تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر ابنُ كثير في تفسيره مثلَهُ عن أبي محمدٍ الحسنِ القرشيِّ [تفسير ابن كثير 2/ 522] ..

وثبت عن مجاهدٍ، وابنِ جُرَيجٍ، وابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، وغيرِهِم، وهو سنة المكيين لا يتركونها أبداً، ولا يعتبرون رواية البزي ولا غيره ..

أقولُ: فمن وصَفَ مثلَ هذا بأنه بدعةٌ فهذا جهلٌ منه وتَهَوُّرٌ.

http://www.tafsir.net/images/fasil.gif

4- ـ شبكة التفسير: ما نصيحتكم للقراء وحفاظ القرآن في هذا الزمن؟

د. عبد العزيز القارئ: اليوم ـ والحمد لله ـ هناك إقبالٌ عظيمٌ على حفظِ القرآن وتجويده، من الذكور والإناث والصغار والكبار، وهذا من مظاهر الصحوة العامة التي انتشر نورها في كل مكان، وأنا أرى أن كل هذا إرهاصاتٌ لفجرٍ قادم سينبلج إن شاء الله ونصرٍ مُؤزَّرٍ يتحقق بحول الله.

نصيحتي لمن اشتغل بالقرآن الكريم أن يخلصوا النيةَ فيهِ أولاً؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُتأَكَّلَ بالقرآن فقال: (اقرأوا القرآنَ ولا تأكُلُوا بهِ ولا تَجْفُوا عنه ولا تَغْلُوا فيه) رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: (اقرأوا القرآنَ من قبل أَنْ يأتِيَ قومٌ يُقِيمُونَهُ إقامَةَ القِدْحِ يتعجَّلُونه ولا يتأجَّلُونه) رواه أبو داود.

وهناك نصيحةٌ تتعلَّق بالبدايةِ وأخرى تتعلَّق بالدوام والثباتِ، أما التي تتعلَّقُ بالبدايةِ فهي أن يحرص المبتدئُ أو يَحْرصَ وليُّهُ إنْ كانَ صغيراً على تَلَقِّي القرآنِ وتجويدِهِ على مُتْقِنٍ مشهودٍ له بالإتقانِ والفصاحةِ في الحروفِ والإِجادَةِ في تطبيقِ الأحكامِ؛ حتى ينشأَ لسانُهُ على النُّطْقِ الصحيح؛ فإنه إذا نشأَ منذُ البدايَةِ على غير ذلك تَعَسَّرَ بعد ذلك إصلاحُهُ؛ وقد سمعنا بعضَ المشهورين من أهل المحاريب يَلْحَنُ في بعضِ الحروفِ ويُخِلُّ بِهَا، وصَعُبَ عليه إصلاحُهَا، وتبيَّنَ أنَّ سبَبَهُ تَلَقِّيهِ القرآنَ منذ البدايةِ على غير المتقنين؛ فانطبع لسانُهُ على هذا الخللِ ..

وهذا ـ والله أعلم ـ من أسرار قولِ النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: (خذوا القرآنَ من أربعةٍ: من عبدِ الله بن مسعود، وسالمٍ، ومعاذٍ، وأُبيِّ بْنِ كعبٍ) فإن القراءَ من الصحابة غير هؤلاء كثيرٌ؛ وإنما خَصَّهم بالذكر لقوة إتقانهم أكثرَ من غيرهم.

وأما النصيحةُ التي تتعلَّقُ بالدوام والثبات: فإنني أوصيهم بالحرص على استذكار القرآن، وأن يكون للقارئ كلَّ يوم وِرْدٌ من القرآن يقرؤه لا يقلُّ عن جزءٍ؛ وهذا يُفْهَم من قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعبدِ الله بْنِ عمرو بن العاص: (اِقْرَأْه في شهر ـ أو في ثلاثين ـ) ثم تدرَّجَ به وهو رضي الله عنه يقول: إني أُطيقُ أفضلَ من ذلك. حتى قال له صلى الله عليه وسلم: (اقرأه في سَبْعٍ) قال: إني أُطيق أفضلَ من ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ أفضلَ من ذلك)، وكان الخَتْمُ في سَبْعٍ حِزْبَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو أفضلُ الأحوالِ في هذا المجالِ؛ لكنه صلى الله عليه وسلم بَدَأَ بالثلاثين؛ أي كلَّ يوم يقرأ جزءاً؛ فدلَّ على أن هذا أولُ المراتب وأدناها في الاستذكار، ويبدو أيضاً أن التابعين الذين قسَّمُوا المصحفَ إلى ثلاثين جزءاً أخذوه من هذا الأصل.

ومما يساعد على الاستذكار التعاونُ على ذلك؛ فإذا اتفق اثنان أو ثلاثة على أن يجتمعوا كلَّ يوم في مسجدٍ أو في أيِّ مكانٍ مناسبٍ فيتذاكرون القرآنَ فهذا من أفضل القُرُبَاتِ من جهةٍ، ومن أحسنِ الوسائلِ المساعدةِ على المحافظةِ على الحِفْظِ ..

وما رأينا في زماننا هذا أقوى حفظاً من الشيخ علي جابر رحمه الله فقد صلَّى التَّهَجُّدَ وحدَهُ في المسجد الحرام في أحد الأعوام؛ فما تَردَّدَ ولا تَلَجْلَجَ ولا أخطأ؛ ولما سألْتُه عن سرِّ قوةِ حفظِهِ أجابَ بأنه يراجع كلَّ يوم جزءاً من القرآن، وفي شهر شعبان يراجع ثلاثةَ أجزاء، وأنه لم يترك ذلك لا في سفر ولا في حضر ولا في مرض ..

وَلْيحرص أهلُ القرآن على إتقانِ تجويدِهِ فإنه مراتب؛ فلْيَحرصوا على أن يَصِلُوا إلى أعلى مراتبِ الإتقانِ ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير