تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما البلاغة في الأسلوب الخبري لفظا الإنشائي معنى؟]

ـ[محمود المحلي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 12:26 م]ـ

السلام عليكم.

في اللغة ما يسمى بالأسلوب الخبري لفظا، الإنشائي معنى.

ومن أمثلته قول الله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء).

وسؤالي: هل استعمال هذا الأسلوب قد يفيد شيئا لا يفيده استعمال الأسلوب الإنشائي؟

وجزاكم الله خيرا.

والسلام عليكم.

ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[03 - 03 - 10, 12:16 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قد يكون السر من استعمال الأسلوب الخبري مع المعاني الإنشائية أن الأسلوب الخبري يفيد التقرير والتوضيح، والله تبارك وتعالى يتحدث في هذه الآية عن أمور مسلمة في أحكام شريعتنا الغراء، لا مجال فيها للشك؛ حيث لا تخضع إلا لقبولها وتقريرها

والله أعلم،،،

ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[04 - 03 - 10, 03:42 ص]ـ

النوع السادس وضع الخبر موضع الإِنشاء ووضع الإِنشاء موضع الخبر

ومن الخروج عن مقتضى الظاهر وضع الخبر موضع الإِنشاء، ووضع الإِنشاء موضع الخبر، لأغراض بلاغيّة متعدّدة.

أولاً: فمن أغراض وضع الخبر موضع الإِنشاء مايلي: الغرض الأوّل: التفاؤل بتَحَقُّق المطلوب، كالدُّعاء بصيغة الخبر، تفاؤلاً بالاستجابة، ومنه ما يلي:

* قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا".

غَفَر: فعل ماضٍ، فالصيغةُ خبر، وقد وُضِع موضع الإِنشاء، إذ المعنى: اللَّهُمّ اغْفِرْ، والغرض التفاؤل باستجابة الدعاء.

ومنه قول الشاعر:

*كُلُّ خَلِيلٍ كُنْتُ خَالَلْتُهُ * لاَ تَرَكَ اللهُ لَهُ وَاضِحَهْ*

*كُلُّهُمْ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبٍ * مَا اللَّيْلَةَ بالْبَارِحَهْ*

الواضحة: الأسنان الّتي تبدو عند الضحاك.

ما أشبه اللّيلة بالبارحة: مثل يُضْرَبُ لِتَشَابُهِ الأُمُور.

لقد كان مقتضى الظاهر أنْ يدعو عليه بمثل: "اللَّهُمَّ كسِّرْ أسنانه" بصيغة الإِنشاء، لكن جاء بصيغة الخبر تفاؤلاً بأن يُسْتَجَابَ دُعاؤه.

الغرض الثاني: التأدُّب بالابتعاد عن صيغة الأمر، احتراماً لِمَنْ يُوجَّهُ له الطَّلَب، كأن يقول رافعُ خطابِ طلبٍ للأمير أو الرئيس: "يتكرَّمُ الأَمِيرُ بِأَنْ يطّلِعَ على خطابي، ويَنْظُرَ في طَلَبِي".

الغرض الثالث: التنبيه على أنّ المطلوب يسير سهل، قد توافرت أسبابه، كأن يقول القائد لجنده في بدء المعركة: "أنتم تحُسُّونَهُمْ حَسّاً، تَقْتُلُونَ ذوي البأسِ منهم، وتُطَاردُونَ الفارّين، وتأسِرونَ سَائِرَهم".

أي: افعلوا كذا وكذا.

الغرض الرابع: إظهار الرغبة في حصول المطلوب، كأن تكتُبَ رسالة لقريب أو صديق غائب، تقول فيها: "جَمَعَ اللهُ شَمْلَنَا، ووصَلَ ما انقطع من حبالنا، وأمْتَعَنا بأيَّامِ أُنْسِ وصَفَاء، كما كُنَّا قَبْلَ زَمَانِ الْبُعْدِ والْغُرْبَة".

الغرض الخامس: التنبيهُ على لزوم سُرْعة امتثال الأمر التكليفي، وأنه ينبغي ألاَّ يَمُرَّ زَمَنٌ إلاَّ والمطلوب متحقِّقُ الوقوع، ومنه قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) خطاباً لبني إسرائيل:

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)}.

أي: لاَ تَسْفِكُوا دِماءكُمْ، ولا تخرجُوا أنفسكم من دياركم، فجاء التكليف بصغية الخبر وبعبارة الفعل المضارع للإِشعار بلزوم فورية الامتثال.

الغرض السادس: حمل المخاطب على الفعل بألطف أسلوب، كأن تقول لتميذك الحريص على أنه لا يكذّبك فيما تخبر عنه من أحداث المستقبل.

"تلميذي حُسَين يخطُبُ غداً يوم الجمعة عنّي في المسجد الجامع بموضوع كذا ... ".

إلى غير ذلك من أغراض قد تتفتَّق عنها أذهان البلغاء الأذكياء.

ثانياً: ومن أغراض وضع الإِنشاء موض الخبر ما يلي:

الغرض الأول: إظهار العناية والاهتمام بالشيء، ومنه قول الله عزّ وجلّ في سورة (الأعراف/ 7 مصحف/ 39 نزول):

{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)}.

كان مقتضى الظاهر أن يُقَال: وبإقامَةِ وُجُوهِكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وبدُعَائِكم مُخْلِصين له الدِّين، عطفاً على لفظ {بِالْقِسْطِ} وبأسلوب الخبر، لكن خُولِف هذا الظاهر فجاء التعبير بأسلوب الإِنشاء في صيغة الأمر التكليفي، إشعاراً بالاهتمام بالمطلوب في أمر التكليف.

الغرض الثاني: التفريق في أسلوب الكلام بين المتقارنين في العبارة للإِشعار بالفرق بينهما، وبأنهما لا يحسُن الحديث عنهما بتعبيرين متثماثلَيْن، ولو في الصيغة الكلاميّة، ومن الأمثلة قول الله عزّ وجلّ في سورة (هود/ 11 مصحف/ 52 نزول) في حكاية قول هودٍ عليه السلام لقومه:

{قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54)}.

كان مقتضى الظاهر أن يقول لهم: إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَأَشْهِدُكُمْ أَنِّي بَرِيءٌ ممّا تُشْرِكون.

لكن جاء التعبير علىخلاف مقتضى الظاهر هذا، لئلا يكون التحدّث عنهم وهم كفرة مشركون بعبارة مُشابهة للعبارة الّتِي جاء فيها إشْهَادُ الله عزّ جلّ.

الغرض الثالث: الإِشعار بأنّ ما هو مُقَرَّرٌ حصولُهُ هو أمْرٌ مرغوبٌ فيه للمتحدّث، فكأنّه مطلوبٌ له، ومن أمثلته قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:

"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ متعمّداً فلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

كان مقتضى الظاهر يستدعي أن يقول: فإنّه سيَتَبَوَّأُ مَقْعدَهُ من النار، بأسلوب الخبر، لكن عدل الرسول عن ذلك وجاء بأسلوب الإِنشاء "فَلْيَتَبَوَّأُ" للإِشعار بأنّ هذا التَّبُّوءَ أمر يَطْلُبُه الرسول صلى الله عليه وسلم ويدعو ربّه به.

إلى غير ذلك من أغراض بلاغيّة قد تتفتَّق عنها أذهان البلغاء الأذكياء.

(من كتاب: البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها / للشيخ عبد الرحمن الميداني)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير