تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: حكم المبهم حكم مجهول العبن، وكما أن التعديل على الإبهام لا يعتد به، فكذلك الجهالة الناتجة عن الإبهام لا ترتفع بالمجموع، ولا تحصل لها التقوية بالعدد والكثرة، لما في ذلك من الإحالة على الجهالة، ولو كان ذلك كذلك، للزم منه أن المجهول العين يقوي غيره، ويتقوى بغيره،بل الذي صح من صنيع الأئمة أن الحديث إذا انفرد بروايته المجاهيل أعلوه بذلك، وجعلوه قادحا، ولم يذهب أحد منهم بتقوية مثل هذا الحديث بمجموع الطرق المجهولة أو المبهمة الإسناد، فليتنبه فإنها مسألة مهمة جدا، قد تورد على الباحثين والمحققين كثيرا من التساهل في التصحيح ..

6ــ تقوية المرفوع محتمل الضعف بالموقوف:

وهذه مسألة من المسائل المهمة جدا، ذلك لأن المذهب الذي بنى عليه العلماء الثول بالتقوية إنما كان تقوية المرفوع بالمرفوع، وأما تقوبة المرفوع بالموقوف فلم يذكره إلا الشافعي ــ رحمه الله ــ في مسألة الإحتجاج بمراسيل كبار التابعين، و الإحتجاج بالخبر شيء، وتصحبحه شيء آخر.

ثم إنه خصه بمراسيل كبار التابعين ولم يطرده في غيرها ..

وهو الغالب ما يقع من المعاصرين في هذا الباب ليس تقوية المرفوع بالموقوف فحسب، بل تقوية المحفوظ بالشاذ أو المنكر، ومن الأمور التي تخفى على طلاب العلم وهو غالبا ما يكون الموقوف وجها آخر عن المرفوع، قد اختلف فيه على أحد رواة الموفوع ...

فلعلي أسوق مثالا يجلي ذلك بوضوح هذا الخطأ الشائع:

ما أخرجه أبوداود [2652] من طريق: هشام ــ وهو الدستوائي ــ عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال:

كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال.

وهذا السند رجاله ثقات، وهو صحيح، لولا أن بعض المعاصرين قد أعله بعنعنة الحسن جريا على وصفه بالتدليس، وجعل هذه العنعنة من أسباب الضعف المحتمل.

ثم ما أورد ما أخرجه أبو داود [2657] من طريق:

همام، قال: ثنا مطر، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك، أي أنه مرفوع، وليس بموقوف.

قال هذا المعاصر:

" وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير مطر وهو الوراق وحديثه يحتمل التحسين على ضعف فيه، وخاصة أنه من رجال مسلم.

" فإذا انضم هذا الحديث إلى الموقوف الذي قبله، ازداد قوة "

قلت: فمثل هذه التقوية لا تصح جملة، ولا تفصيلا من جهتين:

الأولى: أنه قوى المرفوع بالموقوف ...

الثانية: أن المرفوع والموقوف وجهين لرواية واحدة، فلا بد من الترجيح بينهما، فقد وقع الإختلاف في الوقف والرفع والسند على قتادة بن دعامة السدوسي، فرواه هشام الدستوائي وهو من الحفاظ الثقات ومن الطبقة الأولى من أصحاب قتادة ـــ على الوجه الأول.

ورواه مطر الوراق ــ وهو صاحب أغلاط ومناكير ــ عن قتادة السدوسي بالسند الثاني مرفوعا.

ومن هنا يتبين تباين منهج متقدمي أهل الحديث في الترجيح وأنهم لا يقبلون الزيادة في السند، وإنما يرجحون بالقرائن، فرواية هشام الدستوائي هي الأصح.

ومن ثم تكون هذه التقوية من باب تقوية الراجح بالمرجوح والمحفوظ بالمنكر أو الشاذ، ولم يقل بهذا أحد من أهل التحقيق وجهابذة أهل العلم

متابعة والأخيرة ...

7ــ التقوية بالموقوف لفظا النرفوع حكما:

وأما التقوية بالموقوف لفظا إلا أن له حكم الرفع كما في الإخبار عن بعض الغيبيات ونحوها مما لا مجال للإجتهاد، فقد قرأت للشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ بأنه يذهب إلى تقوية بها كما في الصحيحة [1351]

ولم أقف على أحد ممن تقدم يقوون بعموم الموقوف، نعم قد يذكرون الموقوفات عند الكلام على طرق الحديث، إلا أن تقوية المرفوع بالموقوف استقلالا لم يذكرها أحد ضمن أسباب التقوية وأتواعها لا سيما الحافظ ابن حجر، ومن قبله ابن الصرح ـــ رحمهما الله.

وأما السخاوي قرأت له في فتح المغيث [1/ 123] بأنه يذهب إلى أن الموقوف، بل والمقطوع أحد ما يعتضد به المرسل، ولم يطرده في غير المرسل من أسباب الضعف المحتمل الأخرى، وهو توسع غير مرضي، والظاهر إعتماده في ذلك على كلام الشافعي، وقد تقدم أن كلامه مخصوص بمرسل كبار التابعين، وأن ذلك من أجل قيام الحجة، لا من أجل إثبات الصحة وفرق بينهما كبير ...

8ــ عدم اعتبار نكارة المتن عند التقوية بمجموع الطرق:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير