تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - أن هذا هو الوحيد من نمطه في القرآن، فلا نستطيع أن نأتي بشبهه ونظيره لنحكم فيه. وقد اتفقت مصاحف الصحابة على هذا، وكان الخليفة عثمان رضي الله عنه عند جمع المصحف أمر بالرجوع إلى لغة قريش عند الاختلاف - مع كان ثبت من نزول القرآن على سبعة أحرف. فلو كان المعروف من لغة قريش سواه لاشتهر أمره، لا سيما أن سورة (طه) من أول ما نزل من السور المكية.

2 - أن قراءة أبي عمرو: (إن هذين لساحران) مختلف في ثبوته لغةً لقريش. وقد أنكره الزجاج بقوله: (لا أجيز قراءة أبي عمرو خلاف المصحف). فإذا كان أبو عمرو الذي عاش في ذلك العصر المبكر قد عدل عن هذه القراءة المشهورة لكتاب الله إلى ما يألفه من اللغة، فبالأولى أن يعدل رواة الحديث عن (هذان) إلى (هذين). فليس فى الاستدلال بهذه الروايات ما نستجيب به مطالبة شيخ الإسلام بالدليل للمعارض.

3 - أن شيخ الإسلام نفسه قد تفطن إلى غرابة هذا الرأي عند النحاة - المتقدمين منهم فضلا عن المتأخرين -. بل كان عدول أبي عمرو السابق الذكر سببه ما يألفه من النحو واللغة، كما روي عنه أنه قال: (إني لأستحيي من الله أن أقرا: إن هذان). لكنه رحمه الله على دراية أيضا أن أمثال الفراء - على ما حكاه ابن الأنباري والمهدوي - من بعض حذاق النحو قد تفطن إلى أن ألف (هذان) أصلية وليس علامة إعراب، والنون عنوان التثنية. وقد قرر مثل هذا الجرجاني، وتحدث بمثله أيضا ابن جني في (علل التثنية) ما تثبت الفرق بين هذه الأسماء المخترعة وبين تثنيات المفردات المعربات أمثال (زيدان) و (عمران) و (بابان) (وقولان).

4 - في حكاية شيخ الإسلام قصة ابن كيسان وإسماعيل القاضي ما يدل على قوة الحجة في ثبوت هذه اللغة حتى في القياس. إذ لا يعترض عليه إسماعيل إلا بمثل قوله: (ما أحسن ما قلت لو تقدمك أحد بالقول فيه حتى يؤنس به)، فقال ابن كيسان: (فليقل القاضي حتى يؤنس به)، فتبسم. قال شيخ الإسلام: "بل تقدمه الفراء وغيره، والفراء في الكوفيين مثل سيبويه في البصريين، لكن إسماعيل كان اعتماده على نحو البصريين". فاعتراض إسماعيل هو عدم شهرة ذلك عند البصريين، لا لعدم صحته سماعا ولا قياسا.

5 - الذي فهمته حتى الآن أن (هذان) و (هذين) كلاهما من لغة العرب الذي نزل بها القرآن. وإن كان الأول أقوى والثاني أشهر. فلا داعي إلى رفض ما قد تواتر من اللغة بوروده في الذكر الحكيم ثم العدول إلى تقدير المحذوفات وتكلّف توجيهات الإعراب لا برهان لها مما يجعل الكلام كأنه خارج عن الأصل والفصحى. اللهم إلا إن صدقنا تلك الرواية التى ذكرت اعتراض عروة على عائشة رضي الله عنهما وجوابها أنه من خطإ النساخ - والعياذ بالله.

أرجوا أن تدلوني على مواضع السقط من كلامي هذا إن يبدو لكم كذلك. وجزاكم الله عنا خيرا كثيرا.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - 12 - 07, 03:38 م]ـ

وفقك الله يا أخي

كل كلامك ليس له علاقة بالإشكال في كلام شيخ الإسلام، فليس نقاشنا في إثبات صحة (هذان) بالألف، فهي صحيحة لا شك فيها.

وإنما الكلام على أن شيخ الإسلام ينكر أن يكون (هذين) بالياء صحيحة، وهذا هو المنكر الشنيع في كلام شيخ الإسلام ولم يقل به أحد على الإطلاق، ولا الفراء ولا غيره، فتأمل.

وأما ما قاله النحاة عن أن ألف (هذان) أصلية فإنما قالوه على أنه وجه وتخريج للقراءة، ولم يخطر ببال أحد منهم فضلا عن أن يزعم أنه لا يجوز في العربية سواه.

وأما أنه هو الوحيد من نمطه في القرآن فليس في ذلك حجة على الإطلاق، فكثير من الكلم لم ترد إلا مرة واحدة في القرآن ومع ذلك لا يمكن أحدا أن يدعي أن هذا هو الصواب لا غيره، وكثير من الكلم لم يرد في القرآن أصلا، ولم يكن هذا دليلا على أنه خطأ أو لحن.

وأما قولك (لو كان المعروف من لغة قريش سواه لاشتهر أمره) فكلام عجيب جدا!! لأنه قد اشتهر أمره شهرة مستفيضة لا ينكرها أحد، والمراد الشهرة في كلام العرب لا في القرآن؛ لأن الشهرة في الكلام لا يلزم منها الشهرة في القرآن كما هو معلوم.

وأما كلامك عن أن الرواة للأحاديث عدلوا عن (هذان) إلى (هذين) فأرجو أن تعيد النظر فيه؛ لأنه اتهام لجميع الرواة في جميع الطبقات بالكذب!!

وأما (أبو عمرو) فلا أشك لحظة واحدة أن قراءته هذه صحيحة السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان معنا من الإخوة من له عناية بعلوم القراءات فيمكنه أن يوضح ذلك أكثر مني، وإنكار من أنكرها من النحويين مردود عليه؛ لأن القراءة سنة متبعة، والقراء السبعة قد جازوا القنطرة في هذا الأمر، وليس كل ما خالف المصحف يكون خطأ، بل الأمر فيه تفصيل؛ فإنهم يتساهلون في مثل الألف والواو والياء ونحو ذلك، كما في {فلا أوضعوا} ونحوها، ولم يقل أحد مثلا إن قراءة (السراط) و (الزراط) بالسين والزاي مخالفة لرسم المصحف مع اتفاق المصاحف على الصاد.

وأما قولك إن (هذين) و (هذان) كلاهما من لغة العرب، فهذا هو الصواب الذي لا يسوغ غيره، ولكنه مخالف لكلام شيخ الإسلام، فتأمل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير