12 - إذا روى أحد الثقات حديثاً بإسناد ما ثم روى عين الحديث بإسناد آخر مغايراً للأول فإن ثبت كلا الاسنادين عنه فيها وكانت الرواية صواباً نفعت، وإن لم يثبتا فلا يدخل في موضوع الشواهد بل إن أحدهما يكون معلاً للآخر أو يصح الإسناد إلى الراوي لكن تكون إحدى الروايتين خطأ، وقد يختلف النقاد فيه.
مثال ذلك ما رواه الترمذي (22) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) قال عقبه: ((وقد روى هذا الحديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم)). وحديث أبي سلمة، عن أبي هريرة وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما عندي صحيح؛ لأنه قد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، وحديث أبي هريرة إنما صحح؛ لأنه قد روي من غير وجه وأما محمد فزعم أن حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح)).
13 - إذا تتابع الضعفاء على رواية حديث تسلك فيه الجادة توقف فيه سيما إذا خالفوا أحد الثقات فرواه بإسناد مخالفاً لما رواه الجماعة.
14 - كثير من الأحاديث نجد في سندها مبهماً ثم يُصَرَح باسمه في غير ذاك الإسناد فإذا كانت التسمية محفوظة، وأن هذا المبهم هو ذاك المسمى فلا يصح بداهة أن تقوى الرواية المبهمة بالرواية المبينة أو العكس؛ لأنه والحالة هذه يكون من باب تقوية الحديث بنفسه.
15 - في كثير من الأحيان تكون ثقة رجال السند دليلاً على شذوذه وذلك بأن يكون المتن محفوظاً بإسناد معين والإسناد فيه كلام ثم يروى ذلك المتن بإسناد آخر ظاهره الصحة ويكون الإسناد الأخير عبارة عن وهم دخل على روايه نتيجة انقلاب بعض الأسانيد في ذهنه. فنجد النقاد يحكمون بأنَّ هذا الراوي قد دخل عليه إسناد في إسناد وهذا يوجب التفطن له عند البحث عن المتابعات والشواهد والواقع أنَّ الحديث إنما يحكم عليه بإسناده المعروف به. أما هذا الإسناد الذي ألصقه ذلك المخطئ بهذا المتن فهو إسناد ليس لهذا المتن بل لمتن آخر فلا اعتبار به في هذا المتن خاصة.
16 - إذا وقع اختلاف في حديث ما استدعيت المتابعات والشواهد ولكن قد يكون موضع الاستشهاد خاصاً معلولاً في الأحاديث المستشهد بها فعند ذاك يكون وجود الشاهد كعدمه، وقد يكون أصل الشاهد صحيح، وله نفس معنى الحديث المستشهد له إلا موضع الخلاف فيه وهذا يكون أيضاً كلا شاهد.
17 - الضعف اليسير قد يتولد منه خطأ كبير فإذا وجدت في حديث راوٍ في حفظه شيء أو فيه بعض الكلام فلا تتعجل الحكم عليه قبولاً أو رداً فهذا الراوي وإن كان في الأصل صدوقاً غير أنه ما نزل عن شرف الثقة إلا لأوهامه لذلك فقد يكون تفرده علامة على علة خفية في حديثه، وهذا مما ينبغي التفطن له سيما في الاعتبار أو الشواهد.
18 - روايات المدلسين المعنعنة تسبر حتى إذا عثر على تصريح المدلس بالسماع قبلت وإن لم يكن، كان حاله حال الروايات الضعيفة في الأعم الأغلب، فإذا كان المدلس ذا تسوية وجب التنقيب عن سماعه من شيخه وشيخ شيخه وهكذا إلى آخر السند.
تنبه: الشواهد لا تنفع في دفع احتمال التدليس؛ لأن غاية ما يكون في ذكر الشواهد هو بيان حال المتن إذ لعله يصح من طريق غير طريق المذكور.
19 - إذا كان في إسناد راوي المتابعة راو معروف بسرقة الحديث فإنَّ حديثه في المتابعات ساقط؛ لأنَّ السارق يأتي إلى أحاديث يرويها غيره بالفعل عن شيخ من الشيوخ فيسمعها هو من بعض أصحاب ذلك الشيخ ثم يسقط الواسطة. ويرتقى بالحديث إلى الشيح نفسه مصرحاً بالسماع منه، وهو لم يسمعه منه فيدعي سماع ما لم يسمع.
والفرق بين السرقة والتدليس واضح فإن المدلس لا يصرح بالسماع بل يأتي بصيغة محتملة، بخلاف السارق، فإنه يصرح بالسماع ويكذب في ذلك فإذن متابعة السارق لا تدفع عنه تهمة السرقة، بل تؤكد التهمة عليه و أنه إنما أخذ حديث غيره فرواه مدعياً سماعه.
20 - من عرف بقبول التلقين لا يصلح حديثه للاعتضاد في الأعم الأغلب، وإن كان قابل التلقين غير متهم؛ لأن الخلل الحاصل من قبوله التلقين، يفضي إلى طرح حديثه، وعدم اعتباره.
أما سؤالك عن التلقين:
¥