تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شاهد أسراراً من لغتنا

ـ[أبو حسام]ــــــــ[23 - 05 - 07, 02:20 م]ـ

أحبتي في الله: هذه بعضٌ من جماليات لغتنا، أجمعها لكم هاهنا لتقفوا على حسنها، وتستمتعوا ببديع صنعها، ودقة سبكها، ورائق نظمها، فتأملوها.

ومع أول لطيفة:

*أعلم أُخي أن من سنن العرب أنهم يلحقون هاء التأنيث بكل صفة للأنثى أشترك الرجل فيها معها، وذلك للتفريق بينهما، فيقولون مثلاً:قائم صفة للمذكر وقائمة للمؤنث وصائم وصائمة وظالم وظالمة وأما إن لم يكن بينهما تشارك فإنهم لايلحقونها الهاء وذلك أنها قاصرة عندئذٍ على المرأة فلم نحتج للتفريق،مثال ذلك: الحيض صفة قاصرة على المرأة فيقولون حائض ولايقولون حائضة ومثلها مرضع دون راضعة وعانس دون عانسة. إذا علمت ذلك علم محقق وفي العلم مدقق:

فدونك هذه اللطيفة في كتاب الله تعالى،ففي قول الله تعالى {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} مصوراً سبحانه هول ذلك اليوم وعظمته وشدته. وكيف أنه سبحانه قال {مرضعة} وإلحاقها سبحانه الهاء للتأنيث مع كونها صفة لايشارك المرأة فيها الرجل وفي ذلك سرٌ فتأملوه ياسادة Question ذلك أن العرب تعدل عن تجريد صفة المؤنث من الهاء مع عدم مشاركة الرجل لها إذا كانت المرأة ملقمة طفلها ثديها حالاً أي أنها واضعة ثثديها في في طفلها،في حالة تكون المرأة أشد ماتكون عطفاً وحناناً ورحمةً على ولدها وفلذة كبدها ومع كل ذلك فهي تذهل عنه في ذلك اليوم العصيب فرحماك رحماك ربنا. وإلى لطيفة أخرى إنشاء الله.

ـ[أبو عبادة الهاشمي]ــــــــ[23 - 05 - 07, 06:07 م]ـ

لطيفة في غاية الجمال

بوركت أخي ابو حسام على هذه الدرر

وزدنا زادك الله

أبو عبادة الهاشمي

ـ[أبو حسام]ــــــــ[26 - 05 - 07, 12:36 م]ـ

ومن جماليات لغتنا مما جاء في كتاب ربنا قوله تعالى (ولقد جاءتْ رسلُنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) هود.

ففي هذه الأية الكريمة سرٌ من أسرار لغتنا العظيمة، ذلك أن القارئ لها والمتدبر فيها يتسآءل عن عدم رد إبراهيم عليه السلام على الملائكة تحيتهم بمثلها أو أحسن منها فإن الملائكة لما سلموا قالوا نسلم سلاماً وأما إبراهيم علية السلام فقال سلامٌ قد يحسبها الناظر فيها أنها كلمةٌ واحدة،وأبراهيم هو الكريم المضياف السابق بالخيرات أنى أن يسبقه غيره.

فتعال أخي لترى جميل رد إبراهيم عليه السلام على ملائكة الله:

فإن الملائكة ياأُخي ألقت سلامها على نبي الله بالجملة الفعلية ونحن نعلم أن الجملة الفعلية تدل على التجدد و الحدوث وأما إبراهيم عليه السلام فرد سلامه بقوله (سلامٌ) وهي جملة أسمية مكونة من مبتدأ وخبره المقدر أي سلامٌ عليكم والجملة الأسمية تدل _كما هو معلوم _على الثبات والاستمرار ولاشك أن الجملة الفعلية أقل شأناً من الجملة الأسمية ومثلها مثل قوله تعالى (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا) فعبر بالجملة الفعلية عن كلمة الذين كفروا و أنها وأن علت أحيانا فعاقبتها ومردها إلى السفول ولما عبر عن كلمته سبحانه جاء بالجملة الأسمية التي تدل على الثبات والاستمرار ولانكشاف هذا الحقيقة تأمل قولة تعالى (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن) فالأصل في الطير أنهم صافات أجنحتها والقبض حادث فعبر بالأصل المستمر بالجملة الأسمية (صافات)،ولما جاء إلى ذكر الحادث عبر عنه بالجملة الفعلية (ويقبضن) وعوداً فقد كان رد إبراهيم عليه السلام أكمل وأبلغ من سلام الملائكة عليهم السلام. فتأمل

ـ[أبو حسام]ــــــــ[27 - 05 - 07, 11:33 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد,,,,

فهذه لطيفة من لطائف لغتنا العتيقة العريقة ألا وهي تلك اللحمة القوية التي تربط الألفاظ بالمعاني، ليحققا سوياً مع بعضهما البعض جنباً لجنب،قوة في التاثير،ورعة في البيان، وسحراَ في الألباب، يأخذ بالأسماع والأبصار، ولو تهاجرا وانفصلا لمجتهم الأذواق السليمة، والعقول القويمة،فإن الألفاظ بلا معاني جسدٌ بلا روح والمعاني بلا ألفاظ قدم بلا ساق وهاك كتاب الله دليلاً وبرهاناً على تلاقيهما.

ففي قوله تعالى حكايةً عن امرأة العزيز في مرأى ومسمع من نسوة كبريات مدينتها (ولقد راودته عن نفسه ولئِن لم يفعل ماآمره ليسجننَ وليكونن من الصاغرين) يوسف

فالأيآت الكريمات تحكي عن مابلغ به قلب امرأة العزيز من شغف بحب يوسف عليه السلام حباً ملئ شغاف قلبها ومكامن فؤادها، حتى غدا قلبُها فارغاً إلا بالظفر بيوسف عليه السلام لا تبالي أكان ذلك الظفر من حلال أم من حرام أبرضاً من يوسف أم بدونه،مطرحةً كل مانه أن يُزري بمكانتها كونها عزيزة تراود فتاها، ليبلغ بها الأمر مبلغه عند إشهارها رغبتها أمام نسوة المدينة وهي الحريصة كل الحرص من قبلُ أن لا يظهر أمرها أمامهن، ليصل بها الأمر في نهاية مطافها أن تتهدده إن لم يستجب لنزواتهابأن تسجنه، وهنا تأمل أخي بلاغة كلام ربنا سبحانه:

فهي لما أرادت أن تسجنه جاء التعبير في الكلمة بالنون التي للتوكيد لأن السجن بمقدورها بإذن الله الإذن الكوني القدري، غير أنها لما أرادت له الصغار جاء التعبير خالياً من نون التوكيد الثقيلة بل بالنون الخفيفة لأنه ليس بمقدورها أن تلبسه يوسف عليه السلام _أعني الصغار_من بعد أن ألبسه الله لباس الكرامه والعزة بأن جعله نبياً من الصالحين، وفي ذلك دلالةُ بديعة على الفرق بين الكلمتين مبناً ومعنى فتأمل هذا فإنه من نفائس كلام الله وكل كلام الله كذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير