8 - أسير: كثير من الناس لا يملك بنية عقلية جيدة و من ثم فإنه يقع أسيرا للأخبار و الروايات التاريخية و يحاول فهمها على نحو حرفي و كأن الذي صاغها يملك فيها الكلمة النهائية كما يملك التعبير عنها على أعلى مستوى من الوضوح و القطعية مع أن القرآن الكريم يوجهنا إلى أن نجعل من المعطيات التاريخية أدوات نفتح بها حقولاً جديدة للفهم و بذلك نتجاوزها بدل أن نقع أسرى لها. (الصفحة32).
9 - فراغ: قد لا يستطيع المؤرخ الحصول على كل المواد و المعلومات و المعطيات التي تمكنه من بناء صورة كاملة لواقعة من الوقائع فيجد نفسه مضطراً إلى تكميلها من خلال روايات لا يرضى عنها تمام الرضا أو من خلال معرفته بطبائع الأشياء و مجريات الأحداث. (الصفحة 33).
10 - عمل الإنسان: الأخبار التاريخية تنقل صوراً مقتبسة لما حدث أو قد كتبتها يد إنسان و يدرسها أيضا إنسان له عواطفه و معاييره و مسلماته و مصالحه و هذا كله يجعل من غير الحكمة إسلاس القيادة للمؤرخ دون أي تحفظ أو نظر أو مراجعة. (الصفحة 33).
11 - زيادة وعي: نحن بحاجة ماسّة إلى أن نزيد درجة وعينا بتاريخنا كما أننا في حاجة إلى أن نُدخل في ثقافتنا العامة بعض المستخلصات المركّزة عن المنعطفات الكبرى في ذلك التاريخ و ذلك لأننا إذا لم نستطع أن نقارب بين رؤانا للماضي لم نستطع أن نقارب في فهم الحاضر و إذا لم تتقارب رؤانا للحاضر لم نستطع التخطيط لشأننا العام في المستقبل. (الصفحة 33).
12 - طرفان: أفرط قوم في تقدير التاريخ حتى صار عندهم علم العلوم و ليس أي علم آخر في نظرهم سوى ظاهرة تاريخية و قال قوم آخرون: إنه لا يصلح أن يكون علماً كما لا يصلح للعمل و التطبيق و لذا فإنه لا شيء. (الصفحة 34).
13 - مجتهد: المؤرخ إذ يرسم صورة لحادثة تاريخية مجتهد يستخدم كل مركّبه العقلي العام و مزاجه و خياله و منهجيته و كل ما يريد من وسائط و أدوات معرفية، و لهذا فإن عمله بالتالي يحتمل الصواب و الخطأ. (الصفحة 34).
14 - بناء انتقائي: من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي هو الانتقائية فالروايات المتعددة و المتضاربة أحياناً حول حادثة من الحوادث تملي على المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة و حين تتوفر معلومات كثيرة حول واقعة ما فإن المشكلة لا تزول و لكن تتبدى في ثوب آخر و سيظل على المؤرخ أن يقوم بالترجيح و إلا خنقه سيل الأخبار المجدبة التي لا يربط بينها أي رابط. (الصفحة 34).
15 - تعليل و تعميم: من المعلوم جيداً أن اليونان اخترعوا (التعاليل) من أجل تلافي الثغرات التي يتركها الاستقراء الناقص و ما يستخدمه المؤرخ من تفسير و تعليل و تأويل في تشخيص الحدث التاريخي قد يعتمد على بعض الحقائق التاريخية لكن المؤرخ يحتاج إلى تعميم المفاهيم المتعلقة بطبيعة الناس و ميولهم و سلوكهم من أجل تمليك القارئ رؤية متماسكة و منطقية للحادثة التاريخية و هذا يجعل المؤرخ في دائرة المجازفة و سوء التقدير.
16 - تساؤل: يحتاج فهم ما يكتبه المؤرخ أن نحاول قراءة ما بين السطور و طرح عدد من الأسئلة المتعلقة بعمله و سيكون في إمكاننا أن نتساءل عن مدى قدرة المؤرخ على ترك مسافة واعية بين رأيه الشخصي و بين الأحداث التي يؤرخ لها أي محاولة تجنب الدمج بين رؤيته الشخصية للحدث و بين المعطيات و الحيثيات المكونة له. (الصفحة 36).
17 - التباس: مهما بذل المؤرخ من جهد من أجل تعريفنا بالماضي فإنه لن يستطيع إلا أن ينقل لنا صورة غامضة و ملتبسة و ذلك لأن الأحداث المحكية هي في الغالب على صلة بالإنسان و ما كان كذلك فإنه سيظل بينه و بين الوضوح مسافات طويلة و لا أذكر أنني في يوم من الأيام قرأت معناً تاريخياً يقدم إجابات شافية على كل التساؤلات التي تثور في ذهن القارئ و الحقيقة أن المؤرخ ليس مطالباً بذلك و لا يستطيع تقديمه. (الصفحة 36).
18 - صناعة دقيقة: صناعة التأريخ صناعة دقيقة للغاية والعمل فيها يتطلب شفافية عالية و خبرات متنوعة في عدد من العلوم الاجتماعية كالسياسة و الاجتماع و الاقتصاد و الحقيقة أن الماضي الذي نسرد أخباره و وقائعه يملك على نحو استثنائي أن يكون مصدراً لتجديد وعينا كما يمكن له أن يكون مصدراً لبلبلته و إرباكه. (الصفحة 36).
¥