تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجملة والله يحب المحسنين على سائر التقادير تذييل مقرر لمضمون ما قبله أبلغ تقرير وذكر بعضهم أنه كان الظاهر والله يحب هؤلاء فوضع المحسنين موضعه اشارة إلى أنهم متصفون بذلك

ـ[اقبال ابداح]ــــــــ[04 - 02 - 08, 01:39 م]ـ

الاخ المكرم وهذه تأملات ابن عاشور واستنباطاته لتأويل الاية وتفسيرها في التحرير والتنوير فلا تحرمه واياي من دعواتك في ظاهر الغيب

(ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم أتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين [93]) هذه الآية بيان لما عرض من إجمال في فهم الآية التي قبلها إذ ظن بعض المسلمين أن شرب الخمر قبل نزول هذه الآية قد تلبس بإثم لأن الله وصف الخمر وما ذكر معها بأنها رجس من عمل الشيطان. فقد كان سبب نزول هذه الآية ما في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك والبراء ابن عازب وابن عبس أنه لما نزل تحريم الخمر قال ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر أو قال وهي في بطونهم وأكلوا الميسر. فأنزل الله (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) الآية. وفي تفسير الفخر روى أبو بكر الأصم أنه لما نزل تحريم الخمر قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وفعلوا القمار وكيف بالغائبين عنا في البلدان لا يشعرون أن الله حرم الخمر وهم يطعمونها. فأنزل الله هذه الآيات

وقد يلوح ببادئ الرأي أن حال الذين توفوا قبل تحريم الخمر ليس حقيقيا بأن يسأل عنه الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعلم بأن الله لا يؤاخذ أحدا بعمل لم يكن محرما من قبل فعله وأنه لا يؤاخذ أحدا على ارتكابه إلا بعد أن يعلم بالتحريم فالجواب أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا شديدي الحذر مما ينقص الثواب حريصين على كمال الاستقامة فلما نزل في الخمر والميسر أنهما رجس من عمل الشيطان خشوا أن يكون للشيطان حظ في الذين شربوا الخمر وأكلوا اللحم بالميسر وتوفوا قبل الإقلاع عن ذلك أو ماتوا والخمر في بطونهم مخالطة أجسادهم فلم يتمالكوا أن سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حالهم لشدة إشفاقهم على إخوانهم. كما سأل عبد الله بن أم مكتوم لما نزل قوله تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم) فقال: يا رسول الله فكيف وأنا أعمى لا أبصر فأنزل الله (غير أولي الضرر). وكذلك ما وقع لما غيرت القبلة من استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة قال ناس: فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يستقبلون بيت المقدس فأنزل الله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي صلاتكم فكان القصد من السؤال التثبت في التفقه وأن لا يتجاوزوا التلقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور دينهم

ونفي الجناح نفي الإثم والعصيان. و (ما) موصولة. و (طعموا) صلة. وعائد الصلة محذوف. وليست (ما) مصدرية لأن المقصود العفو عن شيء طعموه معلوم من السؤال فتعليق ظرفية ما طعموا بالجناح هو على تقدير: في طعم ما طعموه

صلى الله عليه و سلم عليه الصلاة و السلام

(1/ 1196)


وأصل معنى (طعموا) أنه بمعنى أكلوا قال تعالى (فإذا طعمتم فانتشروا). وحقيقة الطعم الأكل والشيء المأكول طعام. وليس الشراب من الطعام بل هو غيره ولذلك عطف في قوله تعالى (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه). ويدل لذلك استثناء المأكولات في قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به). ويقال: طعم بمعنى أذاق ومصدره الطعم بضم الطاء اعتبروه مشتقا من الطعم الذي هو حاسة الذوق. وتقدم قوله تعالى (ومن لم يطعمه فإنه مني) أي ومن لم يذقه بقرينة قوله (فمن شرب منه). ويقال: وجدت في الماء طعم التراب. ويقال تغير طعم الماء أي أسن. فمن فصاحة القرآن إيراد فعل (طعموا) هنا لأن المراد نفي التبعة عمن شربوا الخمر وأكلوا لحم الميسر قبل نزول آية تحريمهما. واستعمل اللفظ في معنييه أي في حقيقته ومجازه أو هو من أسلوب التغليب
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير