تكلم فيه الإمام أحمد والنسائي وقالوا: يروي المنكرات عن أيوب، وهذه الرواية من جُملةمُنكراته، وقد خَالف الثقات ـ أيضاً ـ من أصحاب أيوب وأصحاب نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا سجد أحدكم فليضع يَدَيْه)) وليس فيه قبل ركبتيه، وإنما قال: ((فليضع يده)) وبالفعل لا بُدَّ من وضع اليدين في السجود.
وأما الحديث الذي رواه أصحاب ((السنن)) من حديث الدراوردي عن محمد عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هُريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل رُكبتيه"فأين أصحاب أبي الزناد كمالك حتى يتفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن ...
فهذا الحديث باطل ومَلِيءٌ بالعلل إسناداً ومتناً، والفضل يعود عليكم وعلى شيخكم عبد الله السعد حفظه الله ورعاه بعد فضل الله ..
وقد ضعفه كبار الحفاظ، وعلى رأسهم،
1ـ البُخَاري، قال ((محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟؟ فكل همي يدور حول هذه المسألة، رجاء أن تثلج صدري، وحتى ألم بهذه المسألة، ثم أنتقل إلى باب آخر إن شاء الله ..
2ـ حَمْزةالكِنَانِي ـ وهو من كبار الحُفاظ المَصريين ـ قال: هذا حديث مُنكر .. ثم
3ـ الخطابي صاحب ((معالم السنن)) قال:" الحديث وائل ن حُجر أصح من حديث أبي هُريرة .. وهذا كله قد وضحته، ولا فائدة في إعادة ما بينته، وكان بيانا شافيا، وحدا فاصلا،وقطعا للشكوك ...
فبارك الله في علمكم شيخي الكريم، وزادكم علما على علم ..
جواب آخر:الحمد لله الذي بحمده تدوم الصالحات وتنكشف الهموم والعثرات، وبه يستشعر العبد آلاء ربه فيسمو ويعيش الحياة الطيبة الهنية، والصلاة والسلام على إمام الرسل وخاتمهم محمد بن عبد الله الخلق الحسن والمؤيد بالمعجزات.
أما بعد: فإنَّ البحث والتنقيب في الأسانيد، وبيان ضعيفها من جيدها من خصائص الأمة المحمدية التي تميزت بها ن سائر الأمم السابقات، فقال إسحاق بن راهويه: ((رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمني، فإنَّ إسناد الحديث كرامة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم)) وقال أبو حاتم: ((لم يكن في أمة من الأمم مذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة)) وقال علي القارئ: ((أصل الإسناد خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة، وسنة بالغة من السنن المؤكدة .. )) فإنَّ حفظ الأسانيد، والبحث فيها هبة وهبها الله لهذه الأمة المباركة، وضلوع المرء فيها إنمَّا هو دليل على تقلب العبد في هبات ربه الى المسلك الصحيح الذي يختم برضا الرب عن العبد بإذن تعالى.
نعم أخي: فإنَّ ما سألت عنه فيه تفصيل. فأما إعلال أحاديث الصدوق بالتفرد وطرحها، فإنَّ هذا ليس على إطلاقه، بل تكون عملية القبول والرد تبعاً لما يحف الحديث من قرائن. فلرب راوٍ ثقة ضُعف في بعض الشيوخ، كرواية معمر، عن قتادة، ورواية الأوزاعي، عن الزهري، والأعمش في أبي إسحاق السبيعي .... ، وغير ذلك، وعلى النقيض من ذلك فإنَّ بعض الرواة الضعفاء، يكونون ثقات في بعض الشيوخ كرواية عبد الرحمان بن أبي أبي الزناد – فإنَّه ضعيف – إلا إذا روى عن أبيه، وكذلك روايته عن هشام بن عروة فإنَّه قويٌّ فيها، وكذلك رواية بقية، عن غير الشاميين فيها منكرات كثيرة؛ لذلك فإنَّ إعلال الأحاديث بمجرد التفرد، مما ينبغي الحذر منه، ولكن في الأحيان تنظم إلى التفرد عوامل أخرى، فيكون التفرد دليلاً على علة الحديث كأن ينفرد راو بما يخالف أحاديث الباب، أو يأتي بإسناد غريب، يتطلب حافظاً كبيراً، ويقوى الإعلال إذا شُفعت هذه العوامل بنصوص النقاد، فعند ذلك يكون التفرد معول الناقد في نقده. ولعل الحدبث الذي ذكرته ينطبق عليه ما ذكرته، وذلك أن هذا الحديث يبدو للوهلة الأولى حسناً غير أنَّ تفرد الدراوردي عن محمد بن عبدالله، وتفرد الأخير، عن أبي الزناد، سلط الضوء على علة خفية في هذا الحديث، فإذا زدنا على التفرد أن سلسلة: ((أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة)) أحد الأسانيد الذهبية، بل قد قدمها البخاري رحمه الله على عامة السلاسل؛ فقوى عندنا عامل الإعلال.
¥