تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حديث المغفر هو حديث أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، أخرجه البخاري ح 1846، ومسلم ح 1357، وحديث المغفر تفرد به مالك عن الزهري عن أنس، قال الترمذي: " لا يعرف كبير أحد رواه عن الزهري غير مالك "

ينظر: الجامع 3\ 314

وقال ابن حبان: " لا يصح إلا من رواية مالك عن الزهري "،

وقال ابن حجر - بعد ذكره لطرق الحديث -: " فقول من قال من الأئمة: إن هذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري ليس على إطلاقه، وإنما المراد به بشرط الصحة،

" ينظر: النكت على ابن الصلاح 2\ 669]

- ومثال ذلك أيضا حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين كبشين

[أخرجه أبو داود ح (2841)، وابن الجارود في المنتقى ح (911)، والبيهقي (9\ 299) من طريق عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس،

قال ابن الجارود: " رواه الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وغيرهم عن أيوب، لم يجاوزوا به عكرمة "

وأخرجه النسائي (7\ 166) من طريق الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.

وأخرجه أبو يعلى ح (2945)، وابن حبان ح (5309)، والبزار كما في كشف الأستار ح (1235)، والبيهقي (9\ 299) من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال البزار: " لا يعلم أحداً تابع جريراً عليه "،

وهذا الحديث من رواية جرير بن حازم عن قتادة وهو يضعف في الرواية عنه، ضعفه غير واحد من الأئمة في روايته عن قتادة،

قال الحافظ ابن رجب: " أنكر عليه أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن بعضها مراسيل أسندها "

(ينظر: شرح العلل لابن رجب 2\ 624)،

وذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمة جرير بن حازم، قال: وجرير بن حازم له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه، إلا روايته عن قتادة؛فإنه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره، وبين أيضاً أن ابن وهب تفرد عن جرير بن حازم في هذا الحديث، وقال: " ولابن وهب عن جرير غير ما ذكرت غرائب "

(ينظر: الكامل لابن عدي 2\ 550، 551)]

جاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم: " سألت أبي عن حديث رواه عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشين.

قال أبي: هذا وهم حدثنا أبو معمر عن عبد الوارث هكذا، ورواه وهيب وابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. . . مرسل،

قال أبي: وهذا مرسل أصح.

سألت أبي عن حديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس

قال: عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين بكبشين.

قال أبي: أخطأ جرير في هذا الحديث، إنما هو: قتادة عن عكرمة قال: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . مرسل "

العلل لابن حاتم 2\ 49، 50

فأبو حاتم رجح إرسال الحديث، وحكم على وصله بأنه وهم، ثم حكم على حديث أنس بأنه خطأ، فعلى هذا لا يعتد بالطريق المحكوم عليه بالوهم، ولا بالشاهد المحكوم عليه بالخطأ، والله أعلم.

والحاصل أن تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد لها ضوابط من أبرزها:

التأكد من كونها محفوظة سالمة من الخطأ والوهم؛ إذ إن تعدد الطرق من راو قد يكون بسبب اضطرابه أو اضطراب من يروي عنه، وقد تكون الطرق الكثيرة ترجع إلى طريق واحد، وما يظن أنه شاهد يكون خطأ من بعض الرواة، والتساهل في هذا أدى إلى ضعف نقد السنة عند بعض العلماء المتأخرين والباحثين المعاصرين، وحصل في أحكامهم على الأحاديث مخالفة للأئمة المتقدمين، وربما اعترضوا على الأئمة في تضعيفهم لبعض الأحاديث، ونازعوهم بوجود شواهد ومتابعات للحديث، وكأن الأئمة لم يطلعوا عليها، ولم تطرق أسماعهم، وقد ينفي بعض الأئمة في باب من أبواب العلم وجود حديث فيه، أو يقيد النفي بالصحة، فتنهال عليهم الإيرادات والاستدراكات بوجود أحاديث صحيحة لها طرق متعددة أو لها شواهد، كأن الأئمة لم يطلعوا عليها، وكان الأجدر قبل الاستدراك النظر في هذه الطرق والشواهد، وهل هي صالحة للاعتبار بها أم لا، لا سيما وقد يكون الاعتماد في جمع الطرق والشواهد على كتب ومصنفات هي مجمع الغرائب والمناكير، مثل:

معاجم الطبراني، ومسند البزار، وسنن الدارقطني، وكتب الفوائد والأفراد والغرائب،

قال الإمام أحمد: " إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: هذا الحديث غريب أو فائدة، فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو حديث ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان، وإذا سمعتهم يقولون: لا شيء، فاعلم أنه صحيح " الكفاية ص 142. .

وقال الخطيب البغدادي: " أكثر طالبي الحديث في هذا الزمان، يغلب على إرادتهم كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ من روايات المجروحين والضعفاء، حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنبا، والثابت مصروفا عنه مطرحا، وذلك كله لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلمه، وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين والأعلام من أسلافنا الماضين "

ينظر: الكفاية في علم الرواية ص 141، شرح علل الترمذي 1\ 409

وقال ابن رجب معلقا على كلام الخطيب البغدادي: " وهذا الذي قاله الخطيب حق، ونجد كثيرا ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح لكتب السنة ونحوها ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل " مسند البزار "، و " معجم الطبراني "، و " أفراد الدارقطني "، وهي مجمع الغرائب والمناكير "

شرح علل الترمذي 1\ 409

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير