تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبيّن هذا البحث أنّ الأسس التي بُني عليها النقد –إن صحّ هذا الوصف- هي أسس فاسدة لا تثبت أمام أدنى نظر، وجلّ ما ساقه في هذا الباب إنما صدر عن قلّة استقراء، وعدم استيعاب لأقوال النحويين، وعن جهل لا يخفى ببنية العربيّة وخصائصها ومسالكها في التعبير. وما درج عليه في أثناء نقده من اقتطاع الأمثلة وعزلها عن سياقها ثمّ الحكم عليها بما يظنّه مُفْسِداً لأقوال النحويين= أمرٌ يثير الضحك، لأنه لا ينطلي إلاّ على أمثاله.

وقد خُيّل له أيضاً أنّ ما جرى عليه في كتابه من خطابة في الأسلوب كثرت فيها السخرية من النحويين وقواعدهم ومن أهل اللغة، وكثرت فيها عبارات الدهشة والاستغراب والإنكار والعجب، وما إلى ذلك من غَيْرة مصطنعة على العربيّة والقرآن الكريم= قد يستر ما فيه من عورات، فيستحوذ على عاطفة القارئ إن أخفق في استمالة عقله.

ومهما يكن فإن ما في هذا الكتاب لا يمكن النظر إليه بأية حال على أنّه جرأة في الطرح أو النقد، لأنّ المسالة لا تتعلق بتأويل نصّ أو بالتضجّر من قواعد اللغة، بل تمسّ كياناً لغويّاً برمّته، سعى المؤلف إلى تقويضه ونشر الفوضى في أركانه، فهي إذاً هويّة الأمة وركن من أركان بقائها، ومثل هذا العبث لا يجوز السكوت عليه.

وأخيراً لسنا ندّعي أنّ قواعد العربيّة يجب أن تكون بمنأى عن النقد والتوجيه والإصلاح، فهذا لا معدل عنه ما دمنا نسلّم بأنّ اللغة كائن حيّ، بيد أنّ الإصلاح له مقدّمات لا بدّ من معرفتها، وعلينا أن نفرّق عند كلّ إصلاح بين تلك الأصول العقلية التي استظهرها الأوائل في استنباط القوانين التي جرى عليها العرب في كلامهم، وما بني على هذه الأصول من تطبيقات، هذه التطبيقات هي ما تكون عادةً مظنّة لمعاودة النظر نقداً وتوجيهاً وإصلاحاً، لتسير القواعد جنباً إلى جنب مع اللغة وترتقي بارتقائها.

أمّا العربيّة الفصحى فلا عيب فيها ولا قصور، وإنّما العيب في أبنائها الذين بلغ بهم الحياء أن يكتفوا بها لغة للمناسبات مع أنها أطوع لهم من عاميّتهم على التعبير، وهي لغة فيها من سمات الخصوبة والارتقاء ما لا نظنّه في لغة أخرى.

المصادر والمراجع:

-ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيّان الأندلسي، تح. د. رجب عثمان محمد، مكتبة الخانجي، ط1، 1998م.

-الأساليب الإنشائية في النحو العربي، تأليف عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي بمصر، ط2، 1979.

-أمالي ابن الشجري، تح. د. محمود الطناحي، مكتبة الخانجي، ط1، 1992.

-جناية سيبويه (الرفض التام لما في النحو من أوهام) تأليف زكريا أوزون، دار الريّس، لندن، 2002م.

-الخصائص تأليف أبي الفتح عثمان بن جنّي، تح. محمد علي النجار، دار الهدى، بيروت، ط2.

-دراسات لأسلوب القرآن الكريم تأليف محمد عبد الخالق عضيمة، دار الحديث، القاهرة.

-شرح الشافية لرضيّ الدين الأستراباذي، تح. محمد نور الحسن وآخرين، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1975م.

-شرح الكافية لرضي الدين الأستراباذي، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر، ط مصورة، مؤسسة الصادق، طهران، 1978.

-شرح اللمع للكوفي عمر بن إبراهيم الزيدي (539هـ) تح. محمود الموصللي، رسالة جامعية، جامعة دمشق 2002.

-شرح المفصل لابن يعيش، المطبعة المنيرية، مصوّرة، عالم الكتب ومكتبة المتنبي، بلا تاريخ.

-كتاب سيبويه، تح. عبد السلام هارون، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب: 1977.

-المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل، تح. د. محمد كامل بركات، جامعة أم القرى 2001.

-مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام، تح. د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، دار الفكر 1972.

-النحو الميسّر، تأليف د. محمد خير حلواني، دار المأمون للتراث، ط1، 1997.

-النحو الوافي، تأليف عباس حسن، دار المعارف بمصر، ط5.

-النحو والصرف تأليف: عاصم بيطار، منشورات كليّة الآداب، جامعة دمشق، 1990م.

* أستاذ مساعد في كلية الآداب، جامعة دمشق.

(1) ألّفه زكريا أوزون، وقد ذيّل هذا العنوان بعنوان آخر هو "الرفض التام لما في النحو من أوهام" وقد صدر عن دار الرّيس.

(2) جناية سيبويه: 13.

(3) المصدر السابق 15، وانظر 19، 22.

(4) المصدر السابق: 16.

(5) المصدر السابق: 16 - 17.

(6) المصدر السابق: 15، 23.

(7) المصدر السابق: 18.

(8) المصدر السابق: 19 وما بعدها.

(9) الخصائص لابن جني 1/ 47.

(10) جناية سيبويه: 15، 22.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير