هؤلاء جميعهم: (البخاري، وأحمد، ومحمد بن سهل، وإبراهيم بن يعقوب، ومحمد بن يحيى، والعباس بن الوليد الدمشقي، ومحمد بن أبي الحسين، ومحمد بن مسلم بن وارة، وعبد الرحمان بن عمرو الدمشقي، وموسى بن سهل الرملي، ومحفوظ بن أبي توبة، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، والحسن بن أحمد، وإبراهيم بن الهيثم وعمرو بن منصور) رووه عن علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر، عن جابر، ولم يذكر: ((إنَّك لا تخلف الميعاد)) مما يجعلنا نجزم مطمئنين بخطأ محمد بن عوف.
وإتماماً للفائدة فقد ذكر العلامة الألباني في " إرواء الغليل " عقب تخريج الحديث فوائد حديثية هامة تتعلق بهذا الحديث رأيت أن أكتبها جميعها رغم طولها لأهميتها، قال الشيخ – رحمه الله –: ((تنبيه: وقع عند البعض زيادات في متن هذا الحديث فوجب التنبيه عليها:
الأولى: زيادة: إنك لا تخلف الميعاد في آخر الحديث عند البيهقي، وهي شاذة؛ لأنها لم ترد في جميع طرق الحديث عن علي بن عياش اللهم إلا في رواية الكشميهني لصحيح البخاري خلافاً لغيره فهي شاذة أيضاً لمخالفتها لروايات الآخرين للصحيح، وكأنه لذلك لم يلتفت إليها الحافظ، فلم يذكرها في " الفتح " على طريقته في جمع الزيادات من طرق الحديث ويؤيد ذلك أنها لم تقع في " أفعال العباد " للبخاري والسند واحد. ووقعت هذه الزايدة في الحديث في كتابه " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " لشيخ الإسلام ابن تيمية في جميع الطبعات (ص 55) طبعة المنار الأولى، و (ص 37) الطبعة الثانية منه و (ص 49) الطبعة السلفية، والظاهر أنها مدرجة من بعض النساخ، والله أعلم.
الثانية: في رواية البيهقي أيضاً: ((اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة)) ولم ترد عند غيره، فهي شاذة أيضاً، والقول فيها كالقول في سابقتها.
الثالثة: وقع في نسخة من " شرح المعاني ": ((سيدنا محمد)) وهي شاذة مدرجة ظاهرة الإدراج.
الرابعة: عند ابن السني: ((والدرجة الرفيعة)) وهي مدرجة أيضاً من بعض النساخ فقد علمت مما سبق أنَّ الحديث عنده من طريق النسائي وليست عنده ولا عند غيره، وقد صرح الحافظ في " التلخيص " (ص 78) ثم السخاوي في " المقاصد " (212) أنها ليست في شيء من طرق الحديث، قال الحافظ: ((وزاد الرافعي في المحرر في آخره: يا أرحم الراحمين. وليست أيضاً في شيء من طرقه، ومن الغرائب أنَّ هذه الزيادة وقعت في الحديث في كتاب " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " لابن تيمية، وقد عزاه لصحيح البخاري: وإني أستبعد جداً أنْ يكون الخطأ منه لما عرف به – رحمه الله – من الحفظ والضبط، فالغالب أنه من بعض النساخ، ولا غرابة في ذلك، وإنما الغريب أن ينطلي ذلك على مثل الشيخ السيد رشيد رضا – رحمه الله تعالى -، فإنه طبع الكتاب مرتين بهذه الزيادة دون أن ينبه عليها (ص 4) (الطبعة الأولى) و (ص 33) من الطبعة الثانية، وكذلك لم ينبه عليها الشيخ محب الدين الخطيب في طبعته (ص 43)!)) الإرواء 1/ 260 - 261.
قال ماهر: قال القسطلاني في " إرشاد الساري " 2/ 259: ((والكشميهني مما ليس في الفرع وأصله [بعد] الذي وعدته: إنك لا تخلف الميعاد)). أقول: ذكر هذه الجملة خطأ على البخاري فهو لم يذكرها في " خلق أفعال العباد "، ولم ترد عند البغوي الذي روى الحديث من طريق البخاري، ولم يذكرها الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الهادي الحنبلي في كتابه " الاختلاف بين رواة البخاري " وكذا لم يعرج على هذه الجملة ابن حجر في " الفتح " ولا العيني)).
أقول أيضاً: قال البيهقي في " السنن الكبرى " عقب الحديث: ((رواه البخاري في " الصحيح عن علي بن عياش)).
أقول: نعم إنَّ البخاري أخرجه عن علي بن عياش لكن ليس فيه ذكر: ((إنك لا تخلف الميعاد)) ومعنا كلام البيهقي أنَّ البخاري أخرج أصل الحديث لا لفظه، لذا قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة 1/ 123: ((البيهقي في " السنن الكبرى " و" المعرفة " وغيرهما، والبغوي في " شرح السنة" وغير واحد يروون الحديث بأسانيدهم، ثم يعزونه إلى البخاري، أو مسلم مع اختلاف الألفاظ أو المعاني؟ والجواب: إنَّ البيهقي وغيره ممن عزا الحديث لواحد من الصحيحين، إنما يريدون أصل الحديث، لا عزو ألفاظه)). وانظر النكت الوفية (36/أ)، وفتح الباقي 1/ 121 مع تعليقي عليه.
ومن خلال هذا التعليق يدرك قصور صنيع الذهبي في كتابه " المهذب في اختصار السنن الكبير " 1/ 406 (1737).
زيادة: قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله -: ((بعض الناس قال: إنَّ زيادة إنك لا تخلف الميعاد شاذة؛ لأنَّ أكثر الرواة رووه بدون هذه الزيادة، فتكون رواية من انفرد بها شاذة؛ لأنها مخالفة للثقات، وإن كان الراوي ثقة. لكنه يمكن أن نقول: لا مخالفة هنا؛ لأنَّ هذه الزيادة لا تنافي فيما سبق، بحيث أنها لا تكذبه ولا تخصصه، وإنما تطبعه بطابع هو من دعاء المؤمنين كما قال الله عنهم: ((رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)) فحينئذ يحتاج إلى أن نثبت في مسألة الزيادة هل هي مخالفة أو غير مخالفة، أي: أننا لا نتسرع بالقول بالمخالفة؛ لأنَّ المخالفة تعني لا يمكن الجمع، أما إذا أمكن الجمع فلا مخالفة)) شرح المنظومة البيقونية 68. (وحكم بثبوت الزيادة الشيخ عبد العزيز بن باز – يرحمه الله – وكذا اللجنة الدائمة).
أقول: إنَّ الاستشهاد على تقوية الأحاديث والزيادات بالقرآن طريقة غير مقبولة وهي تخالف طريق العلماء المتقدمين، وانفراد الراوي عن شيخ بشيء لا يوجد عند جمع من تلاميذ هذا الشيخ المدار أكبر مخالفة.
http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=1160&page=2
المصدر:
¥