وأضاف مكي: (وكلهم همز في -هزوا-وكفوا-إلا حفصا فإنه أبدل من الهمزة واوا مفتوحة على أصل التخفيف لأنها همزة مفتوحة قبلها ضمة فهي تجري على البدل ... وكذلك يفعل حمزة إذا وقف كأنه يعمل الضمة التي كانت على الزاي والفاء في الأصل). أ. هـ إبراز المعاني
ثم قال مكي: (وكان يجب عليه ـ حمزة ـ على أصل التخفيف لو تابع لفظه أن يلقى حركة الهمزة على الساكن الذي قبلها كما فعل في (جزءا) في الوقف فكان يجب أن يقول (كفا، هزا) لكنه رفض ذلك لئلا يخالف الخط فأعمل الضمة الأصلية التي كانت على الزاي والفاء في الهمزة فأبدل منها واوا مفتوحة ليوافق الخط ثم تأتي بالألف التي هي عوض من التنوين بعد ذلك). أ. هـ إبراز المعاني
وفي قول الشاطبي: ( ..... وحفص واقفا ثم موصلا)
يقول السخاوي: وفي قراءة حفص قلب الهمزة واوا لانضمام ما قبلها وفيها موافقة الرسم. أ. هـ فتح الوصيد
وقال أبو شامة:
(فقوله: وحفص: مبتدأ وخبره محذوف أي وحفص يقرأ بالواو في حال وقفه وإيصال الكلمة إلى ما بعدها. يقال وصلت الشيء بالشيء وأوصلته إليه أي بلغته إليه وألصقته به)
لم استخدم الشاطبي كلمة: ((موصلا) بدلا من (واصلا)؟
يقول أبو شامة:
(والمستعمل في مقابلة الوقف هو الوصل لا الإيصال ولكنه عدل عن واصلا إلى موصلا كراهة السناد في الشعر فإنه عيب لأن هذا البيت كان يبقى مؤسسا بخلاف سائر أبيات القصيدة)
وأقول
قوله: (كراهة السناد): السناد: هو اختلاف ما يراعى قبل الروي (الحرف الصحيح الذي تبنى عليه القصيدة ويتكرر في كل بيت وهو هنا اللام إذ تسمى لامية الشاطبي) من حروف أو حركات.
وقوله: (مؤسسا): سناد التأسيس هو: أن يجمع الشاعر بين بيت مؤسس وآخر بلا تأسيس.
لأنك ستلحظ أن ما قبل اللام في القصيدة مفتوح وهنا سيكون لو قلنا: واصلا كسر وليس فتح.
لماذا أبدل حفص الهمزة هنا
قال ابن زنجلة
و قرأ حفص هزوا بغير همز لأنه كره الهمز بعد ضمتين في كلمة واحدة فلينها أ. هـ حجة القراءات
علل أبو شامة إبدال حفص لهذه الهمزة فقال:
(وإنما أبدل حفص هذه الهمزة واوا لأنها همزة مفتوحة قبلها ضم أراد تخفيفها وهذا قياس تخفيفها على باب ما سبق في باب وقف حمزة. أ. هـ إبراز المعاني
وأضاف أبو شامة: (وانفرد حفص بهذه القراءة لأن كل من ضم الفاء لا يبدل هذه الهمزة أما السوسي فلأنها متحركة، وأما ورش فلأنها ليست لام الفعل، وأما هشام في الوقف فلأنها متوسطة، وأما حمزة فإنه وإن أبدل فإنه لم يضم الزاي والفاء). أ. هـ إبراز المعاني
وأضاف أبو شامة: (ومن شأن حفص تحقيق الهمزة أبدا وإنما وقع له الإبدال في هاتين الكلمتين وسهل (أأعجمي) جمعا بين اللغات ومن عادته مخالفة أصله في بعض الكلم كصلته (فيه مهانا)، وإمالته (مجراها). أ. هـ إبراز المعاني
استدراك أبي شامة على الناظم
قال أبو شامة:
(ولم يصرح الناظم بقراءة حفص هنا وحذف ما هو المهم ذكره)
ثم قال أبو شامة: (ولو أنه قال في البيت الأول:
وهزؤا وكفؤا ساكنًا الضم فصلا.
لاستغنى عن قوله: (وضم لباقيهم).
ثم يقول بدل البيت الثاني:
وأبدل واوا حمزة عند وقفه ... وحفص كذا في الوصل والوقف أبدلا.أ. هـ إبراز المعاني
وقال أبو شامة: (ورأيت في بعض النسخ وهو بخط بعض الشيوخ ومنقول من نسخة الشيخ أبي عبد الله القرطبي ـ رحمه الله (وأقول: هو ممن قرأ على الشاطبي مباشرة كالسخاوي) ـ ومقروءة عليه ومسموعة من لفظه عوض هذا البيت، (وفي الوقف عنه الواو أولى وضم غيره ولحفص الواو وقفا وموصلا)، وكتب عليهما معا.
ورأيت في حاشية نسخة أخرى مقروءة على المصنف (هذا البيت يتفق مع وضم لباقيهم في المعنى ومخالفة في اللفظ وخير المصنف بينهما لأن كل واحد منهما يؤدي معنى الآخر).أ. هـ إبراز المعاني
وعلق أبو شامة قائلا: (وهذا البيت أكثر فائدة: لبيان قراءة حفص فيه والتنبيه على أن أصل حمزة في الوقف يقتضى وجها آخر وهو نقل الهمز وإنما إبداله واوا أولى من جهة النقل وإتباع الرسم. أ. هـ إبراز المعاني
التعليق على الاستدراك
وقد أيد د / سامي هلال ما استدركه أبو شامة فقال: (كان على الناظم أن يبين قراءة حفص بما لا يجعلها في محل اللبس خاصة وأن مأخذ القراءة مختلف عند حفص وعند حمزة. أ. هـ
ونقل د / سامي هلال أن الجعبري حاول أن يقدم عذرا للناظم يدفع عنه ما ذكره أبو شامة فيما سبق حول قراءةحفص بقوله: (وترجمة حفص بواو مفهومة مما قبلها)
وأضاف الجعبري: (ولو قال الناظم:
............................ ... ...... ساكنا الضم فصلا
وفي الوقف عنه الواو أولى لأصله ... ورسم وحفص فيهما الهمز أبدلا
لأشار إلى وجه الترجيح المذكور في التيسير في قوله اتباعا للخط. أ. هـ كنز المعاني للجعبري نقلا عن استدراكات أبي شامة , د. سامي هلال
ثم قال د/ سامي: (وعلى كل الأولى في مثل هذه المقامات التخصيص والتوضيح حتى لا يلتبس الأمر على من لا يعرف القراءةرواية. أ. هـ
وأنا أؤيد كلام د/ سامي هلال خصوصا أن الناظم نفسه أراد استبدال البيت ببيت غيره وذكر هذا تلامذته.
هل الأولى النقل لحمزة أم الإبدال؟
ذكر أبوشامة:أن أبا العباس المهدوي قال في شرح الهداية: (الأحسن في (هزوا، وكفوا) أن يلقي حركة الهمزة على الزاي والفاء كما ألقيت في (جزءا). ولكن أبا شامة رجح أن: (إبداله واوا أولى من جهة النقل وإتباع الرسم. أ. هـ إبراز المعاني
وللصفاقسي رأي يجدر ذكره إذ يقول: (فيه لحمزة وجهان وقف: أحدهما ـ وهو المقدم في الأداء: النقل على القياس المطرد من نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وإسقاطها. الثاني: إبدال الهمزة واوا مع إسكان الزاي على اتباع الرسم) أ. هـ غيث النفع في القراءات السبع
وأقول الظاهر أن المقدم كلام أبي شامة إذ هو أقرب لاتباع الرسم وقد رجحه الداني قبله
.
والله أعلم