تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فوائد هذا الكتاب العظيم أنه جمع ما استدرك على المزي فوضعه في محاله وقد ذكر الحافظ استفادته من زوائد الذهبي في " تذهيب تهذيب الكمال " ثم قال: ((وقد انتفعت في هذا الكتاب المختصر بالكتاب الذي جمعه الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي على تهذيب الكمال مع عدم تقليدي له في شيء مما ينقله وإنما استعنت به في العاجل، وكشفت الأصول التي عزا النقل إليها في الآجل فما وافق أثبته، وما باين أهملته، فلو لم يكن في هذا الكتاب المختصر إلا الجمع بين هذين الكتابين الكبيرين في حجم لطيف لكان معنًى مقصوداً هذا مع الزيادات التي لم تقع لهما، والعلم مواهب، والله الموفق)) (مقدمة التحرير: (1/ 10 – 12)، وقد أشار الحافظ نفسه في مقدمة تهذيبه (1/ 2 – 5 و 8) إلى هذه الأمور).

ولما كان الكتاب يمتاز بهذه الزيادات النافعة الماتعة، أصبح على نفاسته مَدْرَسَ الناس ومرجعهم، ينهلون منه العلم والمعرفة في تفحص أحوال الرجال التي إليها المرجع في معرفة صحيح الحديث من ضعيفه، ثم أراد الحافظ ابن حجر أن يقرب فوائد هذا الكتاب إلى الناس فاختصر تهذيب التهذيب في كتابه " تقريب التهذيب " راعى فيه الفائدة والاختصار بحيث تكون الترجمة تشمل اسم الرجل واسم أبيه وجده، ونسبه، ونسبته، وكنيته، ولقبه، مع ضبط المشكل بالحروف، ثم الحكم على كل راوٍ من المترجمين بحكم وجيز، ثم التعريف بعصر كل راوٍ حيث قسَّمهم على طبقات، جعلها اثنتي عشرة طبقة ثم ذكر الرموز لكل راوٍ والتي تنبئ عن مكان وجود أحاديث المترجم في الكتب (التحرير: 1/ 13 – 14).

وقد بين الحافظ نفسه سبب اختصاره للتهذيب بالتقريب فقال: ((فإني لما فرغت من تهذيب" تهذيب الكمال في أسماء الرجال" الذي جمعت فيه مقصود التهذيب لحافظ عصره أبي الحجاج المزي، من تمييز أحوال الرواة المذكورين فيه وضَمَمْتُ إليه مقصود إكماله، للعلامة علاء الدين مغلطاي، مقتصراً منه على ما اعتبرته، وصحَّحته من مظانه من بيان أحوالهم أيضاً وزدت عليهما في كثير من التراجم ما يُتَعَجَّبُ من كثرته لديهما، ويستغرب خفاؤه عليهما، وقع الكتاب المذكور من طلبة الفن موقعاً حسناً، عند المميز البصير، إلا أنه طال إلى أن جاوز ثلث الأصل … والثلث كثير، فالتمس مني بعض الأخوان أن أجرد له الأسماء خاصة، فلم أوثر ذلك لقلة جدواه على طالبي هذا الفن، ثم رأيت أن أجيبه إلى مسألته، وأسعفه بطلبته على وجه يحصل مقصوده بالإفادة ويتضمن الحسنى التي أشار إليها وزيادة، وهي: أنني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به، بألخص عبارة وأخلص إشارة بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالباً يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته، ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل ثم التعريف بعصر كل راوٍ منهم، بحيث يكون قائماً مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمن لبسه)) (التقريب: 1/ 23 – 24، طبعة مصطفى)

وهذا ملخص جيد عن المنهج الذي سار عليه الحافظ ابن حجر في كتابه " التقريب ". ثم إن كتاب تقريب التهذيب هو خلاصة جهود الحافظ ابن حجر في علم الجرح والتعديل، وآخر اجتهاداته، وقد فرغ من تأليفه عام (827 هـ) فظلَّ يحرر فيه، وينقح فيه، ويضيف إليه وينقص حتى عام (850 هـ) أي قبيل وفاته بعامين، قال الشيخ الفاضل محمد عوامة: ((إذا كان الحافظ – رحمه الله – قد أنهى شرحه " فتح الباري " عام (842 هـ)، فإنه ظلَّ يشتغل ويصقل كتابه " التقريب " ويعمل يده فيه إلى عام (850 هـ)، كما هو واضح من تواريخ الإلحاقات، والإضافات على النسخة التي بين يدي، وقد أرخ عشرين إلحاقاً منها مؤرخة سنة (848 هـ) وإحالة واحدة مؤرخة سنة (850 هـ)، ثم قال: ((فلا مجال لاحتمال زيادة إطلاع الحافظ على زيادة في الجرح والتعديل، أهمل خلاصتها فلم يلحقها في " التقريب " خلال هذه السنوات الطويلة من عام (827 – 850 هـ) وعلى احتمال إطلاعه على أشياء جديدة، فإنها أقوال لا تغيِّر من أحكامه)) (مقدمته للتقريب: 36)

المطلب الأول: الطبقات عند الحافظ ابن حجر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير