ـ[القرشي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 10:20 م]ـ
كتاب " تقريب التهذيب "
وفيه تمهيد ومطلبان:
المطلب الأول: الطبقات عند الحافظ ابن حجر.
المطلب الثاني: العلامات والرقوم.
تمهيد
اهتم العلماء منذ وقت مبكر بتأليف الكتب التي تتكلم عن الرواة، وتحكم عليهم، وتبين مراتبهم من التوثيق والتضعيف وغير ذلك، وفائدة هذا: التوصل إلى معرفة صحة الحديث من سُقْمِه؛ لذا زخرت المكتبة الإسلامية بالجم الغفير من الكتب منذ نهاية عصر التدوين حتى يوم الناس هذا، وكانت من الكثرة بحيث أصبحت عملية عدها مستعصية على العادِّ ويكاد يكون أمراً غير ممكن، إلا أن هناك بعضاً من المصنفات نالت حضوة لدى الباحثين وقيمة عليا عند المحققين منها: تاريخ يحيى بن معين (برواياته المختلفة) وكتب السؤالات التي وجهت للإمام أحمد، وتواريخ البخاري، ومصنفات ابن أبي حاتم وثقات ابن حبان وابن شاهين، ومؤلفات الدارقطني وغيرها الكثير الكثير.
ولما كان كلام أئمة الجرح والتعديل متناثراً في كتبهم تلفه طويات صفحاتها كان أمر جمع أقوال النقاد في كل راوٍ على حدة حلماً ساور الكثير من المصنفين إلى أن جاء الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي المقدسي الحنبلي (544 – 600 هـ) فصنف سفره العظيم: " الكمال في أسماء الرجال " فكان بحق كتاباً نافعاً ماتعاً، ويكفيك للدلالة على علو كعب هذا الكتاب إقدام المزي على تهذيبه.
وقد تناول الحافظ عبد الغني في كتابه هذا رجال الكتب الستة من خلال بيان أسمائهم وما قيل فيها من اختلاف وبيان شيوخهم وتلامذتهم، وما قيل في كلٍ منهم من جرح وتعديل، وما عرف من وفيات أكثرهم. ومع حرصه الشديد على الشمول والاستقصاء، فقد فاته بعض الرواة الذين لم يقف عليهم، فشاب - وما شان – كتابه شيء من النقص، كان بحاجة إلى إكمال.
فقيض الله تعالى لهذا العمل العظيم رجله بحق الإمام الحافظ أبا الحجاج المزي (654 – 742 هـ) فعمل على تهذيب كتاب الكمال طلباً لاختصاره وأضاف تراجم كثير من الرواة الذين فات الحافظ عبد الغني ذكرهم طلباً للاستيفاء، وحذف منه وأضاف له، وسمَّاه: " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " فكان بحق كمالاً للكمال، ومكملاً لفوائد اقتضاها الحال.
ومن الناس من يظن أن عمل الحافظ المزي إنما هو اختصار للكمال، وهو خطأ لطالما سمعناه من كثير من المشايخ، والذي يظهر أن التهذيب هنا بمعنى: التصحيح والاستدراك.
ولقد تجمع من جهد هذين الحافظين عمل فذ كان الذروة في بابه، إلا أن الكتاب طال جداً، وصعبت على الناس مراجعته، مع بعد الزمان وتقاصر الهمم، الأمر الذي حدا بكثير من العلماء إلى اختصاره طلباً للتيسير ودفعاً للمشقة المتوقعة، فكان أحد هؤلاء الحافظ ابن حجر، حيث اختصره في كتابه " تهذيب التهذيب " فكان كتاباً عظيماً نافعاً.
ويتلخص تهذيب الحافظ ابن حجر فيما يأتي:
1 - لم يحذف من رجال " تهذيب الكمال " أحداً، وإنما زاد فيهم من هو على شرطه.
2 - أعاد التراجم التي حذفها المزي من أصل " الكمال " وكان الحافظ عبد الغني قد ذكرها بناءً على أن بعض الستة أخرج لهم، وكان المزي قد حذفهم بسبب عدم وقوفه على روايتهم في شيء من الكتب الستة.
3 - حذف من الترجمة الأحاديث التي خرجها المزي من مروياته العالية الموافقات والابدال، وغير ذلك من أنواع العلو.
4 - لم يستوعب شيوخ وتلاميذ المترجم بل اقتصر على المشهورين منهم وحذف الباقين.
5 - لم يلتزم نهج المزي في ترتيب شيوخ صاحب الترجمة والرواة عنه على حروف المعجم، بل قدم المشهورين على غيرهم.
6 - حذف من الترجمة أغلب الأخبار التي لا تدل على توثيق ولا تجريح.
7 - حذف كثيراً من الاختلافات المذكورة في وفاة المترجم.
8 - ميز ما أضافه إلى الترجمة بـ ((قلت)) (1) ثم يسوق قوله.
¥