تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - ثم يكون بَشَرٌ كلهم تجوز شهادته، ولا أقبل حديثه من قبل ما يدخل في الحديث من كثرة الإحالة وإزالة بعض ألفاظ المعاني" (50). يعني اشتراط الضبط أو فهم معاني الحديث.

6 - "ونقبل حديث المرأة حتى نحل بها ونحرم وحدها، ولا نقبل شهادتها على شيء، ونقبل حديث العبد الصادق ولا نقبل شهادته، ونرد حديث العدل إذا لم يضبط ونقبل شهادته فيما يعرف فالحديث غير الشهادة" (51). وفي هذا زيادة رد شهادة العبد.

7 - وقال فيما نقله عنه ابن القشيري: «لا يعول على شهادة الفرع مع إمكان سماع الأصل، ويجوز اعتماد رواية الفرع من غير مراجعة شيخه مع الإمكان (52).

8 - قال الزركشي:" له أن يروي على الخط المحفوظ عنده بخلاف الشهادة»، وربما أشار إلى ذلك الشافعي بقوله: «ومن كثر غلطه من المحدثين ولم يكن له أصل كتاب صحيح لم نقبل حديثه، كما يكون من أكثر الغلط في الشهادة لم نقبل شهادته (53).

9 - ومما أورده الشافعي لإبطال قياس الرواية على الشهادة في اشتراط العدد أن العدد في الشهادة مختلف، فعلى أي عدد نقيس لما افترق العدد في الشهادات، فإذا قيل فُرِّق بينها اتباعا، قيل وفُرِّق بين الرواية والشهادات عموما اتباعا (54).

الفقرة الرابعة: من قبل رواية المبتدع والمدلس يلزمه عدم اشتراطها

ومن حججنا على المذهب المختار أنا لا نقبل الجرح بالبدعة إلا من أداه ابتداعه إلى الكفر أو الفسق، ولو كان داعية إلى مذهبه مجاهرا، ولو روى ما يؤيد بدعته وروجه مما كان ضعيفا ما كانت التهمة والنكارة من غير جهته، وإذا قبلنا من هذا حاله في الرواية؛ فلأن نقبل حديث من كثر مزاحه ومن يكشف رأسه أو يمشي حافيا أو يبول قائما من باب أولى.

ومن حججنا أيضا أن المحدثين قبلوا حديث المدلس مع حكمهم بكراهة التدليس (ومنهم من يحرمه) ولا شك أن الجرح بفعل مكروه شرعا ومتعلق بالحديث أولى من الجرح بما هو مباح في أصله ولا تعلق له برواية الحديث.

قال أبو يعلى بعد ذكر أنواع التدليس:" كل هذا مكروه، نص عليه في رواية حرب فقال: أكره التدليس، وأقل شيء فيه أنه يتزين للناس أو يتزيد شك حرب، وكذلك نقل الميموني عنه: لا يعجبني التدليس هو من الريبة، وكذلك نقل مهنا عنه: التدليس عيب "، ثم قال أبو يعلى:" وإذا ثبت أنه مكروه، فإنه لا يمنع قبول الخبر، نص عليه في رواية مهنا، وقيل له كان شعبة يقول: التدليس كذب فقال أحمد: قد دلس قوم نحن نروي عنهم" (55).

الفقرة الخامسة: لوازم فاسدة

إن لمشترط المروءة في عدالة الرواة عدة لوازم ينبغي عليها التزامها، وإذا كان اللوازم فاسدة دل ذلك فساد ملزومها، فإن المروءة كما علم تختلف باختلاف الزمان والمكان فلا تنضبط بحد يحدها لا بأمثلة تقربها (56)، ويلزم من هذا ألا نقبل الجرح في العدالة إلا من بلدي الراوي الذي يعتبر المروءة على اصطلاح أهل بلده!! ويلزم منه تعذر الترجيح بين أقوال الأئمة المتعارضة في الرواة لأن بعضهم سيكون مجروحا على رأي المدنيين مثلا ثقة على رأي الكوفيين، ويلزم من كل ذلك التشكيك في تجريح الرواة.

الفقرة السادسة: أي مروءة تشترط في المحدث؟

ومن الأسئلة الواردة على من اعتبر المروءة في عدالة المحدث أي مروءة تشترط؟ فإنها كما نقول وتقولون تختلف باختلاف الزمان والمكان بل والأحوال والأشخاص، ومن أصر على اعتبارها يقال له أقرب ما يكون منها داخلا في محل الخلاف ما هو منقول عن أهل عصور الرواية من فقهاء ومحدثين وغيرهم، وهذا المنقول لا أتوقع أن يقول به المتأخرون فضلا عن غيرهم في عدالة الرواة، وهذه بعض الآثار مما صح عن السلف:

1 - قال الشافعي:" المروءة أربعة أركان: حسن الخلق والسخاء والتواضع والنسك ".

2 - قال سلم بن قتيبة:" المروءة الصبر على الرجال، قيل له: ما الصبر على الرجال فوصف المداراة".

3 - سئل إياس بن معاوية عن المروءة فقال:" أما في بلدك وحيث تعرف فالتقوى وأما حيث لا تعرف فاللباس" (57).

4 - قال الفضيل بن عياض:" كامل المروءة من بر والديه وأصلح ماله وأنفق من ماله وحسن خلقه وأكرم إخوانه ولزم بيته" (58).

5 - قال ابن سيرين:" ثلاثة ليست من المروءة: الأكل في الأسواق والادهان عند العطار، والنظر في مرآة الحجام" (59).

6 - قال أبو قلابة:" ليس من المروءة أن يربح الرجل على صديقه" (60).

7 - وقال عمر بن عبد العزيز:" ليس من المروءة استخدام الضيف" (61).

8 - وقال ذو النون المصري:" ثلاثة من أعلام المروءة إطعام الطعام وإفشاء السلام ونشر الحسن" (63).

9 - قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن:" للسفر مروءة وللحضر مروءة فأما المروءة في السفر فبذل الزاد وقلة الخلاف على الأصحاب وكثرة المزاح في غير مساخط الله، وأما المروءة في الحضر فالإدمان إلى المساجد وتلاوة القرآن وكثرة الإخوان في الله عز وجل" (63).

فهل معنى هذا أننا نضعف من لم يكن سخيا واستخدم الضيف وترك إفشاء السلام وقل إخوانه في الله عز وجل!!! كمن عرفها من المتأخرين" بأنها كمال الإنسان من صدق اللسان واحتمال عثرات الإخوان وبذل الإحسان وكف الأذى عن الجيران " (64)، أم لابد لمن قال بها من أهل الحديث أن يفصل نحوا من تفصيل الجصاص والماوردي؟ وهذا ما فعله السخاوي (65)، وذلك مما لا يمكن توثيق نقله عن الأئمة المتقدمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير