أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3

[المذقة في شرح الملحة]

ـ[أبو حسام]ــــــــ[09 - 05 - 07, 11:56 ص]ـ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحمد لله حمداً لاينفد أفضل ماينبغي أن يحمد وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء محمد وعلى آله وصحبه ومن تعبد ثم أما بعد فهذا شرح ميسر لمتن أحسب أنه من مهمات المتون في فن النحو ألا وهي ملحة الإعراب للإمام الحريري صاحب المقامات الشهيرة وإنما كان كذلك وبهذه المكانه لعدة جوانب توافرت فيه لم تكن في غيره فمن ذلك على سبيل الإيجاز: أولاً/سهولة نظمها وبههذا يتسنى لكل راغب أن يحفظها دون عناء ثانياً/ إتباعه لكل قاعدة نحوية أوصرفية بمثالها وذلك أدعى لرسوخها -أعني القاعدة-ثالثاً/ توظيف الإمام الحريري أمثاله -التي يوردها للتدليل على القواعد- لبث المعاني الإسلامية كقوله /ونصبه وجره بالكسر نحو كفيت المسلمات شري رابعاً/ كونها غير مستغن عنها للمبتدي الأريب ولاللمنتهي الذريب فهي صالحة للمبتدي كونها مشتملة على الآجروميه وزيادة وكذلك للمنتهي كونها اشتملت على نكت نفيسه وحقائق دقيقة خامساً/ كثرت شروحاتها قديماً وحديثاً. ومامن شك أن الزمن لا يخدمنا لعرض مكنونات هذا المتن سيما أن واضعه إمام لايختلف على إمامته في العربيه اثنان وكفى بالمقامات دليلاً.وقبل أن أشرع في شرح هذا المتن المبارك أجد الحاجة ملحة لمقدمة في العربية تكون طليعة قبيل مقدم شرح الملحة فأقول وبالله التوفيق: لقد بعث الله أنبيائه إلى أممهم بعد أن كانوا أمة واحدة على التوحيد فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين واقتضت حكمت الله أن تكون معجزات رسله من جنس مابرعت فيه أممهم فمن ذلك موسى عليه السلام لما بعث إلى قوم أهل سحر ودجل كانت معجزته دامغةً لما برعوا فيه وكذلك عيسى عليه السلام كان قومه أهل حذق في الطب والإستطباب فكانت معجزته أنه يبرىً الأكمه ويحيى الموتى كل ذلك بإذن الله ولما كانت أمة العرب أمة بلاغة وفصاحة وبيان واقتدار على تملك ناصية الحرف لايجارون في ذلك ولايبارون ظفروا بالصدر منها وخلفوا العجز لغيرهم من الأمم.بعث الله نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إليهم بمعجزة هي هذا الكتاب الخالد تلك المعجزة المعنوية -وإن كان أُيد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعجزات حسية- فأسقط في أيد العرب أن يأتوا بمثله أين كانت تلك المثلية فضلاً عن غير العرب ومازال العرب على عربيتهم لايخرمون منها حرفاً واحداً حتى تصرم عصر النبوة الزكي وتبعه عهد أبي بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الرضي والناس لم يبدلوا بعدُ حتى جاء عهد الفاروق1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فوقع بعض اللحن غير أنه لايكاد ُيبين ولهذا لم يُلتفت إليه إذ لم يتفشى ومن ذلك ماحدث من كاتب لأبي موسى الأشعري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حيث بعث رقعة إلى عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بأمر من أبي موسى فقال: من أبو موسى إلى عمر أميرالمؤمنين فلما قرئ على الفاروق أمر كاتبه أن يكتب إلى أبي موسى أن قرع كاتبك صوطاً.ومضى عهد عثمان1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وصدراً من عهد علي1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وعندما دخلت الأعاجم في الإسلام واخالطوا المسلمين وقع الشرخ وظهر اللحن واتسع الخرق على الراقع عندئذٍ هب علماء العربية لتدارك الأمر في جعل قوانين ترجع الأجيال لها في الأعصار القادمه وكذلك الداخلون في الإسلام وفي مقدم أولئك العلماء أبو الأسود الدؤلي لما شكا لعلي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - غلبت العجمة على الناس حتى وصل الأمر إلى ربات الخدور في حادثة مع ابنته يطول الحديث بذكرها في عبارتها الشهيرة ماأحسن السماء فوجهه أمير المؤمنين أبو تراب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بأن الاسم ماأخبر عن المسمى والفعل عن حركة المسمى والحرف مالايظهر معناه إلا في غيره انحو على ذلك ياأبا الأسود فسمي نحواً تبركاً بواضعه وعندئذٍ شمر العلماء لخدمة عربيتهم ولاتحسبن حاديهم في ذلك خدمة العربية في ذاتها وإنما صيانة لكتاب الله الذي أنزل بلسان عربي مبين وكذلك أنت ليكن حاديك في تعلم العربية خدمة كتاب الله وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخاتمة القول هذه أبيات ترغب في طلب علم مقيم الألسن وليس اللغة كلها نحو فهو جزء منها وإن كان رأسها بلا منازع وإذا فقد الرأس فقد الجسد.وإليك الأبيات:

قدم النحو على الفقه فقد - يبلغ النحو بالنحوي الشرف

أوماترى النحوي في مجلسه - كهلال بان من تحت الشغف

يخرج الألفاظ من فيهه كما - يخرج الجوهر من بطن الصدف

قال الكسائي

أيها الطالب علماً نافعاً - أطلب النحو ودع عنك الطمع

إنما النحو قياساً يتبع - وبه في كل علم ينتفع

قال علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -

والنحو يصلح من لسان الألكن - والمرء يكرم إذا لم يلحن

وإذا طلبت من العلوم أجلها - فأجلها حقاً مقيم الألسن

من فاته النحو فذاك الأخرس - وفهمه في كل علم مفلس

وقدره بين الورى موضوع - وإن يناظر فهو المقطوع

لايهتدي لحكمة في الذكر - وماله في غامض من فكر

والنحو زين للفتى - يكرمه حيث أتى

من لم يكن يحسنه - فحقه أن يسكت

وإلى لقاء آخر بإذن الله

¥