الأوجه فينبغي أن تكون عن قطع ويقين.
قد يقول البعض: الأولى أن نتّبع الأداء المنقول عن المشايخ في ذلك.
الجواب: لو عُلم كيف أقرأ ابن الجزري كتابه النشر لانتهى الإشكال ولالتزمنا بذلك. إلاّ أنّ المشكلة الآن تكمل في تغيّر الأداء بحسب مذاهب المحررين، فوقعنا في حيرة. فليس لنا للاقتراب من الصواب إلاّ بالالتزام بما هو معلوم باليقين وترك كلّ ما يدخله الاحتمال والظنّ، تقليلاً للخلاف. فلو عُلم مثلاً أنّ الغنّة في اللام والراء لم تُنقل بالرواية عن الأزرق فيُنبغي تقرير ذلك وإعماله في الأداء عند الجميع.
والعلم عند الله تعالى.
ـ[أبو تراب الجزائري]ــــــــ[20 May 2010, 08:24 م]ـ
يسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أخي الحسن محمد ماديك بارك الله فيك على هذه المحاولة في الإجابة على الإشكال الذي طرحته على الأستاذ السالم الجكني وهو مشكور مأجور بإذن الله، وجوابه نصف العلم، وبعد:
فإني لا أوافقك الرأي في الطرح الذي ذكرته، ألا وهو سقوط ذكر كتاب الإعلان من أسانيد ابن الجزري في كتابه النشر، فيما يخص رواية ورش من طريق الأزرق، فهذا الاحتمال يحتاج إلى إثبات وبيان قطعي، والفاصل في هذه المسألة هي النسخ الخطية للكتاب وهي كثيرة، واعتماداً على ما حققه الأستاذ السالم الجكني في كتابه القيم " منهج ابن الجزري في النشر "، فإنه لا يوجد سقط في مبحث " الأسانيد والطرق " فيما يختص برواية ورش من طريق الأزرق.
وربما يوافقني في ذلك الأستاذ السالم الجكني، والشيخ محمد يحي شريف.
ـ أما ما استشهدت به في هذه المسألة في إثبات الإمام ابن الجزري الأوجه الثلاثة في البدل لورش من طريق الأزرق من كتاب الإعلان، فقد حكى ابن الجزري قول الصفراوي في الإعلان من باب التقوية لمذهب القائلين بمرتبة الإشباع لورش من طريق الأزرق فقط.
ـ و مثل هذا واقع من الإمام ابن الجزري كثيراً في كتابه النشر، فتجده في حكم معين، لقارئٍ ما، يذكر مذاهب أصحاب الكتب الذي اعتمدها رواية، ثم يذكر معها كتاباً أو كتابين، يرويان ذلك الحكم للقارئ من طريق آخر. فيذكره من باب التقوية، وتوثيق ذلك الحكم للقارئ أو الراوي،
وهذا هو الظنُّ بمثل هذا إمام الجبل الفذ، جزاه الله عن الإسلام خير الجزاء.
ـ وأضرب لك مثالاً من كتاب النشر، حتى تتضح الصورة أكثر:
قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر في " فصل وقوع حرف المد بعد الهمز " ص: 339 / دار الكتب العلمية ـ مراجعة محمد علي الضباع ـ ما نصه:
" فإن ورشاً من طريق الأزرق مد ذلك كله على اختلاف بين أهل الأداء في ذلك فروى المد في الجميع الباب. . . . . . . . . . . وأبو علي الأهوازي. . . . ".
ـ الذي اعتمده ابن الجزري من مؤلفات أبي علي الأهوازي، كتابه " الوجيز " فهو من أصول كتاب النشر، فقد أخبر ابن الجزري أنه رواه نصاً وأداءً على شيوخه.
ـ وبالرجوع إلى كتاب " الوجيز " للأهوازي، تجده يسند رواية ورش عن نافع من طريق يونس بن عبد الأعلى، فليس فيه طريق الأزرق عن ورش، ويعضد هذا القول ما قاله الإمام الأزميري في " إتحاف البرره " حيث قال: " وفي الوجيز قراءة نافع ولكن ليست من الطيبة ".
ـ فَذِكْرُ الإمام ابن الجزري لأبي علي الأهوازي مع القائلين بالمد في البدل من باب تقوية مذهبهم وكثرة الآخذين به، مع أنَّ رواية الأهوازي لورش من غير طريق الأزرق.
ـ والله تعالى أعلم ـ