وكان ولا يزال منذ ظهور كتاب النشر على الباحثين المتخصصين في تحرير طرق القراءات النظر في كل حرف من أحرف الخلاف فإن كان خلافا بسيطا أي عن القارئ أو الراوي فقد كفي المشقة كما هو الخلاف عن الراوي ورش خلافا مفرعا كان للأزرق عنه وجه وكان للأصبهاني عن أصحابه عنه وجه آخر مثل قوله في الطيبة " وصل اصطفى جد " اهـ يعني الوجهين عن ورش في قوله تعالى ? أصطفى البنات على البنين ? الصافات 153 بهمزة القطع من طريق الأزرق عنه، وبهمزة الوصل من طريق الأصبهاني عن أصحابه عنه.
وكما في قوله في طيبة النشر: "وإن يجر زن خلفه " اهـ
يعني الوجهين عن قنبل في التنوين المجرور قبل همزة الوصل فضم النون الساكنة فيه من طريق ابن مجاهد عنه وكذلك عنه في جميع التنوين.
وكسر النون الساكنة فيه ابن شنبوذ عنه.
ولا إشكال في هذا الخلاف البسيط.
أما الخلاف المعقد الذي تلتبس فيه الطرق وتتشعب فلا مناص معه من الرجوع إلى الأداء الذي تلقاه ابن الجزري عن العشرة وقرأ به وهو الذي فصله في أسانيده في النشر (1/ 99 - 190)
وثمت فرق كبير بين تحرير طرق النشر وتحرير طرق طيبة النشر.
أما تحرير طرق طيبة النشر فيعني تتبع أوجه الخلاف فقط عن الرواة وطرقهم وحصرها وعزوها ليعلم الذين رووا هذا الوجه دون سائر الآخذين معهم أي من شاركوهم في الرواية عمن سبقهم.
ولن يصح تتبع طرق طيبة النشر إلا من خلال النشر تتبعا بحصر طرق هذا الوجه في حرف من حروف الخلاف وحصر طرق الوجه الثاني والثالث إن وجد أي تسميتهم.
وسأضرب مثلا، قال في الطيبة: "واقصر ـ أن رأه زكا بخلف"اهـ
يعني أن لقنبل الوجهين في ? أن رآه استغنى ?:
وجه من طريق ابن مجاهد وابن شنبوذ كلاهما عنه بقصر الهمزة أي هو طريق النشر والطيبة والحرز والتيسير كلهم عن قنبل.
ووجه آخر عنه وافق فيه الجماعة أي بمد الهمزة بألف وهذا الوجه عن قنبل.
والوجهان من طريق ابن مجاهد في الكافي لابن شريح وتلخيص ابن بليمة.
والوجهان من غير طريق ابن مجاهد في التذكرة (ص 633) لطاهر بن غلبون وفي التجريد لابن الفحام.
والوجهان كذلك عن عبد المنعم بن غلبون كما في المالقي شارح التيسير.
والوجهان كذلك عن أبي أحمد السامري إذ روى عنه فارس بن أحمد القصر، وروى عنه ابن نفيس المد.
والوجهان كذلك عن زيد بن أبي بلال إذ روى عنه كل من أبي الفرج النهرواني وأبي محمد ابن الفحام القصر، وروى عنه عبد الباقي بن الحسن المد.
وقطع له الداني في التيسير بالقصر يعني أن الداني في التيسير قد أخذ برواية ابن مجاهد عن قنبل وخالف اختيار ابن مجاهد ولا يخفى أن طريق الداني إلى قنبل هي قراءته على فارس بن أحمد على أبي أحمد عبد الله بن الحسين السامري على ابن مجاهد على قنبل.
وقال الشاطبي تعليقا على رواية ابن مجاهد القصر وتغليطه شيخه قنبلا:
وعن قنبل قصرا روى ابن مجاهد رآه ولم يأخذ به متعملا
قلت: وليعلم الباحثون والقراء المعاصرون أن من رواة القصر عن ابن مجاهد من ليسوا من طرق النشر وإنما ذكرهم في النشر لبسط الطرق ولكن ليسوا من طرق النشر المقروءة أي ليسوا من طرق الطيبة، وإنما من طرق النشر المقروءة وطرق الطيبة من أمهات النشر وطرقها من اعتمدهم في أسانيده أي طرقه المبسوطة لكل راو من الرواة عن العشرة وذلك في المجلد الأول من النشر (1/ 99) إلى (1/ 190) فتلك الأسانيد بذاتها لا غيرها هي طرق النشر وطرق الطيبة للقراء العشرة.
وهكذا كان من رواة القصر عن ابن مجاهد:
1. بكار بن أحمد المرقم في غاية النهاية برقم 823 من طريق غاية أبي العلاء والكفاية الكبرى للقلانسي والكامل للهذلي.
2. المطوعي المرقم في غاية النهاية برقم 978 من طريق المبهج لسبط الخياط والكامل للهذلي والكفاية الكبرى للقلانسي.
3. الشنبوذي المرقم في غاية النهاية برقم 2701 من طريق المستنير لابن سوار والمبهج لسبط الخياط والكفاية الكبرى للقلانسي.
4. عبد الله بن اليسع الأنطاكي المرقم في غاية النهاية برقم 1903 من طريق المستنير.
5. زيد بن أبي بلال المرقم في غاية النهاية برقم 1308 من طريق المستنير والكفاية الكبرى للقلانسي.
وخلت طرق النشر لقنبل أي اختياراته من أمهات كتابه من هؤلاء الخمسة كما هو مبسوط في النشر (1/ 118ـ119ـ120)
¥