وكان من رواة المد عن قنبل أبو بكر الزينبي المرقم في غاية النهاية برقم 3489 وليس من طرق النشر البتة لأن طريقا النشر لقنبل هما ابن مجاهد وابن شنبوذ ولكل منهما طريقاه المباشرة عنه وليس منها الزينبي هذا، وكذلك نص عليه ابن الجزري في النشر (2/ 335) تعليقا على إلحاق حرفي آل عمران والواقعة بتاءات البزي قال " لأن طريق الزينبي لم يكن في كتابنا وذكر الداني لهما في تيسيره اختيار والشاطبي تبع إذ لم يكونا من طرق كتابيهما وهذا موضع يتعين التنبيه عليه ولا يهتدي إليه إلا حذاق الأئمة الجامعين بين الرواية والدراية والكشف والإتقان والله تعالى الموفق" اهـ بلفظه
قلت وهو صريح في أن الزينبي ليس من طرق النشر البتة وأن النشر وكذا التيسير والشاطبية قد حوت ما ليس من طرقها وما ليس من الأداء المتصل الذي شرطه مؤلفوها.
قلت: والقصر من طرق النشر والطيبة لأن فارس بن أحمد قرأ به على السامري كما تقدم وتلك طريق التيسير والحرز لا غيرها، ولأنه أحد الوجهين عن ابن مجاهد في الكافي لابن شريح وفي تلخيص ابن بليمة، ولأنه أحد الوجهين من غير طريق ابن مجاهد في التجريد والتذكرة.
والمد كذلك من طرق النشر والطيبة كما تقدم ولكن ليس من طرق الحرز ولا التيسر وإن أخذ به لهما المتأخرون مثل عبد الفتاح القاضي وغيره لاقتصارها على قراءة الداني على أبي الفتح على السامري على ابن مجاهد عن قنبل وهذه بالقصر كما تقدم وكما اقتصر عليه الداني في التيسير.
ومن يكتف بتقصّي طرق أحرف الخلاف في مواضعها من النشر فهو العاجز الكسول الذي أخلد إلى الراحة وقصر سعيه عن التحرير وآثر التقليد والاكتفاء بجهد من سبقه من الباحثين إلا أن يقارن بينها وبين أسانيد ابن الجزري لذلك الراوي أو لتلك الطريق بعينها، وإلا أن يتجاوزها لحصر سائر الطرق الذين سكت عنهم ابن الجزري وأجملهم في قوله "وغيرهم” اهـ وكثيرا ما يقولها كما في بيانه في النشر (2/ 11) طرق ابن كثير التي أدغمت قوله تعالى ? اركب معنا ? قال ابن الجزري:"فأما ابن كثير فقطع له بالإدغام وجها واحدا مكي وابن سفيان والمهدوي وابن شريح وابن بليمة وصاحب العنوان وجمهور المغاربة وبعض المشارقة" اهـ بلفظه محل الغرض منه
ويعني تحرير طرق النشر هذه الرجوع إلى أمهات النشر لإعراب ما أعجمه ابن الجزري أي لتفصيل ما أجمله في قوله " وجمهور المغاربة وبعض المشارقة" اهـ، لنقف مثلا على أن لأبي العز القلانسي الوجهين لكل من البزي وقنبل في الكفاية الكبرى (ص 191 - 192)، وأن لأبي معشر الطبري الإدغام قولا واحدا للبزي، وبالوجهين لقنبل في التلخيص (ص 145)، وأن لابن مهران في غايته الإدغام وجها واحدا لابن كثير المكي (ص 84) ... إلخ أمهات النشر من الطرق المشرقية.
وأما تحرير طرق النشر فمنه تحرير طرق المقروء منه وهي طرق الطيبة كما تقدم، ومنه زيادة تحرير طرق النشر غير المقروءة وتتبع جميع ذلك من أمهات النشر المعلومة.
وإنما ألغى ابن الجزري من أمهات النشر المعروفة ما لم تتضمنه أسانيده أداء إلى القراء العشرة التي فصّلها تفصيلا من الصفحة (99) إلى الصفحة (190) من المجلد الأول، وتحتاج أسانيده تلك إلى مراجعة لأن النسخ الموجودة من النشر قد حوت سقطا ظاهرا لا يخفى على غير الأعشى
ـ ولماذا التدليس في الأسانيد؟
إن عنوان الكتاب:
السلاسل الذهبية بالأسانيد النشرية من شيوخي إلى الحضرة النبوية.
ليعني رفع كل وجه من أوجه الخلاف في كل حرف من الحروف المختلف فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسلم ذلك لمن ادعاه بلا إن القرآن متواتر دون الحاجة إلى ذلك الادعاء، ورحم الله السادة أئمة القراءات من مصنفي طرق القراءات مأ أشد ورعهم وأحسن أمانتهم العلمية وأهدي الباحثين هذه النماذج من أمانتهم وورعهم:
قال مكي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة:" فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا وهو غير موجود في الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل اهـ
¥