تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والدليل على دخول أبي كاليجار في الإسماعيلية ما ذكره في رسالته الجوابية إلى هبة الله: «إني سلمت نفسي وديني إليك، إنني راضٍ بجملة ما أنت عليه» (6).

وكان نشاط الدعاة العبيديين في العراق وفارس ـ جنوب إيران ـ، إلى جانب رسائل إخوان الصفا (7) في البصرة، والنشاط الصوفي المكثف الذي امتزج بالفلسفة (8) حتى سمّاهم الغزالي (الصوفية المتفلسفة) (9) وتقاربها مع الشيعة على أساس وجود مبادئ متشابهة؛ حيث تتقارب شخصية علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ الشيعية والصوفية في موضوع التقديس الغالي للأشخاص فضلاً عن الأبوة العضوية والروحية للطرفين؛ كل ذلك قد مهّد الأرضية المناسبة لظهور حركات الغلو الباطنية الممزوجة بالتشيّع والتصوّف الفلسفي تحت مسميات متعددة، كـ: الحروفية

(1)، والبابية (2)، والبكتاشية (3)، والمشعشعية (4)، ولا سيما أن قضاء المغول على الخلافة العباسية سمح للصوفية بتطوير عقائدهم والسير بها خطوات أخرى؛ حيث أعرضوا عن الحل الجزئي لتحلّ محلّه فكرة الاتحاد المطلق مع الله ـ جلّ جلاله ـ الذي يُعنى به (وحدة الوجود).

أما الجانب الشيعي فتمَّ الاعتراف بهم كمذهب رسمي للدولة في عهد سلطانهم (أولجايتو خدابنده) سنة 709هـ/1309م، وهذا ما أدَّى إلى أن تكتسح أفكار هؤلاء مساحات واسعة من أقاليم المشرق الإسلامي؛ كـ: خوزستان (عربستان)، وفارس، والجبال (كردستان ولورستان الحالية)، وأذربيجان، وطبرستان. وهذا ما سهل مهمة الدعوة الصفوية (5)؛ حيث ابتدع لها الأرضية المناسبة لانتشار مثل هذه الأفكار والأطروحات الغالية البعيدة عن أسس ومرتكزات الإسلام الصحيح الذي دعا إليه سيد المرسلين نبينا محمد بن عبد الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ والتي قادها الشاه إسماعيل الصفوي (6) (893 ـ 931 هـ/1487 ـ 1524م) الذي فرض التشيّع بالقوة والقسوة الشديدة (7)، حتى أصبحت غالبية أقاليم إيران شيعية ابتداءً من سنة 908هـ/1502م، وهذا ما انعكس على الأقاليم التي يسكنها الكرد؛ حيث دخل بعضهم في التشيّع (8). وهم قلّة لا يتجاوزون خُمسَ عدد الكرد في الوقت الحاضر.

- الدوافع غير المباشرة لتشيّع بعض الكرد:

مهما يكن من أمر؛ فإن هناك عدة دوافع أخرى حَدَتْ ببعض القبائل والتجمعات الكردية في الجزء الجنوبي الشرقي من كردستان إلى اعتناق التشيّع وجعله مذهباً لهم، وتوزعهم على عدة فرق تبعاً لانقسام التشيّع إلى مجموعات، كـ: التشيّع الإثني عشري (الجعفري) ـ في كردستان العراق وإيران ـ، والنصيري (العلوي) ـ في كردستان تركيا ـ، والعلي إلهية ـ في كردستان إيران ـ، وأهل الحق والكاكائية والصارلية ـ في كردستان العراق ـ، وغيرهم. ومن هذه الدوافع:

1 ـ الحملات العسكرية الغاشمة التي بدأها الشاه إسماعيل الصفوي (1502 ـ 1524م) عندما جعل نصب عينيه تشيّع سكان الهضبة الإيرانية بالقوة، وكان من نتائجها أن دخلت بعض هذه التجمّعات الكردية في التشيّع.

2 ـ وجود العديد من المعابد الزرادشتية والمذاهب المجوسية الأخرى في المنطقة وانعكاسها على العادات والتقاليد الكردية؛ مما أدَّى إلى ضعف الوازع الإسلامي عند هؤلاء الكرد الساكنين في هذه المناطق؛ فمجرد وصول فكرةٍ ما، لا سيما إذا كانت مشفوعة بقوة السلاح، فلا غرو أن يعتنق هؤلاء الفكرة الجديدة.

3 ـ وجود تركّز يهودي قديم في هذه المنطقة (محافظتي كرمنشاه وعيلام حالياً) وسط غرب إيران، يرجع إلى أيام السبي البابلي الذي قام به الملك الكلداني (نبوخذ نصّر) سنة 586 ق. م، وانتقال العديد من اليهود إلى هذه المنطقة بقصد التجارة وغيرها من أساليب العيش؛ مما ترك أثراً واضحاً في البنية الذهنية والاجتماعية لهذه التجمعات الكردية؛ حيث أشار إلى ذلك الرحالة المسلم (المقدسي) عندما ذكر وجود عدد كبير من اليهود في إقليم الجبال، وذكره أيضاً الرحالة والضابط البريطاني (راولنسون) في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي عندما تطرق إلى العديد من الأسماء اليهودية لكُرد هذه المنطقة، مثل: داود، وسليمان، وإسحاق، وبنيامين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير