تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكثير من المحققين اليوم يقوون بما لا يصلح به التقوية من مناكيرالرواة الضعفاء، أو شواذ الرواة الثقات.

0ـــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع:

ما أخرجه الترمذي [3489]، والحاكم [1/ 493] من طريق:

صالح المري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه "

قال الترمذي:

هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه "

وأما الحاكم فقال:

هذا حديث مستقيم الإسناد، تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد أهل البصرة، ولم يخرجاه "

وتعقبه الذهبي بقوله:

"صالح منروك"

قلت: صالح هو ابن بشير المري، أحد زهاد البكا ئين إلا أنه ضعيف جدا من جهة الرواية، يروي المناكير والبواطيل عن الثقات، وهو في حيز الترك، وقد تفرد به من هذا الوجه عن هشام بن حسان، ولم يتابعه عليه أحد من أصحاب هشام الثقات، ولا حتى الضعفاء، ولذا قال الترمذي " غريب "وهو بمعنى المنكر.

وله شاهد من حديث عبد الله بت عمروـ رضي الله عنه ــ عند أحمد [2/ 177] إلا أنه من رواية حسن بن موسى الأشيب عن ابن لهيعة، والحسن سماعه متأخر من ابن لهيعة، وكذلك ففي السند بكر بن عمرو المعافري و فيه جهالة ..

فشاهد عبد الله بن عمرو وإن كان محتمل الضعف، إلا أن السند الأول منكر،و من ثم فلا يصح تقوية السندين أحدهما بالآخر كما فعل بعض أهل العلم من المعاصرين ...

4ــ تقوية الوجه المحفوظ أو المعروف بالوجه الشاذ أو المنكر:

وهذا شائع جدا عند كثير من المحققين المعاصرين، و مرد ذلك إلىعدم اعتبار الإختلاف في الطرق على الراوي، واعتبار أن كل طريق من هذه الطرق حديث مستقل، مع أن المحفوظ يقابله الشاذ، والمعروف يقابله المنكر، كما هو معروف.

إذن فالمحفوظ أو المعروف هو الرواية الراجحة، والشاذ أو المنكر هو الرواية المرجوحة، فلا يصح تقوية الراجح بالمرجوح، لأن مرد الروايتين إلى أصل واحد، ورواية واحدة ..

0ــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع:

حديث: "إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه ".

هذا الحديث أخرجه الترمذي [2912]: ثنا إسحاق ين منصور، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية، عن العلاء ين الحارث، عن زيد بن أرطأة، عن جبير بن نفير، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره مرسلا.

فإن جبير بن نفير من التابعين، ولذا قال البخاري ــ رحمه الله ــ في "خلق أفعال العباد " [509]

هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه.

قلت: وقد أخرجه الحاكم [1/ 555]، والبيهقي في "الأسماء والصفات " [503] من طريق:

سلمة بن شبيب، حدثني أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرحمن بن مهدي بسنده، إلا أنه قال: عن أبي ذر الغفاري ــ رضي الله عنه ــ فرواه مرفوعا متصلا.

وهنا يجب التنبه، فلأول وهلة قد يظن المحقق أن المخالفة إنما وقعت بين إسحاق بن منصور، وبين أحمد بن حنبل، وكلاهما من الثقات الحفاظ المتقنين، وليس الأمر كذلك.

بل الوصل في رواية الحاكم والبيهقي وهم من الراوي عن أحمد بن حنبل وهو سلمة بن شبيب، فهو وإن كان من الثقات إلا أنه قد خولف في وصل هذا الحديث.

فقد رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه عن عبد الرحمن بن مهدي به مرسلا كما في " السنة " [109]، وكما في "الزهد " [35]

وتابعهم على الإرسال محمد ين يحي بن فارس، عن ابن مهدي كما عند أبي داود في " المراسيل " [538]

وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات " [502] من طريق:

عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، فذكره بسنده إلا أنه قال:عن عقبة بن عامر الجهني.

وعبد الله بن صالح كثير الغلط، كانت تدس له أحاديث فيحدث بها بسلامة باطن، وقد خالفه الأكثر والأحفظ، فلا شك أن الرواية المرسلة هي المحفوظة، وأن الروايتين الموصولتين شاذتان.

وللحديث شاهدمن رواية أبي أمامة ــ رضي الله عنه ــ عند أحمد [5/ 267] والترمذي [2911] من طريق:

بكر بن خنيس، عن ليث بن أبي سليم، عن زيد بن أرطأة، عن أبي أمامة، قال: قال النبي صلى الله ىعليه وسلم:

ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما، وإن البر ليذر على رأس العبد ما دام في صلاته، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير