تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فمن البعيد تواطؤ من ذكرنا من الأئمة شرقاً أو غرباً على الخطأ في ذلك وتلقي الأمة ذلك القبول خلفاً عن سلف من غير أصل.

وأما قوله: إن إجماع الآخذين عنه من أهل بلده على هذه الهمزة المبتدأة، فقد قدمنا النقل عن أئمة بلده على وصل الهمزة، والناقلون عنهم ذلك ممن أثبت أبو عمرو لهم الحفظ والضبط والإتقان، ووافقهم من ذكر عن ابن ذكوان وهشام جميعاً، بل ثبت عندنا ثبوتاً قطعياً أخذ الداني نفسه بهذا الوجه.

وصحت عندنا قراءة الشاطبي رحمة الله تعالى بذلك على أصحاب أصحابه وهم من الثقة والعدالة والضبط بمكان لا مزيد عليه حتى أن الشاطبي سوى بين الوجهين جميعاً عنده في إطلاقه الخلاف عن ابن ذكوان ولم يشر إلى ترجح أحدهما ولا ضعفه كما هي عاداته فيما يبلغ في الضعف مبلغ الوهم الغلط فكيف بما هو خطأ محض؟ والله تعالى أعلم.

والدليل على أن الوهم من الداني فيما فهمه: أن ابن ذكوان لو أراد همز الألف التي قبل السين لرفع الإلباس كما ذكره لم يكن لذكر ذلك والنص عليه في هذا الحرف الذي هو في سورة والصافات فائدة، بل كان نصه على ذلك في سورة الأنعام عند أول وقوعه هو المتعين كما هي عادته وعادة غيره من الأئمة والقراءة ولما كان آخره إلى الحرف الذي وقع الخلاف في وصل همزته. والله تعالى أعلم.) ا. هـ

ثم أطلق ابن الجزري الحكم القاطع بصحة الوجهين فقال:

(قلت): وبالوجهين جميعاً آخذ في رواية ابن عامر اعتماداً على نقل الأئمة الثقات واستناداً إلى وجهه في العربية وثبوته بالنص علي أنه ليس الوصل مما انفرد به ابن عامر أو بعض رواته فقد أثبتها الإمام أبو الفضل الرازي في كتابه " اللوامح" أنها قراءة ابن محيصن وأبي الرجاء من غير خلاف عنهما، قال وكذلك الحسن وعكرمة بخلاف عنهما وذلك في " وأن إلياس" و"على إلياسين" جميعاً وافقهم ابن عامر في (وإن الياس)، قال: وهذا مما دخل فيه لام التعريف على (ياس) وكذلك (الياسين) وقال في سورة الأنعام قرأ الحسن وقتادة وابن هرمز (والياس) بوصل الهمزة فاللام للتعريف والاسم (ياس) انتهى.

وهو أوضح دليل على أن المراد بالهمزة هي الأولى وأن ذلك خلاف ما قال الداني وتكلفه. والله تعالى أعلم.) ا. هـ

ثم ذكر الإمام ابن الجزري فائدة وتوجيها فقال:

هذا حالة الوصل؛ وأما حالة الابتداء فإن الموجهين لهذه القراءة اختلفوا: فبعضهم وجهها على أن تكون همزة القطع وُصلت، والأكثرون على أن أصله (ياس) فدخلت عليه (ال) كاليسع.

وتظهر فائدة اختلاف التوجيه في الابتداء فمن يقول: إن همزة القطع وصلت ابتدأ بكسر الهمزة.

ومن يقول بالثاني: ابتدأ بفتح الهمزة وهو الصواب لأن وصل همزة القطع لا يجوز إلا ضرورة ولأن أكثر أئمة القراءة كابن سوار وأبي الحسن بن فارس وأبي الفضل الرازي وأبي العز وأبي العلا الحافظ وغيرهم نصوا عليه دون غيره ولأنه الأولي في التوجيه، ولا نعلم من أئمة القراءة من أجاز الابتداء بكسر الهمزة على هذه القراءة والله تعالى أعلم. وقرأ الباقون بقطع الهمزة مكسورة في الحالين.)) ا. هـ (ج2ص398)

فالداني رحمه الله ذكر وجه الوصل ونسبه للنقاش: " بوصل الألف من غير همز، وكذلك قرأتُ علي عبد العزيز بن محمد الفارسي عن قراءته علي أبي بكر النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان) ا. هـ

وأقرّ ابن الجزري بهذه النسبة للنقاش: بوصل همزة (الياس) اللفظ بعد نون (أن) بلام ساكنة حالة الوصل وبهذا كان يأخذ النقاش عن الأخفش.

والخلاف في أن الداني قطع بخطأ قراءة الوصل "والوصل غير صحيح عنه ". مع أنه اعترف بأنه قرأه للنقاش، وظن أن ذلك وهمٌ من الرواة وتبين صحة وجه الوصل من طريق التيسير وهوالذي لم يثبت غيره من طريق عبد العزيز بن محمد الفارسي عن قراءته علي أبي بكر النقاش عن الأخفش عن ابن ذكوان وهو الطريق الذي اعتمده الداني ـ رحمه الله ـ.

إذن طريق التيسير يقتصر فيه علي الوصل فقط، لإقرار الداني بقراءته عن طريق النقاش.

أما من الشاطبية: يصح الوجهان لأنه أخذ بعموم ما ذكره الداني في التيسير، والداني ذكر الوجهين وعزا الوصل للنقاش.والقطع اختيار الشاطبي أيضا. ومعلوم أن الشاطبي له اختيار خارج عما في التيسير وأخذ به القراء وأعتمده أكثرها القراء.كما في قوله (وألفافها زادت بنشر فوائد)

وفي ذلك قال الصفاقسي بعد نقله للخلاف في المسألة: وضعف الداني الأول والصواب صحة كل من الوجهين والله أعلم) ص335

وقال القاضي في البدور: " وإن إلياس " قرأ ابن ذكوان بخلف عنه بوصل همزة إلياس، فيصير اللفظ بلام ساكنة بعد إن. فإن وقف على إن ابتدأ بهمزة مفتوحة لأن الأصل ياس دخلت عليه أل وغيره بهمزة قطع مكسورة في الحالين، وهو الوجه الثاني لابن ذكوان، والوجهان عنه صحيحان.)) ا. هـ

أما من الطيبة: يصح من طريق النقاش الأخذ بالوصل والقطع معا لصحته عن الشاطبي بما قدمنا، وكذا لذكره من الكامل كما نص عليه صاحب الفريدة، وقول الإمام المتولي ومتابعيه: و لَمْ يُختَلَف فِي وصلها عَن النَّقَّاشِ عَن الأخفش. قول يحتاج لمراجعة لثبوت القطع عن النقاش من كتاب الكامل، وبهذا يثبت الخلاف. والله أعلي وأحكم وأعلم.

والسلام عليكم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير