http://www.mahaja.com/forum/showthread.php?t=3388
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[23 - 04 - 08, 02:36 ص]ـ
إنما التفضيل واقع باعتبارات، و تفضيل الشيء على الشيء إنما هو راجع للطبائع على الأساس ...
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[08 - 01 - 09, 01:50 م]ـ
من الذي أبدع في النثر من الناس في هذا الزمان؟
أرشح أنا محمد عبده ....
و الطاهر بن عاشور و الشيخ بشير الإبراهيمي الجزائري ...
ـ[أحمد بن موسى]ــــــــ[09 - 01 - 09, 12:36 ص]ـ
الكلام ينبعث في أول مبادئه إما من عفو البديهة، وإما من كَدِّ الروية، وإما أن يكون مركباً منهما، وفيه قواهما بالأكثر والأقل؛
ففضيلة عفو البديهة أنه يكون أصفى، وفضيلة كد الروية أنه يكون أشفى، وفضيلة المركب منهما أنه يكون أوفى؛ وعيب عفو البديهة أن تكون صورة العقل فيه أقل؛ وعيب كد الروية أن تكون صورة الحس فيه أقل، وعيب المركب منهما بقدر قسطه منهما: الأغلب والأضعف؛ على أنه إن خلص هذا المركب من شوائب التكلف، وشوائن التعسف، كان بليغاً مقبولاً رائعاً حلواً، تحتضنه الصدور، وتختلسه الآذان، وتنتهبه المجالس، ويتنافس فيه المنافس بعد المنافس،
والتفاضل الواقع بين البلغاء في النظم والنثر، إنما هو في هذا المركب الذي يسمى تأليفاً ورصفاً؛ وسمعت أبا عائذٍٍ الكرخي صالح بن علي يقول: النثر أصل الكلام، والنظم فرعه؛ والأصل أشرف من الفرع، والفرع أنقص من الأصل؛ لكن لكل واحد منهما زائناتٌ وشائنات،
فأما زائنات النثر فهي ظاهرةٌ، لأن جميع الناس في أول كلامهم يقصدون النثر، وإنما يتعرضون للنظم في الثاني بداعيةٍ عارضة، وسببٍ باعث، وأمرٍ معين.
قال: ومن شرف النثر أيضاً أن الكتب القديمة والحديثة النازلة من السماء على ألسنة الرسل بالتأييد الإلهي مع اختلاف اللغات كلها منثورةٌ مبسوطة، متباينة الأوزان، متباعدة الأبنية، مختلفة التصاريف، لا تنقاد للوزن، ولا تدخل في الأعاريض؛ هذا أمرٌ لا يجوز أن يقابله ما يدحضه، أو يعترض عليه بما يحْرِضُه.
قال: ومن شرفه أيضاً أن الوحدة فيه أظهر، وأثرها فيه أشهر، والتكلف منه أبعد، وهو إلى الصفاء أقرب، ولا توجد الوحدة غالبةً على شيء إلا كان ذلك دليلاً على حسن ذلك الشيء وبقائه، وبهائه ونقائه.
قال: ألا ترى أن الإنسان لا ينطق في أول حاله من لدن طفوليته إلى زمانٍ مديدٍ إلا بالمنثور المتبدد، والميسور المتردد؛ ولا يلهم إلا ذاك، ولا يناغى إلا بذاك؛ ولبس كذلك المنظوم، لأنه صناعي؛ ألا ترى أنه داخلٌ في حصار العروض، وأسر الوزن، وقيد التأليف، مع توقي الكسر، واحتمال أصناف الزحاف، لأنه لما هبطت درجته عن تلك الربوة العالية، دخلته الآفة من كل ناحية.
قال: فإن قيل: إن النظم قد سبق العروض بالذوق، والذوق طباعي؛ قيل في الجواب: الذوق وإن كان طباعياً فإنه مخدوم الفكر، والفكر مفتاح الصنائع البشرية، كما أن الإلهام مستخدم للفكر، والإلهام مفتاح الأمور الإلهية.
قال: ومن شرف النثر أيضاً أنه مبرأٌ من التكلف، منزهٌ عن الضرورة، غنيٌ عن الاعتذار والافتقار، والتقديم والتأخير، والحذف والتكرير، وما هو أكثر من هذا مما هو مدون في كتب القوافي والعروض لأربابها الذين استنفدوا غايتهم فيها.
وقال عيسى الوزير: النثر من قبل العقل، والنظم من قبل الحس، ولدخول النظم في طي الحس دخلت إليه الآفة، وغلبت عليه الضرورة، واحتيج إلى الإغضاء عما لا يجوز مثله في الأصل الذي هو النثر.
وقال ابن طَرَّارَة - وكان من فصحاء أهل العصر بالعراق -: النثر كالحرة، والنظم كالأمة، والأمة قد تكون أحسن وجهاً، وأدمث شمائل، وأحلى حركات؛ إلا أنها لا توصف بكرم جوهر الحرة، ولا بشرف عِرْقِها، وعِتْقِ نفسها، وفضل حيائها.
وقال: ولشرف النثر قال الله تعالى في التنزيل: "إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً " ولم يقل: لؤلؤاً منظوماً؛ ونجوم السماء منتثرة وإن كان انتثارها على نظام، إلا أن نظامها في حد العقل، وانتثارها في حد الحس، لأن الحكمة إذا غطيت نفسها كانت الغلبة للصورة القائمة بالقدرة.
ويقال: كنا في نثار فلان، ولا يقال: كنا في نظام فلان.
¥