تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو هاني]ــــــــ[20 Aug 2010, 12:13 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما عن تحصيل فن التجويد ـ كما سمَّاه أهله قديما ـ والمراد الأداء العملي فهذا ممكن بل هو المنشود أصلا؛ فالتلقي والعرض هما أساس الأمر في المهارات التطبيقية، وصغار المتلقِّين مثال واضح اليوم وفي كل وقت.

وأما الجانب النظري فما نشأ إلا لتثبيت الصورة العملية في شكل كتابي وهذا في الغالب لا ينقل الصورة تامة، وقد قيل قديما إن من الأمور ما تدركه المعرفة ولا تحيط به الصفة أي الوصف اللفظي، وهذا ملموس في محاولة التعبير عن درجات الألوان والأصوات والطعوم، والتعبير عن القيَم الجمالية في الشعر مثلا.

وأما عن التلاوات التي سُمِّيت مرتلة ففي كثير منها وقع تدخلٌ فرَضَ وجهة نظر واحدة أنكرها كثير من الضابطين؛ ذلك أن الأمر وُكِل إلى مَن أعاد قولا قديما وألزم القارئين اتباعه، هذا في تسجيلات المصريين ومن أخذ عنهم، ولكن سلِم من ذلك ما سجَّله الشيوخ عبد الله خياط، وعبد الله الخليفي، وعبد الله السبيِّل، وأغلب تلاوات علي عبد الله جابر من أئمة المسجد الحرام رحمهم الله فإنهم فيما يبدو لم يتأثروا بذلك القول.

وأما ما سُمِّي بالمجوَّد ـ والواقع أن جميع التلاوات يصدق عليها أنه مجوَّدة ومرتَّلة ـ فالرجوع إلى تسجيلات القراء الذين توفاهم الله ولم يؤدوا التلاوة المرتلة هو خير معيار، ومثلها التسجيلات المبكرة لمن أدوا المرتلة؛ فمن الأولين: منصور الشامي الدمنهوري، وعبد العظيم زاهر، ومحمد الصيفي، وعبد الرحمن الدَّرَوِي، ومحمد فريد السنديوني، وكامل يوسف البهتيمي، وعلي محمود، ومحمد رفعت، وعلي حزَيِّن، ومن الآخرين: محمود خليل الحصري، ومحمود عبد الحكم، ومحمد صديق المنشاوي.

وأما كلمة الكزّ فهي مصدر الخلاف القديم الحديث؛ ذلك أن صوت الميم يتكون بتلامس الشفتين بحيث يمتنع مرور النفَس من بينهما واتجاهه إلى الخيشوم لتصدر منه الغنّة، ودرجة التلامس لا دخل لها في الأمر؛ فسواء أكان التلامس رقيقا أم كان قويا نتج صوت الميم من الخيشوم أي تجويف الأنف، وبداية التصور الذي أحدث البلبلة كانت بالتحذير من كز الشفتين وهذا لا يؤث في نطق الميم، ولكن تضخمت كرة الثلج حتى انتهى الأمر بالتحذير من إغلاق الشفتين ألبتة بل الإلزام بتركهما منفرجتين مع خلاف في مقدار الفُرجة، وإلى القائل بأنه لا يلزم من عدم التصريح بذلك قديما عدم وجوده أقول: لنكن في جانب السلامة؛ فعدم التصريح بذلك يكون الأَوْلى معه الأخذ بالإغلاق وليس الأخذ بما لم يرد به تصريح!

وأما أن الدكتور أيمن سويد حكم بخطإ قارئين من القدامى فلا علمَ لي بذلك، وعلاقتي به شخصية وقد لقيته بمكة منذ بضع سنوات والذي أعرفه من تباحثي معه أنه لا يُقِرّ الفرجة بين الشفتين.

وأما الإخفاء فلي حديث آخر بشأنه فإنه أضعف ما في كتب التجويد.

ـ[أبو هاني]ــــــــ[31 Aug 2010, 02:29 ص]ـ

أشرتُ في المشاركة السابقة إلى أن الإخفاء في كتب التجويد هو أضعف المصطلحات حظا من البيان، وللتوضيح أقول:

التعريفات المشهورة التي تسوقها كتب التجويد للإخفاء تتمثل في أنه:

” حال بين الإظهار والإدغام “، أو هو ” النطق بالنون والتنوين بصفة بين الإظهار والإدغام، بلا تشديد، مع بقاء الغُنَّة “، أو هو ” إخفاء الحرف الأول في الحرف الثاني مع بقاء صفة الغنة “ أو هو إخفاء الحرف الأول عند الحرف الثاني مع بقاء صفة الغنة أو أننا ” خلطنا بعض النون في الحرف الذي بعدها، وأبقينا بعضها ظاهرًا في النطق، وحرصنا على إظهار صفتها التي هي الغنة، ولذلك فإنك إذا نطقت يالنون المخفاة فإنك تنطق بها من الخيشوم، فلا يرتفع اللسان بمخرجها، ولا يلتصق بأصول الثنايا “ ووجه الضعف في هذه التعريفات أن الصفة أو الحال التي بين الإظهار والإدغام، وخلْط بعض النون بما بعدها ونطق بعضها الآخر، هذه البعضية وتلك البينية مما يوصف بأنه غير دقيق، وليس له معيار ولا ضابط.

ولعل الكلمات الأخيرة في التعريف الأخير تكون جزءًا من المفتاح المناسب لوصف كيفية أداء الإخفاء.

وأكمل الحديث في مشاركة آتية إن شاء الله.

ـ[أبو هاني]ــــــــ[02 Sep 2010, 05:20 م]ـ

أُكملُ ما يتعلق بالإخفاء، وإن لم أجد من الأعضاء تجاوبًا!!!

لو أن القارئ الدقيق الملاحظة أدرك كيفية نطق النون الساكنة قبل الفاء في كلمة الأنفال مثلا لوجد أن الشفة السفلى تتجه نحو الثنيتين العُليَين استعدادًا مبكِّرًا لنطق الفاء في أثناء انسياب صوت الغنة من الأنف وبغير أن يكون طرف اللسان في الموضع الخاص بنطق النون، وفي نطق النون الساكنة قبل الذال والثاء والظاء يتحرك طرف اللسان ليقترب من أسفل الثنيتين العليين استعدادًا مبكرًا لنطق كل واحد من هذه الأصوات الثلاثة، وفي نطق النون الساكنة قبل الكاف يتراجع مؤخر اللسان استعدادًا مبكرًا لنطق الكاف فيغلق ممر الهاء في الفم ويجعله ينساب إلى الخيشوم ممثلا إخفاء النون الساكنة بغير اتصال طرف اللسان بموضع نطق النون المتحركة. وهذا يوضح ما عناه المؤلفون بكلمة عند التي وردت في أحد تعريفات الإخفاء: (هو إخفاء الحرف الأول عند الحرف الثاني مع بقاء صفة الغنة) وهو أيضا يوضح معنى العبارة التي تقول: إن الغنة تتبع ما بعدها أي من حيث موضع عمل أعضاء النطق ومن بينها اللسان، وقد بلغ عدد مواضع نطق النون بالنظر إلى هذا نحو ثمانية عشر موضعا: منها 15 تتعلق بالإخفاء، وواحد خاص بالقلب والإدغام في الميم، واثنان يتعلقان بالإدغام في الراء وفي اللام، وربما كان العدد فوق ذلك.

من هذا التفصيل يتضح أن القول بتعليق اللسان في فراغ الفم وجعله معطلا عن المشاركة في إنتاج الأصوات ليس على صحة مطلقة بل إن له مشاركة متغيرة بحسب ما بعد النون الساكنة.

قد يحتاج القول إلى زيادة بيان، وربما يكتفي الإخوة المتابعون بما قدمت.

وسلام الله عليكم جميعًا ورحمته وبركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير