[هل استعان أبو بكر الصديق بالمرتدين أثناء الفتوحات؟]
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 10:13 ص]ـ
سؤال للمختصين بالتاريخ فقط -- هل استعان أبو بكر الصديق بالمرتدين أثناء الفتوحات؟
و أهمية السؤال تأتي من شبهة للمستشرقين الذين يزعمون أن جميع الذين قاموا بتلك الفتوحات العظيمة لم يكونوا سوى مرتدين مكرهين على القتال!
نرجوا الرد العلمي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
أخي العزيز: أسد الإسلام:
أولاً: من قال إنك تثقل عليّ بأسئلتك؟! بل على العكس أخي أنت لا تعلم مدى سعادتي برسائلك وأسئلتك التي تصلني.
عموماً: خيراً فعلت بأن طرحت الموضوع هنا، خاصة و أنه موضوع مهم، و قد وقع فيه كثير من الكتاب والمؤلفين واتهموا أقواماً – يدخل من ضمنهم الصحابة بلا شك - بالردة معتمدين على لفظ التعميم: (وقد ارتدت العرب جميعاً، ولم يبقى سوى مكة والمدينة وبعض المناطق بينهما)، أو قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (14/ 572): (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة واشرأب النفاق).
ثم تأتي هذه الشبهة من المستشرقين: (أنه طالما قد ارتد كل العرب ما عدا مكة و الطائف و المدينة فلا بد أن جيوش الفتوحات كان فيها الكثير من المرتدين)، و إذا قلنا لهم: أنهم أسلموا، قالوا: (إما إن إسلامهم سطحي لأنهم جديدون به، بل مكرهون عليه)، و إما يقولون: (أنهم لم ينضموا للإسلام بالأصل فالحرب كانت لإجبارهم على الزكاة و بالتالي فلا دليل على أنهم قد دخلوا للإسلام)!
و للرد على هذه الشبهة نقوم أولاً بإبطال زعمهم بأن جميع العرب قد ارتدوا، فإن بطلت هذه الشبهة بطلت شبهتهم الأخرى التي تعتبر نتاجاً لها، فإن بطلت الشبهة الأولى و نتيجتها، لا يكون بعدها مجال للقول بأن المرتدين شاركوا في حركة الفتوحات الإسلامية.
و قد كنت قد كتبت منذ فترة طويلة، بحث مصغر حول موضوع ردة القبائل العربية، تناولت فيه و بنظرة شمولية و سريعة، جانباً هاماً من جوانب فتنة الردة التي حدثت في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إثر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، و هذا الجانب هو:-
1 - من هم الذين ثبتوا على الإسلام في هذه الفتنة؟
2 - و هل ارتد كل العرب كما يقول بعض الكتّاب؟
3 - أم ارتد معظمهم كما يقول البعض الآخر؟
و تبرز هذه النظرة، حقائق تاريخية هامة مستخلصة من بعض المصادر و المراجع المعتمدة في تاريخ هذه الفترة، حيث تدل على أن القبائل و الزعماء و الأفراد المسلمين خارج المدينة و مكة و الطائف، لم يرتدوا جميعاً أو معظمهم كما حاول أن يفهمنا بعض الكتّاب.
و إن هذه النظرة سوف تصحح مفاهيم بعض الذين تناولوا هذه الفتنة بشيء من التعميم، أو عدم الدقة و الموضوعية أو النظرة الجزئية، بل إن مثل هذا التناول من جانب بعض الكتّاب المسلمين، يدخلهم في محظور شرعي و هو اتهام بعض الصحابة بالردة، و وصف خير القرون بأنه قرن فتنة شملت معظم المسلمين، و من بينهم الصحابة رضي الله عنهم، و في هذا مخالفة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). أخرجه: البخاري (3650) و مسلم رقم (6424).
ثم إن مثل هذا المنهج في تناول تاريخ هذه الفترة يعطي لأعداء ديننا من مستشرقين وملاحدة ومن سار على نهجهم، الحجج التي يطعنون بها في الإسلام، و بأنه كان ضعيفاً، وأن دخول الناس فيه كان شكلياً وكان رهبة لا رغبة ولا عن اعتقاد.
فالباحث لا ينكر وجود المنافقين في المجتمع الإسلامي، داخل المدينة و خارجها كما هو مبسوط في القرآن الكريم، و خاصة سورة المنافقين و التوبة حتى إنه عرفت الأخيرة بالفاضحة أو الكاشفة، هم الذين نزل فيهم قول الله تعالى {و ممن حولكم من الأعراب منافقون و من أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم …}
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
¥