ويمكن أن يكون هذا الكلام السابق قولا ثالثا في المسألة وقد علل د/ غانم قدوري لهذه الفكرة قائلا: " ولم تنل هذه الفكرة عند علماء التجويد إلا قليلا من الاهتمام، على الرغم من أن بعضهم نص على أن الغنة الظاهر عند إدغام النون فى الواو والياء هى غنة النون، لكن ذلك لم يكن في معرض الحديث عن الفكرة التي ذكر سيبويه. قال عبد الوهاب القرطبى " فالغنة تقدر باقية من النون، وإن كانت قد انقلبت واوا أو ياء. ومثله (أحطت) و (فرطت) 9 فإن الطاء تدغم بإبقاء شائبة منها مع أنها تنقلب تاء، والإطباق لها للتاء.
وقال السمرقندى " وهذه الغنة التى بقيت مع الواو والياء غنة النون التنوين، إذ لا غنة للواو والياء أصلا " وكان الدانى قد قال قولا عاما فى الغنة، وهو " إذ غير ممكن أن تكون منفردة في غير حرف أو مخالطة لحرف لا غنة فيه، لأنها مما تختص به النون والميم لا غير " الدراسات الصوتية صـ372
هذا القول وإن صلح في الواو والياء ولكنها غير صالحة في النون والميم بسبب الإدغام المحض والغنة الخارجة غنة أحدهما وارجع لقول أبي شامة السابق.
النون الساكنة والتنوين مع الميم:
اختلفوا إذا أدغمنا النون في الميم هل ندغمها بغنة أم بغيرها؟؟
ذهب جمهور أهل الأداء إلي أن الغنة باقية في هذه الحالة ـ أي إدغام بغنة عند ملاقاتهما للميم.
قال الداني: " ... فأما ما رواه محمد بن يونس عن ابن غالب عن الأعشى، وما رواه الحسن بن داود عن محمد بن لاحق عن سليم من إدغام الغنة وإذهابها عند الميم، فلا يصغي إليه إذ لا يطوع لسان به في الفطرة لطاقته مع خروجه مما انعقد عليه إجماع القراء والنحويين." انظر جامع البيان للداني صـ 299/ 300
واختلفوا أيضا في الغنة نفسها هل هي غنة النون أم الميم؟؟
قال الداني في جامع البيان: ومذهب أبي الحسن بن كيسان أن الغنة الظاهرة مع الإدغام هي غنة النون والتنوين لا غنة الميم، لأنه إنما أجاز إدغامهما فيها من أجلها، فلم يكن ليذهب ما أوجب الإدغام، وتابعه ابن مجاهد علي ذلك .. ثم ذكر علة ابن مجاهد:لأن الميم غنة من الأنف ومن أجل الغنة أدغمت النون في الميم، لأنها أختها فلا يقدر أحد أن يأتي ب"عمّن" بغير غنة لقلة غنة الميم يعني المنقلبة .. (ثم رجح الداني مذهب الجمهور بأنها غنة الميم) " صـ 298
قال ابن الجزري في التمهيد:" واختلف أهل الأداء في الغنة التي تظهر مع إدغام التنوين والنون في الميم، هل هي غنتهما أو غنته؟ فذهب ابن كيسان وموافقوه إلى أنها غنة النون. وذهب الداني وغيره إلى أنها غنة الميم. وبه أقول، لأن النون قد زال لفظها بالقلب، وصار مخرجهما من مخرج الميم، فالغنة له. " صـ 105
وقال صاحب هداية القاري:" واختلفوا في حالة إدغامهما في الميم فذهب بعضهم إلى أنها غنة المدغم وذهب آخرون إلى أنها غنة المدغم فيه وهو الميم لا غنة النون وهذا هو الصحيح المعول عليه وبه قال الجمهور وذلك لأن النون الساكنة والتنوين حالة إدغامهما في الميم انقلبا إلى لفظها وهذا واضح بأدنى تأمل عند النطق بنحو {مِّن مَّالِ ?للَّهِ} {مَثَلاً مَّا} والله أعلم."ا. هـ
والخلاف في ذلك لفظي ويترتب عليه خلاف في التسمية فقط، فمن قال هي غنة الأولي عنده الإدغام ناقص، والقائل بأنها الثانية عنده الإدغام كامل.
قال السمنودي: (ذَا نَاقِصٌ إِنْ يَبْقَ وَصْفُ المُدْغَمِ ** وَكَامِلٌ إِنْ يُمْحَ ذَا فَلْيُعْلَمِ)
النون الساكنة والتنوين مع النون من باب المثلين الصغير، والنون الساكنة والتنوين مع الميم من باب المتجانسين الصغير، والتجانس من جهة الصفة وليست من جهة المخرج لأنه صفاتهما واحدة قال الضباع:" المتجانسان هما الحرفان اللذان اتفقا مخرجا واختلفا صفة أو العكس " الإضاءة في أصول القراءة. والله أعلم
اتفقوا في إظهار النون الساكنة مع الميم في كلمة مثل:" شاة زنْما " ولا مثال لها في القرآن. وكذا لا مثال للتنوين قبل النون والميم في كلمة، لأن التنوين لا يكون إلا آخرا.
فائدة:
¥