ذهب فريق إلي أن الغنة ليست تابعة لما بعدها، وأنها مرققة في كل حال، وممن ذهبوا إلي هذا القول الشيخ الرحيمي الباكستاني حيث قال:":" لا يوجد لتفخيم النون المخفي قبل الحروف المستعلية أثر ما في كتب المحققين كلا فكلا مثل نهاية القول المفيد ورعاية مكي والمنح الفكرية ونشر ابن الجزري والمقدمة الجزرية وإتحاف فضلاء البشر وجهد المقل وغير ذلك، فالصواب أن النون حرف مستفل لا يجوز تفخيمه في كل حال ما. فقال الجزري:" فاعلم أن الحروف المستفلة كلها مرققة لا يجوز تفخيم شئ منها " النشر 1/ص 215
وما ذكره صاحب السلسبيل الشافي:
وفخم الغنة إن تلاها ... حروف الاستعلاء لا سواها
وصاحب لآلي البيان:
.... .... " وتتبع الألف ... ما قبلها والعكس في الغن ألف
فشذوذ وتفرد وحدوث، وكل محدثة بدعة، واتبعوا السواد الأعظم فإن الذئب يأخذ الشاذة والقاصية والناحية. ا. هـ
190
وذهب آخرون إلي تاثر الغنة بما بعدها لأن الغنة صفة للنون، والنون تتأثر بما بعدها فتظهر أحيانا وتقلب وتخفي وتدغم بحسب ما بعدها، وقد استفضت في هذه القضية في بحث " رسالة فاصلة في الرد علي منكري الغنة المفخمة " وأكتفي بقول ابن جني في تأثر النون بما بعدها قبل أن تصل النون لما بعدها:" قال ابن جنى: "وذلك لا ينكر أن يؤثر الشئ فيما قبله من قبل وجوده لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد وذلك كثير، فمنه أن النون الساكنة إذا وقعت بعدها " الباء " قلبت النون " ميما " في اللفظ وذلك نحو: " عمبر" في " عنبر " فكما لايشك في أن الباء في ذلك بعد النون وقد قلبت النون قبلها .... " الخصائص
2/ 326
فكيف تتأثر النون ولا تتأثر غنتها؟؟
ولا يضر كونه لم يذكر في كتب القداميـ أي التفخيم ـ لأنهم تحدثوا عن قرب الحرف وبعده وما اخذه القراء عن شيوخهم ونقل إلينا كاف في إثبات التبعية للغنة قال الشيخ عبد الفتاح المرصفي: ... وبالاستقراء والتتبع وجدنا أن تفخيم الغنة يكون في المرتبة الثالثة وهي مرتبة المخفي وفي نوع الإخفاء الحقيقي منه وعند خمسة أحرف وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والقاف عند كل القراء: فالصاد نحو {وَلَمَن صَبَرَ}. {رِيحاً صَرْصَراً} والضاد نحو {لَمَنْ ضَرُّهُ} {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا}. والطاء نحو {وَإِن طَآئِفَتَانِ} {صَعِيداً طَيِّباً}. والظاء نحو {إِن ظَنَّآ} {ظِلاًّ ظَلِيلاً}. والقاف نحو {مِن قَبْلِهِمْ} {عَلِيمٌ قَدِيرٌ} ويزاد على هذه الأحرف الخمسة حرفان هما الغين والخاء المعجمتان في قراءة الإمام أبي جعفر المدني في نحو {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} {?عْبُدُواْ ?للَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـ?هٍ غَيْرُهُ} {مِّنْ خَيْرٍ} {إِنَّ ?للَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ}.
ويلاحظ أن التفخيم في الغنة كما ذكرنا خاضع لمراتب التفخيم السابقة بحسب حركة الحرف الواقع بعد الغنة كما يلاحظ مرتبة الكسر في ذلك وخاصة حرف الاستعلاء في نحو {وَإِن قِيلَ} عند الجميع ونحو {مِّنْ غِلٍّ} {مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} عند أبي جعفر فإن الغنة هنا تفخم تفخيماً نسبياً خلافاً لصاحب السلسبيل الشافي حيث قال بترقيقها وقد تقدم أن حرف الاستعلاء المكسور لا يرقق بحال بل يفخم تفخيماً نسبيًّا وهو الذي ارتضاه العلامة المتولي وقال به إلى آخر ما ذكرنا هناك.
وقد أشار صاحب لآلىء البيان إلى كيفية أداء الغنة مع حكم ألف المد بقوله:
* ... ... وتتبع ما قبلها الألِفْ * والعكس في الغنِّ أُلِفْ*
كما أشار صاحب السلسبيل الشافي إلى أداء الغنة بقوله:
*وفخِّم الغُنَّة إن تلاها * حروفُ الاستعلاءِ لا سواها* "ا. هـ هداية القاري
إن تغير درجة الإخفاء بحسب البعد والقرب يؤدى إلي تغير بسيط فى الغنة تارة قريبة من الإظهار وتارة إلى الإدغام وتارة بين بين .. فما المانع أن تتأثر الغنة بما بعدها من الحروف؟ فالغنة لها مخرج خاص بها تغاير سائر الصفات، والغنة تارة تنتقل إلى الفم، وتارة إلى الخيشوم ..
أما بقية الصفات فهي تتلبس بالحرف وليس للصفات الأخري مخرج مستقل مثل الغنة، فدلت علي المغايرة.
. والله أعلم
ـ[سامح سالم عبد الحميد]ــــــــ[28 Nov 2010, 09:06 م]ـ
السلام عليكم
أحسنتم شيخنا الكريم
هذا البحث من أفضل ما قرأت في أحكام الغنة
نفعنا الله بعلمكم وخلقكم