تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فى عام 1095 أعلن البابا أوربانو ضرورة "استرداد" بيت المقدس من أيدى المسلمين، ولكى يحشد متطوعين لذلك أعلن أن الاشتراك فى الحروب الصليبية يعدل التوبة عن أى ذنب، ويستحق صاحبه الغفران. بعد ذلك أصبح من يشارك فى نفقات الحروب يستحق الغفران كذلك، ثم أصبحت صكوك الغفران تباع للمساهمين فى نفقات تشييد كاتدرائية القديس بطرس، وبعد ذلك أصبحت تلك الصكوك تباع بأثمان زهيدة ولأى سبب.

الأمر الغريب هو أن الحملات الصليبية أتت بنتائج غير تلك التى كانت تتمناها الكنيسة الكاثوليكية، فقد عاد المتطوعون إلى أوربا وهم يحملون مبادئ تخالف الكاثوليكية. وقد خشيت الكنيسة الكاثوليكية من حدوث انشقاقات عليها، ولهذا فقد أرسل البابا إينوثينثيو الثالث حملات تفتيشبة حققت بعض النتائج المرجوة منها إلا أن المخالفات استمرت. وأخيرا دعا البابا إلى القيام "بحملات صليبية داخلية" فى جنوب فرنسا عام 1208، وكان المشاركون فى تلك الحملات يحصلون على الغفران ويحصلون كذلك على الأراضى المصادرة من "الملحدين"، مما جعل عدد المشاركين يصل إلى 500 ألف متطوع. وقد استولى المتطوعون على مدينة بيزيرس Beziers وذبحوا ستين ألفا من سكانها من بينهم نساء وأطفال. وكان الجنود يسألون القساوسة: كيف نفرق بين المسيحى المخلص والملحد؟ فكانوا يجيبونهم: اقتلوا الجميع وسيتولى الرب التمييز بين الفريقين.

رغم كل ذلك إلا أن "الإلحاد" استمر فى تولوز، مما أدى إلى استمرار الصراع حتى عام 1253، وكان البابا قد أصدر أمرا بإنشاء محكمة التفتيش البابوية عام 1215. إزاء المجازر التى ارتكبت ضد أبرياء فى جنوب فرنسا تصاعدت صيحات الاحتجاج فى أنحاء عديدة من العالم المسيحى، مما ترتب عليه عقد اتفاقية تولوز عام 1229 التى أقرت إنشاء محكمة التفتيش.

بالإضافة إلى كل ما تقدم كان البابوات يحثون ملوك أوربا على إصدار قوانين تعاقب جريمة "الإلحاد" بالإعدام، وقد استجاب الامبراطور فيديريك الثانى لنداء البابا اينوثينثيو الثالث وأصدر قانونا يعاقب "الملحد" بالإعدام حرقا، وبمرور الوقت كان البابوات يدعون الملوك الآخرين إلى سن قوانين مشابهة.

كانت الأحكام التى تصدرها المحكمة قابلة للاستئناف أمام البابا، وكان البابا يلغى الأحكام عادة نظير مبلغ يدفعه المتهم أو نظير خدمة تراها الكنيسة ضرورية. وكانت محكمة التفتيش البابوية أحيانا تصدر "عقوبات دينية" ضد من يخالف المنهج الذى تسير عليه الكنيسة، منها حضور جلسات وعظ، وأداء صلوات وصيام وغير ذلك.

ب-محكمة التفتيش الإسبانية

نشأت محكمة التفتيش الإسبانية عام 1478 بقرار من الملكين الكاثوليكيين فيرناندو وإيسابيل. ربما كان السبب الأول فى إنشائها هو تحول كثير من اليهود إلى المسيحية عام 1391 بعد تعرضهم لضغوط شديدة، مما جعل ذلك التحول ينقصه الصدق. لذلك، ففى القرن السادس عشر كان هؤلاء المسيحيون محل ريبة المسيحيين القدامى.

بعد وفاة إنريكى الرابع ملك قشتالة آل عرشه إلى أخته إيسابيل عام 1465، وقد تزوجت الملكة الجديدة من فيرناندو الذى تولى عرش أراغون بعد وفاة خايمى الثانى.

كان القسيس الذى تعترف أمامه الملكة إيسابيل هو توماس دى توركيمادا الذى كان له نفوذ فى القصر. استمع توركيمادا إلى شكاوى المسيحيين القدامى فبدأ يتحدث عن أهمية إنشاء محكمة تفتيش فى قشتالة.

فى عام 1478 اكتشفت مجموعة من الأشخاص فى أشبيلية تمارس طقوسا غير معهودة فى الديانة المسيحية، وهذا ما أقنع الملكة بأن تطلب من سفرائها فى روما إذنا من البابا لإنشاء محكمة تفتيش فى قشتالة وأراغون.

وقد أصدر البابا سيكستو الرابع مرسوما فى نوفمبر عام 1478 يأذن فيه لملكى إسبانيا بتعيين أعضاء محكمة تفتيش، وقد وصل أعضاء المحكمة بالفعل إلى أشبيلية فى ديسمبر عام 1480 وحاكموا مجموعة من اليهود المنصرين وأصدروا حكما بإعدام بعضهم حرقا فى 6 فبراير عام 1481.

وتختلف محكمة التفتيش الإسبانية عن محكمة التفتيش البابوية، من حيث أن أعضاء المحكمة الإسبانية يعينهم الملك لا البابا، وعليه فإنهم موظفون فى الدولة ويخضعون لسياساتها. وهناك اختلاف آخر يتمثل فى أن الأحكام التى تصدرها المحكمة الإسبانية لا يمكن استئنافها فى روما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير