تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رسالة لشيخنا محمد محفوظ البحرواي: بيان العي والتضجم الواقعين في رسالة الترجم]

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[23 - 04 - 07, 08:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله منطق اللسان بالسحر الحلال، و جاعل الفصاحة و البلاغة من أحسن الخلال، و الفهاهة و الغرابة و التعقيد من أقبح الخصال، و الصلاة و السلام على رسوله الذي أوتي جوامع الكلم، و على آله و أصحابه الذين فاز محبهم و من المكروه سلم.

أما بعد:

فإني اطلعت على أوراق لبعضهم يدعي فيها أن فعل "ترجم" الرباعي يجوز قراءته بصيغة "تَفَعَّلَ" الخماسي، مخالفا بذلك ما جاء في كتب اللغة كلها، قديمها وحديثها، و عادلا عن سبيل العلم و قويم المنهج، إلى سواية الجهل و السبيل الأعوج، مدعيا أن سلوكه ذلك المسلك هو توليد و اجتهاد، و هو عند ذوي العلم لحن وجهل.

و ما علم أن المولد إنما هو المجتهد في اللغة العربية بجميع فنونها، و المتصرف فيها تصرفا تاما، يقدر على إلحاق فروعها بأصولها، و هو المسمى بالأديب، و قد ذكر الإمام شهاب الدين الرعيني في مقدمة كتابه "طراز الحلة "أن علوم الأدب ستة، وهي: اللغة، و التصريف، و النحو، و المعاني، و البيان، و البديع. و نقله عنه البغدادي في مقدمة "الخزانة ".

و ما علم هذا "البعض " أن التوليد له أسباب تدعو إليه، و شروط تصححه.

و لو كان كل من لحن لحنا فاحشا تقبل منه دعوى التوليد، و أن لحنه له وجه صحيح في اللغة العربية يخرج عليه، ما عرف في الدنيا مخطئ من مصيب، و لا جاهل لحان عامي من عالم أديب!. و ليت شعري؛ ما فائدة دراسة علوم اللغة العربية؛ ولا سيما التعليمي منها؟!! إذا كان المشتغلون بها، و المهتمون بشأنها، لا يحسنون تطبيقها، و لا يسيرون وفق قواعدها في القراءة و الكتابة و الإلقاء!، و إنما يسيرون مشرقين حين تسير مغربة!!

سارت مشرقة و سرت مغربا شتان بين مشرق و مغرب.

و الحق أقول إن هذا البعض كان في غنى عن هذا التكلف الذي ما أجداه و لا أفاده، و إنما ضاره، و لو رجع إلى كتب اللغة قبل أن يتناول صحيح البخاري، و لو تعلم طريقة البحث من أفواه الرجال، أهل العلم المتخصصين، الذين لهم ذوق لغوي وحس أدبي، و هم كثر بحمد الله، فإن للعلماء مقاصد في تآليفهم، لا يدركها إلا المتخصصون أهل العلم الذين لهم ملكة. و لو فعل ذلك ما احتاج إلى هذا الدفاع، الذي ما أفاده، و لا حصل به نفع و لا انتفاع، زيادة على ما ضاع في ذلك من وقت ومداد، و فضلا عن تسويده لناصع بياض أوراق عبثا و بغير قصد و لا اعتماد، شأن أهل التطفل، و من يقدم على الأمور بلا علم و لا روية، و لقد أحسن الشاعر: (المتنبي)

يرى أنه البصير بهذا و هو في العمى ضائع العكاز.

و قال الآخر: (أبو نواس)

أيها المدعي ولاء سليم لست منهمو و لا قلامة ظفر.

إنما أنت من سليم كواو ألحقت في الهجا ظلما بعمرو.

و ما أحسن قول محمود: " و من لم يتق الله في تنزيله، فاجترأ على تعاطي تأويله و هو غير معرب، ركب عمياء، و خبط خبط عشواء، و قال ما هو تَقَوُّل و هراء و افتراء ".

و بكل إنصاف، لا بالتعصب و التعسف و الاعتساف، أقول: إن تلك الأوراق لا تستحق الالتفات إليها، فضلا عن قراءتها، و فضلا عن الاشتغال بها و الاحتفال في شأنها، و لولا إلحاح بعض الإخوان الكرام، ما وضعت سوادا في بياض، و لاستغرقت الوقت الغالي الثمن فيما فيه فائدة، لا فيما لا يعود بفائدة و لا عائدة.

و لما كانت تلك الأوراق غفلا لا تحمل اسما، اصطلحت على أن أسميها " رسالة الترجم "، و سميت الرد:

((بيان العي و التضجم، الواقعين في رسالة الترجم.))

و بالله أستعين، إنه هو المعين.

أقول: أول خطأ يطالعك قوله في الخطبة: "و شرف هذا اللسان العربي بالبيان على كل لسان ".

فقد جعل البيان خاصا باللغة العربية، و هو خلاف العقل و النقل؛ أما العقل: فإن كل عاقل يدرك بداهة أن كل لغة تعرب عن قصد صاحبها، لا فرق في ذلك بين العربية و غيرها، فالبيان بالعجمية بين العجم، كالبيان بالعربية بين العرب، و لا بيان بالعربية عند من يجهلها، كما هو الشأن في العجمية كذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير