تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيعجبه)) ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn2)) ولكنه إذا علم اللغة والنحو والصرف فإنما يستطيع أن يعبر عن حاصل المراد وأصل المعنى ولا يستطيع أن يفصح عن تمام المراد فلو أراد أن يخبرك بحضور تلميذ واحد من تلامذة درسه وتخلف الباقين فقال لك حضر زياد لم تفهم إلا أنه أخبرك بحضور زياد لئلا تكتبه متخلفاً ثم إذا علمت أن بقية التلامذة لم يحضروا فقلت له: ما بالك لم تخبرني بعدم حضور أنس ونافع وغيرهما؟ قال لك: ألستُ قد أخبرتك بحضور زياد ولم أذكر لك غيره؟ فدلك بقوله ذلك على قصوره في معرفة أداء جميع مراده على أنه لو تنبه لزيادة البيان لقال حضر زياد ولم يحضر أنس لم يحضر نافع لم يحضر زهير وأخذ يعدد بقية التلامذة أو استعان بحركة يديه فقال لك حضر زياد ثم ضرب بيديه كالنافض لهما كأنه يشير إلى معنى فقط فحينئذ أدى جميع مراده لكن بعبارة غير سهلة ومع إشارة فإذا كان قد علم الكيفية الخصوصية للتعبير عن هذا المراد وهي أن يقول ما حضر إلا زياد كان قد بلغ إلى أداء جميع مراده بكلام سهل وكذا إذا أراد أن يخبرك عما أبلاه عنترة من الشجاعة والفتك في يوم من أيامه فجعل يقول قتل فلاناً وجرح فلاناً وضرب فلاناً وضرب الفرس فأدماه وهرب راكبه وسبى نساءهم وحطم مشاتهم فإنه قد دلك على جميع مراده بعبارة غير واضحة في الدلالة على جميع المراد بكلام واضح الدلالة عليه، ولما كانت الكيفيات المذكورة لا تقع إلا في كلام خاصة أهل اللسان العربي سموها بالخصوصيات نسبة إلى الخصوص وهو ضد العموم الذي هو بمعنى الجمهور وتسمى بالنكت أيضاً.

فالعلم الباحث عن القواعد التي تصير الكلام دالاً على جميع المراد وواضح الدلالة عليه يدعى علم البلاغة، ثم إن هنالك محسنات للكلام متى اشتمل عليها اكتسب قبولاً عند سامعه ولما كان حسن القبول يبعث السامع على الإقبال على الكلام بشراشره وكان في ذلك عون على إيعاء جميع المراد جعلوا تلك المحسنات اللفظية من لواحق مسائل هذا العلم سواء كان حسنها عارضاً للفظ من جهة موقعه المعنوي ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn3)) كالمطابقة في قول أبي ذؤيب الهذلي:

أما والذي أبكى وأضحك والذي

أمات وأحيى والذي أمره الأمر

أم كان حسنها عارضاً له من جهة تركيب حروفه كالجناس في قول الحريري:

سِمْ سِمَةً تحمد آثارها

واشكر لمن أعطى ولو سِمْسِمَة

فكلها تسمى المحسنات وتوابع البلاغة ويلقبونها بالبديع.

فانحصر على البلاغة لذلك في ثلاثة فنون فن المعاني وهو المسائل التي بمعرفتها يستطيع المتكلم أن يعبر عن جميع مراده بكلام خاص، وسمي علم المعاني لأن مسائله تعلمك كيف تفيد معاني كثيرة في ألفاظ قليلة، أما بزيادة لفظ قليل يدل على معنى حقه أن يؤدى بجمل مثل صيغة إنما في الحصر، وكلمة إن في التأكيد ورد الإنكار معاً وأما بأن لا يزيد شيئاً ولكنه يرتب الكلام على كيفية تؤدي بذلك الترتيب معنى زائداً مثل تقديم المفعول والظرف لإفادة الحصر في نحو: الله أحد، وإياك نعبد وهذا الفن هو معظم علم البلاغة، وفن البيان وهو المسائل التي بمعرفتها يعرف وضوح الدلالة على المراد كقولك: عنترة أسد، وحاتم كثير الرماد، وفن البديع وهو المسائل التي تبحث عن المحسنات اللفظية كما تقدم.

فتعريف علم البلاغة هو العلم بالقواعد التي بها يعرف أداء جميع التراكيب حقها وإيراد أنواع الشبيه والمجاز والكناية على وجهها وإيداع المحسنات بلا كلفة مع فصاحة الكلام.

(تاريخه) كان هذا العلم منثوراً في كتب تفسير القرآن عند بيان إعجازه وفي كتب شرح الشعر ونقده ومحاضرات الأدباء من أثناء القرن الثاني من الهجرة فألف أبو عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة 144 كتاب مجاز القرآن وألف الجاحظ عمر وبن بحر المتوفى سنة 344 كتباً كثيرة في الأدب وكان بعض من هذا العلم منثوراً أيضاً في كتب النحو مثل كتاب سيبويه ولم يخص بالتأليف إلا في أواخر القرن الثالث إذا ألف عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي (المولود سنة247 والمتوفى سنة296 قتيلاً بعد أن بويع له بالخلافة ومكث يوما واحداً خليفة) كتاب البديع أودعه سبعة عشر نوعاً وعد الاستعارة منها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير